لا يختلف المشهد بين ضواحي بيروت، حيث يتهيأ العديد من المقاهي للترحيب بما أطلقت عليه اسم «مصدر رزقها السنوي».هذه المقاهي التي عاشت سنةً مجيدة، إذ ما إن انتهى دوري الأبطال حتى بدأت كأس العالم، وغصّت كراسيها مجدداً بالشغوفين بكرة القدم.

في «شارع المقاهي والمطاعم» في أنطلياس، يطلب مدير أحد المحال من الشبان العاملين معه تجهيز الشاشة الكبيرة وتنظيفها والتأكد من عملها «فما هي إلا أيام ويبدأ موسم العمل وجني الأرباح». يقولها الرجل بكل وضوح عند سؤاله عن آخر البرامج التي يعدّها للموسم الشتوي، إذ يجيب «الفوتبول ولا شيء سواه، وتحديداً دوري أبطال أوروبا».
وفي جولةٍ على المقاهي الموجودة في الشارع عينه، يبدو القاسم مشتركاً، فيتحدث جورج، وهو مدير مطعم أيضاً عن الإقبال الكثيف على الحجوزات في وسط الأسبوع «إذ ما إن ينتهي الصيف بعجقته الناجمة عن حب الناس للخروج وقضاء الليل بعيداً عن المنزل، حتى يأتي موسم الفوتبول، وتحديداً عند انطلاق دوري الأبطال، فيتسابق الناس للسهر لدينا للاستمتاع بالمباريات».
ويضيف: «ليس هناك من مقهى أو مطعم خاسر خلال نقل المباريات، إذ إن الأرباح تتضاعف أحياناً في أي أمسية كروية من هذا النوع».
إذاً، يبدو جليّاً أن دوري الأبطال يحرك العجلة الاقتصادية لقطاعٍ بات أساسياً في المجتمع اللبناني، حيث الإشارة المشتركة من قبل بعض مالكي المقاهي الى أن قسماً من القادمين قد لا تهمهم كرة القدم، لكنهم يحضرون المباريات وسط الجموع من أجل الاستمتاع بالحماسة والإثارة التي تفرزها هذه اللقاءات، وخصوصاً عندما تلعب الفرق الكبرى.
وإلى مشارف الضاحية الجنوبية، حيث بعض المقاهي أيضاً التي تستفيد بشكلٍ اساسي من أمسيات دوري الأبطال، بحسب ما يقول مالك أحدها، والذي يشير الى أن جاره ذهب الى فتح مقهى بما تيسّر فقط لإدراكه بأن مباريات كرة القدم، وتحديداً تلك التي تقام في وسط الأسبوع، تجذب العديد من الشبان الذين يأتون لتدخين النرجيلة وتشجيع فرقهم.
ويلفت الى أن روابط الأندية الأوروبية بدأت تتجمع في مقاه معينة أو تستخدمها نقطة للتجمع مع حجزٍ مسبق. ويردّد: «الله يبعت الرزق»، مصوّباً في عملية حسابية بسيطة عبر احتساب علب التبغ الفارغة في ليلة المباراة بقوله: «يتعب الشباب في تجهيز رؤوس النرجيلة، حيث يتضاعف الطلب عليها، ويملأ محبو الكرة المقهى حتى آخر كرسي فيه».
أحمد، مدير لأحد المقاهي الحديثة الممتدة بمحاذاة رصيف الروشة، يعتبر أن نوعية الزبون مهمة لديه، كاشفاً أنه يحضّر لحملة جاذبة لمتابعي دوري الأبطال تحديداً عبر تزيين المحل من الداخل والخارج ببوسترات النجوم، إيماناً منه بأهمية هذه البطولة التي تدرّ الأرباح، كما قال بصراحة. إلا أنه عند سؤاله عن النوعية، يجيب: «لدينا تجارب سابقة سيئة الى حدّ ما، إذ يأتيك أحدهم بقميص هذا الفريق، وآخر بقميص فريقٍ منافسٍ. كلمة من هنا وكلمة من هناك، يحدث ما لا تحمد عقباه».
وانسحاباً الى المحال الخاصة ببيع قمصان الفرق، تبدو الأمنيات عند بعض البائعين بتألق نجومٍ معينين من أجل تصريف البضاعة التي جلبوها بحسب توقعاتهم حول بروز هذا النجم أو ذاك.