شتّان ما بين إنتر ميلانو الماضي والحاضر. شتّان ما بين ذاك الفريق الذي ضمّ في مواسم كثيرة أفضل نجوم العالم، وما بين فريقٍ يضم حالياً بقايا لاعبين. إذا أردنا الكلام عن علامات فارقة في العصر الحديث لكرة القدم، نتوقف كثيراً عند إنتر ميلانو، من التسعينيات، وانسحاباً إلى أعوامٍ قليلة مضت، وتحديداً إلى عام 2010 عندما بسط «النيراتزوري» سيطرته على الكرتين الإيطالية والأوروبية. محيّر ما حصل مع إنتر ميلانو، رغم أن الأمر كان متوقعاً في مكانٍ ما بعد رحيل عائلة موراتي وترك الفريق في مهبّ المستثمرين الأجانب، وبين يدي مدربٍ تبيّن أنه محدود بعد اختبارات عدة عاشها في الموسم الماضي وانسحاباً إلى الموسم الحالي، حيث يحسب له بعض اللمسات الفنية التي أثّرت إيجاباً بالنتائج الجيّدة والمحدودة التي أصابها أحد قطبي ميلانو حتى الآن.
بعد ثلاث مراحل على بداية الدوري الإيطالي، يقف إنتر ميلانو في المركز السادس بانتصارٍ وحيد وتعادلين. والفوز اليتيم جاء على حساب ساسوولو المتواضع، فكان القاسم المشترك الذي يمكن إيجاده في المباريات الثلاث الأولى بأن فريق المدرب والتر ماتزاري لا يملك أي هوية واضحة يمكنها أن تترك انطباعاً بأنه قادر على فعل شيء في مواجهة يوفنتوس حامل اللقب وروما وصيفه أو نابولي والغريم ميلان.
هي توقعات، وقد تبقى في هذه الخانة، لكن التشريح الفني يترك انطباعاً بأن الأمور لن تكون جيدة إطلاقاً. وهنا التصويب على استراتيجية ماتزاري على سبيل المثال، والقائمة على تشكيلة 3-5-2. وقد يأتي البعض ليقول إن لاعبي إنتر لا يمكنهم الاندماج إلا مع خطةٍ من هذا النوع، لكن الأمر السيئ أن ماتزاري ذاهب إلى عدم تغيير خطته أيّاً كانت الظروف.
وبطبيعة الحال، قد لا يتحمل الرجل المسؤولية الكاملة بسبب الخيارات المحدودة أمامه، إذ إن الإدارة مذنبة بسبب عدم توفيرها الأموال اللازمة لاستقدام لاعبين يليقون بقميص إنتر ميلانو، فوصول المستثمر الإندونيسي إيريك ثوهير لم يبدّل الكثير في الحال المزرية التي عاشها النادي في المواسم القريبة الماضية.
تبيّن أن ماتزاري هو مدرب محدود من خلال خياراته الكلاسيكية



الواقع أن غالبية انتدابات إنتر فقيرة، بحيث لا تخدم المصلحة العامة للفريق، إذ بدا ـ لشدة الفرحة في «سان سيرو» ـ وكأن «النيراتزوري» وقّع مع نجمٍ كبير عندما ضمّ التشيلياني غاري ميديل الذي يعدّ لاعباً دولياً من الصف الثاني. كذلك فإن توأمه في الدفاع الصربي نيمانيا فيديتش وصل من دون مقابل بعد انتهاء عقده مع مانشستر يونايتد، وهو الذي كان قد انتهى على الصعيد الفني بالنسبة إلى الفريق الإنكليزي.
وبالانتقال إلى الهجوم، فإن لاعباً مثل بابلو أوسفالدو لا يمكنه حمل إنتر على كتفيه، فهذا النادي عاش في أروقته أفضل مهاجمي العالم في فترةٍ من الفترات، أمثال «الظاهرة» البرازيلي رونالدو وكريستيان فييري وروبرتو باجيو والأوروغواياني الفارو ريكوبا. هو النادي نفسه الذي اعتاد دائماً البحث عن الأفضل على صعيد رأس الحربة، لكن الأرجنتيني دييغو ميليتو كان آخر الهدافين الذين يحسب لهم حساب، إذ حتى مواطنه ماورو إيكاردي لن يكون يوماً المهاجم «البعبع» للمنافسين.
المشكلة تتسع أصلاً عند البحث عن المموّلين لخط الهجوم، إذ إن استراتيجية 3-5-2 تعتمد على لاعبي الأطراف، وفي إنتر لاعبان عاديان أولهما البرازيلي جوناثان على الميمنة، الذي لن يكون يوماً على صورة مواطنه مايكون الذي لمع بالقميص الأزرق والأسود. أما ثانيهما الذي يشغل الميسرة، فهو الياباني يوتو ناغاتومو ذو المستوى العادي مقارنةً بما يحتاجه إنتر.
أمرٌ وحيد يحتسب لماتزاري هذا الموسم، وهو تحويله الصربي الشاب ماتيو كوفاسيتش إلى نجمٍ عبر توظيف قدراته في مركز الوسط الهجومي عوضاً عن ذاك الدفاعي الذي شغله في الموسم الماضي.
تغييرات بسيطة، وخيارات ضئيلة، والواقع يقول إن إنتر يحتاج إلى مجموعة جديدة بالكامل، فهو حالياً نادٍ من دون فريق.




كوفاتشيتش يسرق الانظار

سرق النجم الصاعد ماتيو كوفاتشيتش الأنظار من الجميع، في الوقت الذي كان ينتظر فيه جمهور إنتر ميلانو أن يكون مواطنه نيمانيا فيديتش الاسم الأكبر في الموسم الجديد. وكوفاتشيتش سجّل 4 أهداف حتى الآن، وهو يبدو الأكثر انشغالاً على أرض الملعب، إذ إن موهبته تفجّرت بعد منحه دوراً هجومياً، حيث يستفيد من مهاراته المميزة وثقته العالية بنفسه، رغم أنه لم يتجاوز العشرين من العمر.