منذ عودته إلى مصاف أندية الدرجة الأولى مع ختام بطولة الدرجة الثانية لموسم 2018-2019، وضع نادي البرج نصب عينيه هدفاً يتمثّل بالتواجد بين الكبار في الدوري اللبناني لكرة القدم، وفرض حضوره القوي، وصولاً إلى المنافسة على الألقاب.من هنا، كانت بدايته الجيّدة في الموسم المنتهي حيث تصدّر الترتيب العام لأسابيع عدة، فكان ما حصل امتداداً لما قدّمه في الموسم الماضي الذي أنهاه في المركز الثالث في سداسية الأوائل، ليحصل تالياً على شرف تمثيل لبنان في بطولة الأندية العربية إثر اعتماد الاتحاد اللبناني قاعدة منح صاحب المركز الثالث بطاقةً إلى البطولة الإقليمية.
(طلال سلمان)

لكنّ الواقع أن ما قدّمه البرج في سداسية الأوائل في الموسم الأخير لم يلتقِ مع بدايته في مستهل الموسم ولا مع تطلعات إدارته إلى البطولة العربية، حيث الهدف طبعاً هو تشريف الكرة اللبنانية من خلال تحقيق نتيجة إيجابية. لذا كان التحرّك السريع لضمّ ما يمكن ضمه من لاعبين نجوم أجانب ومحليين وسط مبادراتٍ لافتة من غالبية الأندية التي وضعت إمكاناتها الفنيّة في تصرّف فريق البرج الذي كان بحاجةٍ إلى إرسال أسماء 30 لاعباً عند انتصاف الشهر الحالي.

9 لاعبين جدد
بدايةً بادر الجهاز الفني بالتنسيق مع الرئيس الفخري فادي ناصر إلى وضع لائحة لأسماءٍ يحبّذ الاستعانة بها مع وجود خيارات بمثابة أولوية وأخرى ثانوية، فحصل البرجيون على معظم العناصر الذين يحتاجون إليهم أو أولئك الذين وضعوهم في رأس اللائحة، وذلك انطلاقاً من حاجاتهم إلى سدّ الثغرات في المراكز المختلفة ولخلق عمقٍ في التشكيلة التي كانت بحاجة إلى لاعبين يمكنهم صناعة الفارق وآخرين يمكنهم تأمين الدعم اللازم انطلاقاً من مقاعد البدلاء.
اتصالات سريعة مع الأندية ومفاوضات واضحة وشفافة لتلبية مطالب اللاعبين المالية أفضت إلى التعاقد على سبيل الإعارة مع اثنين من حراس المرمى البارزين والواعدين للمستقبل وهما هادي مرتضى من التضامن صور وأنطوان الدويهي من السلام زغرتا. أما دفاعاً فعزّز البرج خط الظهر بمزيج من عنصر الشباب والخبرة، فكانت استعارة محمد الحسيني من الصفاء وقائد العهد حسين دقيق وقائد الصفاء زين طحان الذي كان آخر الملتحقين من اللاعبين الجدد بعدما وجد الفريق الأصفر حاجةً إلى ضمّه خوفاً من غياب يوسف عنبر الذي تعرّض لإصابةٍ أمام الإخاء الأهلي عاليه في الدور ربع النهائي لمسابقة الكأس.
ضمّ البرج 9 لاعبين جدد وخاب أمله بعد تراجع الأنصار عن إعارته نجومه


كما أضاف المدرب حسين طحان إلى رجال خط الوسط بلال صباغ وزميله في العهد النيجيري إيمانويل أوبيري، والغيني منساه كوناتي من الحكمة، وقد رافق الأخير زميله في الفريق الأخضر الهدّاف السنغالي بوكونتا سار.
صحيح أن الأسماء المذكورة يمكنها أن تخلق إضافةً وتوازناً أكبر للتشكيلة البرجية، لكن عين البرج كانت على أكثر من ذلك، إذ رصد لاعبين آخرين من أنديةٍ عدة، بعضهم لم يحصل عليهم بسبب ظروفٍ لم تلتقِ مع مشاركته العربية، وبعضهم الآخر بسبب مفاجآت لم يكن يتوقّعها.
الواقع أن غالبية الأندية أكدت عدم ممانعتها منح لاعبيها للبرج، لا بل إن بعضها أبدى استعداده لفتح أبواب ملعبه للتمارين على غرار نادي العهد حيث يتدرّب الفريق حالياً استعداداً للبطولة العربية. لكنّ ظروف مواصلة الأخير مثلاً مشواره في كأس لبنان ومثله النجمة حالت دون حصوله على المزيد من اللاعبين النجوم، إذ إن رئيس النادي «النبيذي» مازن الزعني كان قد أعلن بأنه لا يمانع استعارة البرج لفريقه كاملاً إذا كانت القوانين تسمح بعودة لاعبيه للدفاع عن ألوان فريقهم في الكأس التي حالت دون حصول هذه الخطوة طبعاً، فكان أن فتح الباب لتقديم مجموعةٍ من الاحتياطيين مثل الحارس علي حلال، المدافع حسن بيطار، ولاعب الوسط - المهاجم حسن شعيتو «موني».

