كان من المفترض أن ينتظر جمهور ميلان حتى بداية الموسم الجديد في الدوري الإيطالي، على الأقل، حتى يعاوده «وجع الرأس» الذي عانى منه في الفترة الأخيرة جراء تراجع نتائج وأداء فريقه تحديداً في الموسم الماضي الكارثي الذي غاب على إثره عن البطولات الأوروبية في هذا الموسم للمرة الأولى منذ فترة طويلة، لكن ما حصل أن هذا الوجع والقلق والخوف على الفريق بدأ باكراً جداً بمجرد أن خاض الفريق اللومباردي مباراتين في كأس الأبطال الدولية الودية في الولايات المتحدة.
هكذا، تلقى جمهور «الروسونيري» صدمتين، لا واحدة، في منتصف العطلة الصيفية بخسارة أولى امام أولمبياكوس اليوناني 0-3، وثانية بعدها بأيام أمام مانشستر سيتي الإنكليزي 1-5، حيث عاد منسوب التشاؤم ليتفوّق على التفاؤل الذي دخل «البيت الأحمر»، ولو على استحياء، بعد تعاقد إدارة النادي مع نجم الفريق وهدافه السابق، فيليبو إينزاغي، لتدريبه خلفاً للهولندي كلارنس سيدورف.
كيف لن يتشاءم الميلانيون ويقلقون من القادم؟ اذ فضلاً عن هاتين النتيجتين اللتين تعطيان صورة واضحة عن واقع الحال، لا يزال النادي اللومباردي «متفرجاً» في سوق الانتقالات الصيفي. طبعاً، إن ضم لاعبين كالبرازيلي أليكس «المنتهي الصلاحية» من باريس سان جيرمان الفرنسي وزميله جيريمي مينيز «العادي المستوى»، وعلى نحو مجاني، فضلاً عن الإهتمام بالتعاقد مع الفرنسي حاتم بن عرفة من نيوكاسل يونايتد الانكليزي، بات يصيب هؤلاء بنوبات ضحك ساخرة يزداد منسوبها ارتفاعاً مع كل تعاقد مليوني تبرمه في المقابل الأندية الأوروبية الأخرى التي كانت، في يوم من الأيام، ترتجف عند ذكر اسم ميلان، ليغدو الأخير بعيداً بأشواط وأشواط عنها. فقد وصل الأمر الى أن يصبح مجرد التفكير بوضع مقارنة مع فرق كريال مدريد وجاره أتلتيكو وبرشلونة الاسبانية وبايرن ميونيخ وبوروسيا دورتموند الألمانيين ومانشستر سيتي وجاره يونايتد وتشلسي وأرسنال وليفربول الإنكليزية «ضرباً من ضروب الخيال» في مدينة ميلانو التي كانت حتى سنوات قريبة خلت واجهة الكرة الأوروبية والعالمية.

تتحمل الإدارة الجزء الأكبر من مسؤولية ما آل إليه وضع الفريق

في حقيقة الأمر، بات واضحاً أن المشكلة في ميلان أبعد من ان تكون منحصرة في المدربين، الذين باتوا «كبش فداء» عند كل مطب، او بالفريق، بل هي أزمة إدارة تقود هذا النادي العريق وقد وصلت الى مرحلة «الإفلاس». المشكلة تبدأ في عقلية المسؤولين الإداريين السلطوية انطلاقاً من عائلة برلوسكوني، المالكة للنادي، وما يندرج ضمن هذه الخانة من صراعات على المناصب حتى باتت أنباء ميلان في الفترة الأخيرة عنوانها «الكباش» بين الرئيس التنفيذي أدريانو غالياني وباربرا برلوسكوني، وهذا ما بات يثير نقمة أنصار النادي، فضلاً عن القرارات الخاطئة على مستوى البيع والشراء والتعيين والإقالة تحديداً من «رأس الهرم»، اي مالك النادي، سيلفيو برلوسكوني، المتخبّط بمشاكله الشخصية، والذي يُسأل، قبل غيره، عن مصير الملايين التي جناها النادي من بيع نجومه في السنوات الماضية.
هذا الواقع الإداري القاتم كان باولو مالديني، أسطورة دفاع «الروسونيري»، اول من صوّب عليه عندما اعتبر ان إدارة ميلان «دمّرت النادي»، مضيفاً: «أشعر بالغضب وخيبة الأمل لما يمر به ميلان. إنه أمر مؤلم أن يُرمى ما بُني لأعوام عديدة بهذه الطريقة».
ولعل مالديني هو مثال لهذه العقلية التي تحكم ادارة النادي، اذ انها لم تستفد من تجربته الغنية في الملاعب تحديداً في الفئات العمرية حيث إن صاحب الرقم «3» الأزلي تحدث بنفسه عن هذه المسألة بقوله: «باربرا دعتني إلى النادي، لكن بعد ذلك لم يحدث شيء»، وهذا ما ينطبق على نجوم آخرين ارتدوا قميص الفريق وقاتلوا لأجله سنوات طوال.
القول إن رؤية النادي الحالية تتركز على المستقبل عبر الاهتمام بقطاع الناشئين لتخريج مواهبه الى الفريق الاول، وهذا ما يذهب اليه البعض عبر مثالَي ضعف سوق الانتقالات وإسناد مهمة التدريب لإينزاغي، القادم من هذا القطاع، لا يعفي - إن صح أصلاً هذا المشروع انطلاقاً من قول مالديني نفسه بأن «لا مشروع» في النادي - من ان يترافق مع تدعيم صفوف ميلان بعناصر بالـ«مستوى المطلوب» يليقون باسم النادي، وهذا ما هو متبع في الاندية الكبرى، وخصوصاً أن هذه المرحلة «الانتقالية» طويلة الأمد، فضلاً عن ان الـ«روسونيري» لا يحتمل الغياب الأوروبي - تحديداً عن دوري الأبطال - عاماً إضافياً أو ربما أكثر، وإلا فإن «وجع الرأس» سيطول في عاصمة إقليم لومبارديا.




«كعكة» النادي!

لم يعد يعني كثيراً الميلانيين أن تجمع لقطة واحدة الرئيس التنفيذي للنادي، أدريانو غالياني، وباربرا سيلفيو برلوسكوني وهما يقطعان أول من أمس قالب الحلوى الذي حمل اسميهما، لمناسبة بلوغ الأول عامه الـ70 ونجلة مالك النادي عامها الـ30، إزاء واقع الفريق. لقطة بدا فيها الإثنان كأنهما يتقاسمان «كعكة» النادي!