نهاية جيلٍ ذهبي ونهاية مدربٍ شجاع. عنوانٌ يمكن إلصاقه بسهولة بما يمرّ به ليفربول ومدربه الألماني يورغن كلوب بعد رحلة نجاحٍ كبيرة ترافقا فيها باتجاه منصات التتويج في البطولات المختلفة، لكن ليس بعد الآن.الأكيد أن ليفربول لم يعد نفس الفريق الذي أرعب إنكلترا وصدم أوروبا، وتُوّج بطلاً للـ "بريميير ليغ"، ولدوري أبطال أوروبا. فريق "الريدز" بات سهل المنال، ما خلق صدمات متتالية لعشاقه الكثر حول العالم. كيف لا وهو الذي لم يهزم إلا في 4 مناسبات من أصل 63 مباراة خاضها في الموسم الماضي في كل البطولات حيث فاز بكأسين وكان قريباً من أكبر بطولتين.
الخسارة الأخيرة لفريق كلوب أمام وولفرهامبتون وندررز بثلاثية نظيفة تعكس عمق الأزمة، إذ لم تكن مجرد خسارة عابرة بل إنها تدلّ على مشكلاته المتعددة الأوجه.

مانيه والخطأ المميت
أزمةٌ يمكن إعادتها إلى أسبابٍ عدة، أوّلها الخطأ المميت الذي ارتكبه نادي "الحمر" بعدم إقناعه النجم السنغالي ساديو مانيه بالبقاء معه لمواسم إضافية بدلاً من قبول رحيله إلى بايرن ميونيخ الألماني، إذ كان هناك انطباع بأن ليفربول لم يقم بمجهودٍ كافٍ للاحتفاظ بأهم لاعب في الفريق إلى جانب المصري محمد صلاح بل وافق على رغبته بخوض تحدٍّ جديد وفتح له باب الانتقال إلى بطل ألمانيا.
هنا لا يمكن تحميل المسؤولية لكلوب وحده بل لكل مسؤولٍ عن سياسة الانتقالات. وطبعاً يمكن إنصاف الرجل هنا لأن مشكلاته كانت أبعد من مسألة رحيل لاعبٍ نجم أو قدوم آخر من دون أن يوفّق، إذ إنه لم يخض أي مباراة بتشكيلة كاملة، فابتعد كل نجوم الفريق تباعاً بسبب الإصابات التي عصفت أخيراً بثلاثةٍ من المؤثرين المباشرين في نجاح المقاربة الهجومية، وهم البرازيلي روبرتو فيرمينو، الكولومبي لويز دياز والبرتغالي ديوغو جوتا.
على ما يبدو دخل ليفربول في المرحلة الانتقالية التي تشهد انحداراً وتحتاج إلى زمنٍ ليس بقصير للتعافي


كما اختل التوازن الدفاعي بغياب ترينت الكسندر أرنولد ومن ثم عودته وغياب ثنائي قلب الدفاع الهولندي فيرجيل فان دايك والفرنسي ابراهيما كوناتي، فبات مرمى الفريق مشرّعاً، والدليل أنه تلقّى حتى الآن 28 هدفاً بعد 20 مباراة خاضها في الدوري، مقابل 26 هدفاً تلقاها طوال الموسم الماضي.
هنا لا يمكن اتهام كلوب بالإفلاس الفكري والتكتيكي فهو لا يزال يحاول تدارك الامور، لكن مع اصابة البرازيلي فابينيو ايضاً خسر لاعباً مهماً لحماية خط الظهر، وهو الذي ذهب نحو مرحلة تجديدٍ وتغيير بالاعتماد على الشاب الاسباني ستيفان بايسيتيتش (18 عاماً) الى جانب مواطنه تياغو الكانتارا والغيني نابي كيتا.

فريق بلا قائد
الفكرة هنا هي في تخفيض معدل الأعمار في خط الوسط، إذ إن مجموع أعمار خط الوسط التقليدي المؤلف من تياغو (31 عاماً)، فابينيو (29) والقائد جوردان هندرسون (32) يبلغ 92 سنة، وهو رقمٌ كبير مقارنةً بما تملكه الفرق الأخرى في "البريميرليغ" من لاعبين أصغر سنّاً وأكثر تأثيراً.
لكن بموضوعية إبعاد هندرسون عن التشكيلة الأساسية وعدم الاستعانة بالمخضرم الآخر جيمس ميلنر (37 عاماً) تأثيراً سلبياً بعدما افتقد الفريق العنصر القيادي، ما سيجعل المهمة الأساسية لإدارته ومدربه في فترة الصيف هي ضمّ نجم كبير في الوسط وصاحب إمكاناتٍ قيادية يمكن بناء فريق المستقبل حوله، وذلك على صورة الدولي جود بيلينغهام، وهو الوحيد الذي يمكنه إعادة مشاهد أيام "أسطورة" النادي ستيفن جيرارد الذي استحق عن جدارة شارة القيادة على ساعده الأيسر.
نجم بوروسيا دورتموند الألماني هو الحلّ لا بل تعويض أفضل لفشل ليفربول في ضمّ الفرنسي أوريليان تشواميني في الصيف الماضي بعدما اختار ارتداء قميص ريال مدريد الإسباني، وتعويض أكبر أيضاً لعدم قدرته على ضمّ المغربي سفيان أمرابط من فيورنتينا الإيطالي خلال سوق الانتقالات الشتوية.
بطبيعة الحال مشكلة "الريدز" الاساسية قد تكون أيضاً بسيكولوجية بعدما كان قريباً من تحقيق رباعية تاريخية وفشل في الحصول على مبتغاه. لكن الواقعية اليوم تقول بأن المرحلة الانتقالية التي حملت لاعبين جدداً أمثال الأوروغوياني داروين نونيس، والهولندي كودي غاكبو تحتاج إلى وقتٍ ليس بقصير للنهوض من جديد. وللتأكد من هذا الأمر علينا أن ننظر إلى المدة الطويلة التي بقي فيها ليفربول غائباً عن منصة التتويج في الدوري، أو لكي لا نذهب بعيداً لننظر إلى مانشستر يونايتد الذي بدا لا يقهر في فترةٍ من الفترات محلياً وقارياً، وها هو لا يزال اليوم يصارع لاستعادة شيءٍ من الزمن الجميل.