منذ 17 حزيران 2021، حين توجّه منتخب لبنان إلى خوض بطولة أرمينيا الودية، حتّى تشرين الثاني 2022، موعد إقامة معسكره في مالطا، تعاقب على تدريب منتخب لبنان 6 مدربين، 5 منهم لبنانيون، ومدرب إسباني. بدايةً بمحمد دياب، مروراً بروي أبي إلياس، ومحمد إبراهيم، وحسين الجردي، ودانيال خيمينيز، وصولاً إلى فرنسوا دحدح. 16 شهراً، 5 استحقاقات، معسكر خارجي، و6 مدربين لفريق واحد، بمعدّل مدرب كلّ 79 يوماً، واحدٌ لكل سفرة! لجنة المنتخبات في الاتحاد اللبناني لكرة القدم غيّبت الاستقرار الفنّي عن منتخبٍ من المفترض أن يكون مشروع أحد أعمدة الفريق الأوّل، وهو ما أدّى إلى تغييراتٍ كبيرة في الفريق عينه على مستوى اللاعبين، ليصل عددهم إلى 57 لاعباً.بالعودة إلى حزيران 2020، حين عقد الاتحاد اللبناني لكرة القدم مؤتمراً صحافياً للإعلان عن توقيع عقدٍ مع جمال طه، كمدربٍ لمنتخب لبنان الأوّل، قال رئيس لجنة المنتخبات مازن قبيسي، إن اللجنة التنفيذية اتخذت قرار «لبننة الأجهزة الفنية في المنتخبات الوطنية». وأكّد حينها ضرورة إعطاء المدرب الوطني «الثقة»، معتبراً أن المدرب اللبناني «ليس أقل خبرة أو قدرة من المدرب الأجنبي»، قائلاً إن «هذه رسالة للمدربين اللبنانيين: الاتحاد اللبناني يفتح باباً له علاقة بالمنتخبات والمطلوب استغلال الفرصة». فرصةٌ يبدو أنّها لكل من يحصل على شهادة تدريبية، وثِقةٌ لم يُفهم بعد ما إذا كانت زائدة، بحجم إمكانات المدربين الوطنيين، أو ناقصة، للتغيير المستمر في الأجهزة الفنيّة، وعدم الاستقرار على اسمٍ واحد.
استدعاء هذا الكمّ من اللاعبين خلال فترة سنتين فقط، يعني تخبّطاً بأفكار المدربين، ومساحةً للتجارب. في التسلسل الزمني للمنتخبات، يتبيّن أن المدرب محمد دياب استدعى قائمة من 20 لاعباً. لكل مدربٍ اختياراته، وهكذا، تتغيّر الأسماء، ومن العشرين لاعباً الذين اختارهم دياب لبطولة أرمينيا الودية، استمر 13 لاعباً منهم في قائمة المدرب روي أبو الياس، للمشاركة في بطولة غرب آسيا (2 كانون الأول 2021)، ضمن قائمة مؤلّفة من 23 لاعباً، انضم إليها 10 لاعبين جُدد. هذه القائمة لم يُضف إليها سوى اسمين جديدين مع المدرب محمد إبراهيم، الذي حقق وصافة بطولة غرب آسيا (19 حزيران 2022)، وأعاد أسماء من قائمة دياب.
غُيّب الاستقرار عن المنتخب بفعل تعيين مدرب كلّ 79 يوماً منذ حزيران 2021 حتى تشرين الثاني 2022


على الرغم من الإنجاز «التاريخي» الذي حقّقه المدرب إبراهيم مع منتخب الناشئين، لم يستمر معه، وعيّن الاتحاد مساعد المدرب، حسين الجردي، على رأس الجهاز الفني، للمشاركة في البطولة العربية (20 آب 2022). المدرب الجديد استدعى 5 لاعبين جُدد، لم يسبق لأيٍّ منهم اللعب مع المنتخب، وفي مصر، تكبّد خسارتين فادحتيَن، فخسر أمام أصحاب الأرض (0-9) وأمام السعودية (0-6) بعد التعادل مع سوريا سلباً. على وقع النتيجتين الكارثيّتين، استُبدل الجردي بمساعده، دانيال خيمينيز، ليقود المنتخب في تصفيات كأس آسيا (29 أيلول)، لكن بقيَ الأوّل في الجهاز الفني، مدرباً مساعداً! المدرب الإسباني اختار 3 لاعبين جُدد، والنتائج جاءت مخيّبة أيضاً، فتذيّل مجموعته. وبعد انتهاء استحقاقات المنتخب، أعلن الاتحاد حلّ الأجهزة الفنيّة لأربعة منتخبات، من بينها منتخب الناشئين، الذي قرر أن يُعسكر في مالطا مع مدربٍ جديد، هو فرنسوا دحدح. الأخير استدعى بدوره قائمة من 20 لاعباً، 17 منهم لم يسبق لهم اللعب مع المنتخب، لتنتهي حقبة، وتبدأ واحدة جديدة في عامٍ ثالث، مع مدربٍ سابع، قد ينتظر تغييره هو الآخر.
تجدر الإشارة، إلى أنه في 6 سفريات، لم تكن التغييرات مقتصرة على الجهاز الفني وقوائم اللاعبين فقط، بل تغيّر مدير الفريق/ النادي أكثر من مرّة، وصولاً إلى عدم إرسال مديرٍ مع البعثة التي سافرت إلى مالطا، لكن بمرافقة من رئيس لجنة المنتخبات مازن قبيسي، إلى جانب تغيير مدربَين لحرّاس المرمى، وتغييب دائم للمسؤول الإعلامي.

إلى منتخب الشباب وما بعده
يترفّع اللاعبون من منتخب الناشئين مباشرةً إلى منتخب الشباب. تنتهي فئة عمريّة، ويختار المدربون أفضل اللاعبين ممّن تخطّوا الـ 16 من العمر إلى الفئة التي تضمّ اللاعبين الأصغر من 18 أو 19 أو 20 عاماً. هكذا، ينتظر منتخب الشباب، اليوم، مجموعة من لاعبي منتخب الناشئين للالتحاق بصفوفه في الاستحقاقات المقبلة، بعدما أخفق الأخير في التأهّل إلى نهائيات كأس آسيا (وهو ضمّ في بعثته الأخيرة 23 لاعباً، 4 منهم دون الـ 18 عاماً، والباقي تخطّوا الـ 19 من العمر، أي أنّهم لن يشاركوا في الاستحقاق الرسمي المقبل). هؤلاء سيشكّلون نواة المنتخب الأولمبي، الذي يترفّع عدد من لاعبيه إلى الفريق الأوّل، أو هكذا من المفترض أن تسير الأمور، في حال وجود خطّة ضمن عمل منتخبات الفئات العمريّة لتشكيل جيلٍ جديد.