اسبانيا بطلة العالم وأوروبا، والاوروغواي بطلة أميركا الجنوبية، تتواجهان الليلة في العاصمة القطرية الدوحة. مواجهة بعنوان كبير تنضم الى سلسلة مباريات دولية ودية استضافتها قطر في الاعوام الاخيرة، حيث ان الهدف الاساس هو تحويل «استاد خليفة» الى محجٍّ يفتح ذراعيه لكل محبي المتعة الكروية حول العالم. وبالطبع يكون هذا الكلام مبسّطاً اذا ما اردنا اعتبار ان القيّمين على كرة القدم القطرية يهدفون من خلال استضافتهم هذه المباريات الضخمة، الى تقديم طبق كروي دسم الى ابناء الامارة انطلاقاً من واجباتهم تجاه المواطن الشغوف باللعبة الشعبية الاولى. وهنا تتفرع اسباب كثيرة لهذا الاهتمام القطري باستقدام المنتخبات العالمية لمواجهة بعضها بعضاً في «استاد خليفة» من دون ان يكون المنتخب القطري طرفاً في اي منها.
أول هذه الاسباب هو القرار الذي اتخذته الامارة الخليجية سابقاً بتحويل نفسها عاصمة الرياضة في الشرق الاوسط، فبدأت الملفات الخاصة بطلبات استضافة الاحداث الرياضية تنافس اهم البلدان على طاولة الاتحادات العالمية، وقد حصلت قطر بالفعل على شرف تنظيم تظاهرات رياضية مهمة في الاعوام القريبة الماضية. وهذا التوجّه يمكن وضعه ضمن التنافس الخليجي – الخليجي ايضاً، إذ انه بعدما كانت السعودية مركزاً جاذباً للاحداث الرياضية في تسعينيات القرن الماضي، انتزعت الامارات عبر دبي وابو ظبي منها هذا الامتياز في الالفية الجديدة، وذلك حتى قرر القطريون أداء الدور الاساسي على هذا الصعيد.
ويبرز المثال على هذه النقطة من خلال عملية بيع تذاكر مباراة اسبانيا والاوروغواي، اذ بحسب اللجنة المنظمة فان الاقبال كان كبيراً عليها من دول مجاورة وتحديداً من الامارات والسعودية، لتصبح واضحة الوجهة الجديدة للمواطن الخليجي الراغب في متابعة حدث رياضي كبير.
وفي موازاة اجتذاب الجيران للاحداث التي تستضيفها قطر، فان عاملاً جاذباً آخر يجري العمل عليه في الامارة الخليجية لتعزيز الحضور الكروي. فهناك في قطر تبدو الصورة واضحة بهذا الشأن، اذ ان المواطنين لا يُقبلون على نحو كبير على مباريات الدوري المحلي وحتى غالبية مباريات المنتخب الوطني، حيث يظهر الحضور الجماهيري خجولاً، وبالتالي فان لقاءات على مستوى عالٍ ستزيد من رغبة المواطنين في متابعة الكرة من المدرجات مباشرة لا عبر شاشات التلفزة، التي تحظى بالتأكيد بنسبة مشاهدة اكبر من تلك التي تعرفها الملاعب المختلفة رغم تطبيق الاحتراف واستقدام نجوم اصحاب اسماء رنانة، كان آخرهم الكابتن التاريخي لريال مدريد الاسباني راوول غونزاليس، الذي يدافع عن الوان السد، والمهاجم الفرنسي المعروف جيبريل سيسيه الذي انضم حديثاً الى الغرافة...
العمل القطري لا يرتبط بالاهداف الكروية او الرياضية فقط، اذ ان تسويقاً حقيقياً لصورة قطر يجري العمل عليه من خلال مباريات عالمية تكلّف الدولة القطرية مبالغ كبيرة، لكن لا مشكلة على هذا الصعيد في ظل توافر الاموال، اضف انه لا مشكلة في دفعها طالما ان الهدف الرئيس هو تحسين صورة الدولة على الصعيد العالمي في شتى المجالات، حيث يعمل القطريون بقوة على فرض حضورهم السياسي والاقتصادي وحتى الثقافي بين كبار العالم.
ومما لا شك فيه ان اعلان اللجنة المنظمة لمباراة اسبانيا والاوروغواي أن اقبالاً على شراء تذاكر المباراة من مشجعين في الولايات المتحدة واوروبا، ليس سوى بلوغ هدف منشود، وهو التوضيح بأن قطر قادرة على جمع الثقافات المختلفة من خلال استراتيجياتها الخاصة.
وعموماً لا يخفى ان القطريين، وعلى الصعيد الكروي تحديداً، يحتاجون اليوم الى تنظيم احداث من هذا النوع دون سواها، وذلك في ظل علامات الاستفهام التي تحيط بالملف الناجح الخاص باستضافة نهائيات كأس العالم 2022. وما حضور ابطال العالم واوروبا الى الدوحة سوى اعتراف بالوجود الكروي لقطر على الخارطة العالمية. كذلك، فان القطريين وعبر هذه المباريات سيقدّمون صورة مختلفة عن تلك القاتمة التي انطبعت في اذهان العالم حول عملهم للحصول على الانتباه، بعدما اثار الملف المونديالي غضباً عالمياً واسع النطاق على خلفية التقارير التي اتهمت قطر بشراء الاستضافة. أما النقطة الاخيرة، فهي تذهب نحو بعد آخر يرتبط بالتأكيد بمسألة مفادها أن نجوم العالم لا يجدون مشكلة في القدوم الى قطر، وهم سيحبّون خوض المونديال في الامارة الخليجية وسط الاعتراضات الكثيرة القائلة بأن البلاد ليست المكان المثالي لاستضافة اكبر تظاهرة كروية، وهي بطقسها وتاريخها الكروي الخجول ليست المكان المفضل لنجوم اللعبة وجماهيرها.



بيكام لا يعمل للقطريين

لن يكون النجم الإنكليزي ديفيد بيكام سفيراً لمونديال 2022 الذي تستضيفه قطر. هذا ما أكدته صحيفة «مايل أونلاين» البريطانية، نقلاً عن مصادر قطرية، مستبعدة اي ارتباط بين قدومه الى باريس سان جيرمان الذي يملكه القطريون، وشغله منصباً داعماً للجنة المنظمة للمونديال، التي كانت قد استقطبت أسماءً كروية مهمة لتسويق ملف الاستضافة.