لن يحتاج المتابع للدوري الإنكليزي في كرة القدم الى كثير عناء ليعثر على اللاعب الأكثر شعوراً بالسعادة في الوقت الحالي في انكلترا. هناك، في مدينة مانشستر، تكاد الأرض لا تسع الأرجنتيني كارلوس تيفيز لاعب الفريق الأزرق في المدينة في هذه الأيام. سعادة «الآباتشي» ليس مردها الأهداف الأربعة عشر التي سجلها حتى اللحظة بقميص «السيتيزينس» هذا الموسم (9 في الدوري و5 في الكأس)، كان آخرها ثلاثية في ربع نهائي المسابقة الثانية، اول من أمس، في المباراة أمام بارنسلي، ولا الأهداف التسع التي نجح في صناعتها (7 في الدوري واثنان في الكأس في المباراة المذكورة) ولا وصوله الى «الهاتريك» رقم 5 مع سيتي ولا تسجيله في المباريات الأربع الأخيرة لفريقه. كل هذه الأرقام ليست بغريبة على «كارليتوس» في مسيرته التي انطلقت في بوكا جونيورز في بلاده ومن ثم في كورينثيانس البرازيلي؛ فوست هام ومانشستر يونايتد، وصولاً الى جار الأخير سيتي. سعادة تيفيز كانت تحديداً في الدقيقة 76 من مباراة اول من امس، عندما وقف جمهور ملعب «الاتحاد» مصفقاً للاعبه الأرجنتيني قبل أن يلقى تحية من مدربه الايطالي روبرتو مانشيني. هذه اللحظة، لا شك، حملت الكثير من المعاني بالنسبة إلى «كارليتوس»؛ إذ إنه أدرك أخيراً انه نجح في تحقيق الأهم بالنسبة إلى أي لاعب وهو الدخول الى قلوب جماهير فريقه.
عمل كبير قام به «الأباتشي» لكي يصل الى هذه المرحلة. ورغم أن الوقت كان طويلاً ليصيب «كارليتوس» مبتغاه، الا أن الضغوط التي عاشها اللاعب في مانشستر لم تكن، في المقابل، قليلة على الاطلاق؛ اذ ليس من السهل على لاعب أن ترفع جماهير فريقه لافتات خلال المباريات تدعو الى رحيله، وأن تقوم مجموعة منها بحرق قميصه بجانب ملعب النادي وأن يتّحد عليه مشجعو يونايتد وسيتي للمرة الاولى ويرموا قميصه في حاوية جابت شوارع مدينة مانشستر وخُصصت لذلك فقط تحت اسم «هنا توضع قمصان تيفيز»، وتقوم ادارة سيتي بإيقافه، ويقول مدربه بوضوح تام: «سأكون سعيداً إذا ما وجد نادياً، فإن ذلك سيكون مفيداً لنا وله»، أن يعود الى الأضواء بعد كل تلك المصاعب و«المصائب».
ما يحسب لتيفيز هنا أنه تمكن من الحفاظ على رباطة جأشه طوال كل تلك الفترة ازاء الضغوط التي كانت تطارده في الملعب وعلى صفحات الجرائد، حتى غدا «الأكثر كرهاً» في انكلترا وهو قبِل التحدي بمواجهة الجميع. واذا كان «كارليتوس» قد استفاد على اكمل وجه من الفرصة التي أتيحت له في هذا الموسم مع الإصابات المتكررة لمواطنه سيرجيو أغويرو ومشاكل الايطالي ماريو بالوتيللي ورحيله الى ميلان، فإن ما يحسب لتيفيز، قبل كل شيء، أنه عمل بجد على الشق الذهني في شخصيته، وتحديداً ضبط انفعالاته وتصرفاته التي سببت له الكثير من المتاعب وأشهرها، على سبيل المثال في الشق الأول، واقعة رفضه الدخول احتياطياً في الشوط الثاني في المباراة أمام بايرن ميونيخ الألماني في دور المجموعات لدوري أبطال أوروبا الموسم الماضي، وفي الثاني رفعه للافتة كتب عليها «أرقد بسلام يا فيرغيسون» وذلك بعد تتويج سيتي باللقب في ذات الموسم أيضاً. «الأباتشي» في أحلى أحواله في الآونة الأخيرة إذاً، وهو لم يخف قبل أيام بأن هناك «اثنين تيفيز: الأول من الماضي وكان يعاني من مشاكل واضطراب في مزاجيته، والثاني الآن وهو عكس ذلك تماماً».