الأنصار: موافقة ورفض
أما أكثر ما اهتم به البرج ولم يحصل عليه فكان 5 من نجوم فريق الأنصار وهم المدافع المالياني إيشاكا ديارا، لاعبا الوسط الدولي نادر مطر والتونسي حسام اللواتي، الجناح أحمد حجازي، وهداف الدوري المهاجم السنغالي الحاج مالك تال.
بحسب معلومات «الأخبار»، القصة بدأت بمؤشراتٍ وصلت إلى البرج بأن الأنصار المنزعج من تسميته ممثلاً للبنان في البطولة العربية على حسابه بحسب ما اعتبر، لن يعيره أي لاعب، ولو أن مشوار فريقه في الكأس كان قد انتهى سابقاً، وتحديداً في الدور الـ 16 عندما خسر أمام العهد. هنا قام بعض اللاعبين بالتواصل مباشرةً مع مدير الفريق بلال فراج، وحتى إن أحدهم اجتمع برئيس النادي نبيل بدر في مكتبه مستفسراً عن مدى قبوله بخطوة اللعب مع البرج، فكان الرفض قاطعاً.
لكن قبل ليلةٍ من الوقت المحدد لتقديم لائحة الأسماء وبفعل بعض الاتصالات لسعاة الخير الذين حاولوا إقناع الجهات الأنصارية بمدى إيجابية إعارة لاعبين للبرج لأسبابٍ مختلفة، فُتحت كوّة في الحائط المسدود عندما اتصل رئيس نادي العهد تميم سليمان بالرئيس الفخري لنادي البرج طالباً إليه الانضمام إلى جلسةٍ مع بدر في أحد مقاهي منطقة الحمرا، فما كان من ناصر إلا تلبية الدعوة حيث وافق بدر على السماح للاعبيه بالانضمام إلى فريق منطقة برج البراجنة، سائلاً في الوقت نفسه عن مدى استعداد الأخير للاستغناء عن الثنائي الشاب علي شعيتو ومحمد صادق لمصلحة الأنصار.
ناصر لم يغلق الباب على الفكرة الأخيرة، لكنه كان واضحاً بأن استعارة لاعبي الأنصار لفترةٍ قصيرة لا يمكن ربطها بالاستغناء عن اثنين من أبرز المواهب اللبنانية من دون مفاوضات واضحة ومنفصلة، لينتهي الاجتماع على وعدٍ من بدر بإرسال ناديه الأوراق المطلوبة في صباح اليوم التالي لإتمام عملية الإعارة، وهو ما دفع ناصر إلى الاجتماع باللاعبين المذكورين حيث اتفق معهم على المبالغ التي طلبوها لقاء اللعب لفريقه، والتقط الصور التذكارية معهم إيذاناً بالإعلان عن هذه الاتفاقات قبل أن يتلقى مفاجأة غير سارّة.
اتصالٌ أنصاري يطلب استغناء البرج عن شعيتو وصادق مقابل إرسال الأوراق اللازمة، فحدّد ناصر المبلغ المطلوب للقيام بهذه الخطوة، ليتلقى بعدها اتصالاً من رئيس نادٍ طليعي يبلغه فيه بأن بدر وجد الرقم كبيراً، فوافق الرئيس البرجي على تخفيض ما نسبته 20%، لكنّ الرئيس الأنصاري لم يكن مستعداً لدفع أكثر من أقل من نصف المبلغ الأساسي، مصرّاً على اعتبار ما يدفعه من رواتب للاعبيه المعارين ضمن الصفقة، لتنقطع الاتصالات من بعدها ويرسل البرج لائحة الأسماء إلى الاتحاد العربي من دون لاعبي «الأخضر».
المهم أن البرج قام بكل ما يمكنه من أجل إعداد فريقٍ قوي، ليبقى العمل منوطاً بالجهاز الفني ومدى الكيميائية التي ستصل إليها التشكيلة البرجية المتنوّعة المواهب من أجل تحقيق نتيجةٍ طيّبة في المباراتين اللتين حُرم الجمهور اللبناني من متابعة إحداهما في بيروت لأسبابٍ باتت معروفة.