صحيح ان المدرب يوب هاينكس كان العقل المفكر وراء الانجاز الاستثنائي الذي حققه بايرن ميونيخ بإحرازه لقب الدوري الالماني لكرة القدم قبل ست مراحل على نهاية البطولة، لكن هذا الامر لا يمكن أن يُسقط الكلام عن الوصول المرتقب للمدرب جوسيب غوارديولا في موازاة الاحتفالات باللقب المحقق. الحديث هنا هو عن الاسئلة التي يطرحها كثيرون حالياً ومفادها: لماذا يستبدل بايرن مدربه الحالي؟ وإلى أي مدى ستسبّب الانجازات التي يصيبها الاخير حالياً ضغطاً على غوارديولا؟ وهل إحراز بايرن للقب دوري ابطال اوروبا سيحرق المدرب الاسباني قبل وصوله الى بافاريا؟

أسئلة جديرة بالطرح، وخصوصاً أنه لا يمكن إغفال أن بايرن يقف حالياً امام انجاز تحقيق ثلاثية نادرة هذا الموسم، ليكون هاينكس بالتالي قد أصاب كل ما وصلت اليه يداه، تاركاً لخليفته وجع الرأس، لكون الجماهير البافارية لن تنفك عن المقارنة بين الرجلين انطلاقاً من قاعدة: هاينكس فعلها هنا، فهل يقدر غوارديولا على تكرارها؟
عموماً، يمكن اعتبار انه حتى لو فاز بايرن مع هاينكس بكل شيء هذا الموسم ولم يفعلها مع غوارديولا في الموسم المقبل، فإنه لا يفترض حرق أوراق الكاتالوني، لأن المشروع المنوط به يختلف نسبياً عن ذاك الذي رُبط بالمدرب الحالي، إذ إن الهدف من استقدام هاينكس كان استرداد اللقب المحلي، وهو الامر الذي فشل فيه الرجل في موسمه الاول. أما في ما يختص بغوارديولا، فإن بايرن ينظر الى مشروعٍ تطويري يمكن البناء عليه للمستقبل من أجل السيطرة على الكرة الاوروبية على غرار ما كان عليه الامر مع «القيصر» فرانتس بكنباور وعصبته في إحدى فترات سبعينيات القرن الماضي.
المطلوب من غوارديولا هو خلق نظام لعب موحّد في النادي على غرار ما كان عليه الامر في برشلونة، ما يضمن استمرارية النجاح لفترة طويلة. أضف أن المطلوب أيضاً هو تطوير العناصر الموجودة لإيصالها الى تقديم أقصى امكاناتها، وهو الامر الذي برع فيه هاينكس بشكلٍ واضح في الموسمين الماضي والحالي، حيث أبرم صفقات ناجحة تماماً كتلك التي حملت الكرواتي ماريو ماندزوكيتش الذي حجب نجومية الهداف الدولي ماريو غوميز، اضافة الى البرازيلي دانتي الذي كان ضمانة الدفاع وافضل صفقات بايرن منذ فترة طويلة. كذلك، يمكن القول إن الاسباني خافي مارتينيز أكد أن المبلغ القياسي الذي دفعه بايرن للتعاقد معه استحقه عن جدارة. وهؤلاء الى جانب طوني كروس ودافيد ألابا، قام هاينكس بتطوير مستواهم، في موازاة تمتعه بشجاعة كبيرة في خياراته، مُبعداً مثلاً الهولندي أريين روبن عن التشكيلة الاساسية بشكلٍ لم يكن أي مدربٍ آخر ليقوم به.
إذاً بايرن يترك أحد أفضل مدربي العالم هذا الموسم (إذا لم يكن أفضلهم) ليضم الأفضل أيضاً، في خطوة قد لا تكون ظروفها مدمّرة لغوارديولا في حال تطرقنا الى النجاحات التي أصابها سلفه والتي قد يصيبها لاحقاً، بل انه قد يكون من الشاكرين له لأنه سيترك خلفه فريقاً جاهزاً وناضجاً للاندماج مع الاسلوب الاستثنائي الذي يتوقع أن يدخله «بيب» الى النادي البافاري، حيث قد يفاجأ كثيرون إذا علموا أن إدارة بطل المانيا ترى أن فريقها لا يزال ينقصه الكثير من أجل أن يصل الى مستوى ما يسمى «فريقاً تاريخياً» على غرار ذاك الفريق الذي أبهر العالم مع «بيب» هناك في برشلونة.