هو ليس راداميل فالكاو ولا سيرجيو أغويرو ولا زلاتان إبراهيموفيتش ولا كريم بنزيما ولا دييغو كوستا، ولا غيرهم من نجوم الهجوم الذين يحتلون العناوين ويسرقون كامل الأضواء. هو لم يرتد قميص ميلان أو يوفنتوس أو ريال مدريد أو برشلونة أو مانشستر يونايتد أو بايرن ميونيخ أو غيرها من الفرق الكبرى، لكنه، رغم ذلك، نجم واسم كبير كهؤلاء. هو فقط يختلف عنهم في أنه في الظل ولم يحظ بالأضواء والشهرة مثلهم، ربما، أو بالتأكيد، لأنه آثر البقاء مع فريق اسمه أودينيزي من الصف الثاني في إيطاليا. هو لاعب عاشق للكرة ومتفانٍ لها ولفريقه ويمتهن تسجيل الأهداف، واسمه أنطونيو دي ناتالي.
لو نتخيل فقط أن دي ناتالي لعب لأحد الفرق السالفة، تُرى كم كانت ستبلغ نجومية هذا اللاعب، وكم كان اسمه سيُذكر في العناوين، ويحفظه التاريخ؟ بالتأكيد بالقدْر الحاصل حالياً مع مهاجمين كهؤلاء السالفي الذكر وغيرهم. لكن الوفاء والإخلاص للفريق الأحب على القلب مكلف في عالم الكرة، وله ضريبته التي قبِلها، على الرحب والسعة، دي ناتالي بعد أن رُبط اسمه مراراً بالانتقال إلى أحد الفرق الكبرى في إيطاليا، بينما كشف اللاعب قبل فترة أن ليفربول كان قريباً من ضمه عام 2008،
وصل دي ناتالي إلى الهدف الرقم 200 في الدوري الايطالي

إلا أنه فضّل إكمال المشوار مع أودينيزي الذي فتح له أبوابه عام 2004 قادماً من أمبولي، رغم محبته وتقديره لـ»الريدز» وجمهوره وملعبه، على ما يذكر.
هذه المعلومة الأخيرة تُظهر بالفعل كم أن هذا اللاعب كبير ويشكّل عملة نادرة في الملاعب، وهذه العملة تبرق أكثر بالنسبة إلى لاعب يرتدي قميص فريق عادي كان بإمكانه أن يلتحق بأهم الفرق ويحصل على أعلى المرتبات وينتقل من الظل إلى الأضواء، وهذا ما لا يضاهيه فيه أحد، إذ ـ على سبيل المثال ـ بقي النجم الإيطالي الآخر فرانشيسكو توتي، وفياً لفريق كبير هو روما، وكذا جيانلويجي بوفون ليوفنتوس وقبلهما باولو مالديني لميلان والويلزي راين غيغز لمانشستر يونايتد الإنكليزي وغيرهم من النجوم الأوفياء لأندية كبرى على عكس أودينيزي.
وعندما يكون لاعب مثل دي ناتالي في الظل ومع فريق كأودينيزي، فإن خبر وصوله إلى هدفه الرقم 200 في الدوري الإيطالي قبل نحو 10 أيام، وللمفارقة هو هدفه الـ 300 في كل مسيرته وأكثر في مباراته الرقم 400 في الملاعب، يمر مرور الكرام طبعاً في عالم اللعبة وسط الانشغال بالأرقام القياسية للأرجنتيني ليونيل ميسي والبرتغالي كريستيانو رونالدو والتصديات الخارقة للحارس الألماني مانويل نوير وإصابات مواطنه ماركو رويس وغيرها من أخبار «السوبر ستارز»... لكنه الوفاء مجدداً، المكلف كثيراً طبعاً.
لماذا أنطونيو دي ناتالي نجم كبير؟ إذ فضلاً عن استمراره مع أودينيزي رغم العروض الكبيرة التي قُدِّمت له، فأن يصل هذا اللاعب بقميص فريق مثل أودينيزي وقبله أمبولي (أعير بينهما إلى فرق إيبيرزولا وفاريتزي وفياريغيو المتواضعة) إلى الهدف رقم 200 في «السيري أ» ويحتل بها المرتبة السابعة في قائمة الهدافين التاريخيين بحيث يقترب من كسر رقم «الأسطورة» روبرتو باجيو (205 أهداف)، بعد أن توِّج بلقب الهداف مرتين (2010 و2011) في بطولة تشتهر بقوة دفاعاتها ومدافعيها الأشداء، فهذا، قطعاً، تأكيد لهذه النجومية.
لماذا أنطونيو دي ناتالي نجم كبير؟ أن يحتل حالياً هذا اللاعب المرتبة الثانية في لائحة هدافي هذا الموسم بـ 7 أهداف يضاف إليها 4 أخرى سجلها في مباراة واحدة أمام تيرنانا في انطلاق مسابقة كأس ايطاليا، وهو يبلغ حالياً 37 عاماً، فهذا، قطعاً، تأكيد لهذه النجومية.
لماذا أنطونيو دي ناتالي نجم كبير؟ أن يواصل اللعب بهذه السن وبعد الإصابات التي لحقت به، وبعد أن اتخذ قراراً في منتصف الموسم الماضي بالاعتزال في نهايته وعدل عنه تحت وقع دموع نجله وإلحاح أصدقائه وزملائه، ويبقى بهذا الحماس وهذه الفعالية، فهذا، قطعاً، تأكيد لهذا النجومية.
لماذا أنطونيو دي ناتالي نجم كبير؟ لأنه، ببساطة، ابن تلك الأرض في جنوب إيطاليا. ابن نابولي الولّادة، التي تتلمذ شعبها في مدرسة مارادونا.