لم تكن الثلاثية الثالثة لنجم ريال مدريد البرتغالي كريستيانو رونالدو في الدوري الإسباني هذا الموسم في المباراة أمام أتلتيك بلباو، الحدث في عطلة نهاية الأسبوع في البطولات الأوروبية الوطنية الكبرى لكرة القدم، ولا حتى فوز يوفنتوس على روما في قمة الدوري الإيطالي ولا أيضاً تعادل باريس سان جيرمان وموناكو في «كلاسيكو» الدوري الفرنسي ولا كذلك الهدف الأول للكولومبي راداميل فالكاو المعار إلى مانشستر يونايتد في الدوري الإنكليزي أمام افرتون.
الحدث صنعته لقطة دامت لثوانٍ معدودة في ملعب «ستامفورد بريدج»، لكنها غزت العالم لساعات وساعات وسال لها الكثير من الحبر... إنها طبعاً لقطة المشادة بين الفرنسي أرسين فينغر، مدرب أرسنال، والبرتغالي جوزيه مورينيو، مدرب تشلسي، في مباراة فريقيهما في قمة المرحلة السابعة من «البريميير ليغ» عندما توجه الأول إلى المنطقة المخصّصة للثاني في محاولة منه للاعتراض على عرقلة لاعب «البلوز» غاري كاهيل للاعب «الغانرز»، التشيلياني أليكسيس سانشيز، فما كان من الثاني إلا أن وقف في طريقه مطالباً إياه بالعودة إلى منطقته، ليقوم الفرنسي بدفعه مرتين قبل أن يتدخل الحكم الرابع ليفضّ النزاع بينهما.
بطبيعة الحال، شكّلت هذه اللقطة مادة دسمة انتظرتها الصحف الإنكليزية طويلاًً بين الرجلين، فيما «تفنن» رواد مواقع التواصل الاجتماعي في تعليقاتهم الساخرة عليها.
بالفعل، لقد استحقت هذه اللقطة أن تكون في الواجهة وأن تستحوذ على كل الأضواء، كيف لا؟ وطرفاها هما مورينيو وفينغر، اللذان يزخر التاريخ بينهما بالعديد من المشاكسات والمناكفات والحروب، لكنها لم تكن تتخطى حدود الكلمات على صفحات الجرائد أو المنابر الإعلامية، لتأتي لقطة ظهيرة الأحد كـ»تطور خطير» للعلاقة بين المدربَين انتقلت خلالها حربهما من لغة الكلام إلى لغة الجسد وذلك على مرأى مئات ملايين المتابعين حول العالم.
ليس مبرراً تصرف
فينغر حتى لو حاول مورينيو استفزازه


اللقطة بحد ذاتها لم تكن صادمة للبعض، غير أن ما كان مفاجئاً فيها لكثيرين هو أن فينغر من بادر إلى دفع مورينيو بصورة أوضحت كم أن الفرنسي يشعر بالحنق من البرتغالي، وهذا مرده، بطبيعة الحال، إلى وصف الأخير فينغر في الموسم الماضي بأنه «متخصص بالفشل» وذلك بعدما استبعد الفرنسي فريق مورينيو من قائمة المرشحين على اللقب، ليرد الأخير قائلاًً: «إذا كان على حق وكنت خائفاً من الفشل فهذا لأن ذلك حصل نادراً معي. ربما أنه على حق، لكن ربما لست معتاداً على الفشل. الحقيقة أنه هو متخصص بالفشل. لم يحقق في 8 سنوات أي لقب، هذا هو الفشل. إذا حصل هذا الأمر معي في تشلسي، فسأغادر لندن ولن أعود إليها أبداً».
في حقيقة الأمر، المشهد الذي كان يتخيله كثيرون في «يوم ما» هو أن يبادر مورينيو إلى حركة عدائية ما تجاه خصمه الفرنسي، كأن يمد قدمه على غفلة من الجميع ليعرقل فينغر، أو يدس إصبعه في عينه على غرار ما فعل مع الراحل تيتو فيلانوفا عندما كان مدرباً لريال مدريد الإسباني والأخير مساعداً لجوسيب غوارديولا في برشلونة، وهذا عائد طبعاً إلى «شهرة» البرتغالي بتصرفاته الغريبة والعدائية والاستفزازية على أرض الملعب، غير أن ما حصل هو العكس، وبصورة واضحة لا لبس فيها تظهر تهجّم فينغر على مورينيو بغض النظر إن كان الأخير حاول اعتراض طريقه أو قام باستفزازه. ما حصل هو أن فينغر وقع أسيراً لدهاء مورينيو ومكره المشهود له بهما في الملاعب.
التاريخ حتى الآن يحكي أن مورينيو لم يخسر في أي مباراة جمعته بفينغر متفوّقاً عليه بـ 7 انتصارات مقابل 5 تعادلات، بينها سداسية نظيفة لا تُنسى في الموسم الماضي في المباراة الألف للفرنسي مع أرسنال. وما سيذكره التاريخ دوماً أن فينغر تهجّم على مورينيو يوم الأحد في الخامس من تشرين الأول لعام 2014، وبدلاًً من أن يسقط البرتغالي أرضاً، فإن الفرنسي هو من سقط في «فخ الداهية».