احدهم جريء ويبدو انه سيسير حتى النهاية، اذ ان ما يرصده هو تنظيف مكاتب الاتحاد الدولي لكرة القدم من كل الشوائب.تصاريح عضو اللجنة التنفيذية في «الفيفا» الالماني ثيو تسفانتسيغر لا تصوّب على قطر بالشكل الرئيس، اذ من يتابع الصحافة الالمانية يدرك بسهولة ان تسفانتسيغر يوجّه سهامه باتجاه المؤسسة التي يؤدي دوراً مهماً فيها، وهو يبدو انه يستخدم الملف القطري الخاص بكأس العالم 2022، وسيلة لشنّ هجماته.

لكن وفي الوقت عينه لا يمكننا اعتبار ان تسفانتسيغر يعمل هنا في اطار مصلحة شخصية حبّاً باحتلال منصب او اي شيء آخر. الرجل المخضرم الذي ترأس الاتحاد الالماني لا يفكرّ بهذا الامر اصلاً، فهو يعرف انه ليس «سيب» بلاتر (رئيس الفيفا)، ولا يمكنه التمديد لنفسه في كل مناسبة سانحة، بل كل ما يعرفه انه سيخلي المنصب الذي شغله منذ عام 2011، في السنة المقبلة.
تسفانتسيغر يعلم ان هناك مشكلة جوهرية في «الفيفا»، وهي ترتبط بكثير من الجوانب التي لم يكن لها اي علاقة بالملف القطري اصلاً. والمشكلة الاساسية التي يتحدث عنها هذا الاداري المخضرم الآتي من بلاد ابطال العالم لا من بلدٍ كروي عادي، هي «الشفافية».
وهذه الكلمة قد تجدها اليوم في كل اروقة «الفيفا» في زيوريخ، وصولاً الى كل مكاتبه حول العالم.
ومعنى الحديث هنا ان ما يحصل لا يرتبط بقضية المونديال القطري تحديداً او الكشف عن تقرير المحقق الاميركي مايكل غارسيا امام الرأي العام. الحديث هنا عن حاجة «الفيفا» الى توضيح العديد من الامور، وهو امر سبق ان اثار شركاء كثيرين يعملون معه في عقودٍ مبرمة بالملايين.
مشاكل «الفيفا»
ابعد من الشبهات حول المونديالات المقبلة

قد يكون «الفيفا» محقاً في عدم نشر ما تضمنه تحقيق غارسيا حول المونديالين الروسي والقطري، وذلك بهدف حماية الشهود الذين افرغوا ما في جعبتهم من معلومات، لكن الخروج للتأكيد أنه ليس هناك اي شائبة حول احقية البلدين في استضافة التظاهرة الكروية من دون الكشف عن تفاصيل تبرئتهما من اي تهمة سبق ان وجّهت اليهما، سيخلق شكوكاً جديدة وواسعة النطاق. وهذه المسألة اصلاً بغنى عنها روسيا وقطر، فهما تريدان التركيز على جهودهما في العمل لاخراج مونديالين على مستوى عالٍ، وما يثار حول احقيتهما باستضافة الحدث وصل الى حدّ خلق شكوك لدى من عمل لجلب هذا الشرف، وذلك بسبب شدة الحملة الشعواء التي ذهبت الى حدّ اقناع الرأي العام بأن هناك فساداً في الملفين.
الشفافية هي الاساس، وغير هذه المسألة ستجعل السلطة الكروية الاعلى في دائرة الشبهات، ما يعكس سلبيات كثيرة عليها وعلى اللعبة على نحو عام.
كرة القدم تمنح الناس اجمل شعورٍ وتدفعهم الى تعلّم المبادئ الاخلاقية والرياضية واهمية اتباع القواعد من دون اي مواربة، اضافة الى احترام الآخرين. وهنا تكمن مهمة «الفيفا» حالياً في اتباع هذا النهج الذي وضع منذ التأسيس، وذلك لحماية اللعبة التي قد تخسر الكثير من رصيدها.
نعم، خسرت وقد تخسر الكثير جراء ما يتردد عن فسادٍ مستشرٍ في «الفيفا»، وهذا ما دفع الرعاة الاساسيين (سوني، اديداس، هيونداي، كيا، كوكا كولا...) الى الخروج واعلاء الصوت من اجل معرفة حقيقة الجهة التي ترعى مشاريعها. وهنا نتكلم عن دفع هذه الشركات 720 مليون دولار مثلاً من اجل الحضور كرعاةٍ في كأس العالم، وهي بالتالي تريد حماية منتجاتها واسمائها من اي كلام مسيء لصورتها، وهذا بالتأكيد حق مشروع لها.
ومن دون شك ضغط هذه الشركات يدفع الى التوجّه نحو خلق شفافية اكبر لان الامر يرتبط هنا بالمال، وهو عنصر اساسي في تسيير هذه المؤسسة الضخمة.
ايضاً وايضاً التغيير لا يأتي فقط من ناحية العمل على وضع كل المستندات في متناول الرأي العام، بل بسنّ قوانين «دستورية» لا تتغيّر بحسب اهواء، مطامع او طموحات الاشخاص، وربما هنا السؤال عن سبب استمرار وجود بلاتر على رأس «الفيفا»، وهو الذي شارف الثمانين.




مرشح ثالث للرئاسة؟

قد يترشح التشيلياني هارولد ماين نيكولز، الذي ترأس اللجنة الفنية التابعة للفيفا لدراسة طلبات استضافة مونديالي 2018 و2022، والذي سبق ان حذر من اقامة النهائيات في قطر، لانتخابات الرئاسة. وإذا اعلن نيكولز ترشحه رسمياً، فانه سيصبح ثالث مرشح بعد جوزف بلاتر وجيروم شامباني. وقال نيكولز في حديثٍ صحافي: «اتخاذ القرار ليس ضرورياً قبل 28 كانون الثاني المقبل، فالانتخابات في 29 ايار، ولا يزال امامنا اشهر عدة للتحقق من كل شيء وتقويم افضل السبل».