لم يكن الفرنسي أرسين فينغر، مدرب أرسنال الإنكليزي، يتابع مباريات بطولة كأس العالم 2014 من أحد المنتجعات أو في منزله، بل كان حاضراً في ملاعب البرازيل محللاً وناقداً، والأهم مراقباً لما يمكن أن يقطفه بيديه من قلب الحدث، لا عبر وسطاء او موفدين. وبالفعل، عاد «البروفسور» من البرازيل الى لندن وفي جعبته صيدان ثمينان، هما التشيلياني ألكسيس سانشيز، والفرنسي ماتيو ديبوشي، لكنهما صيدان لن يكونا بالتأكيد حصيلته النهائية من سوق الانتقالات الصيفية، حيث يواصل مساعيه الحثيثة للتوقيع مع لاعب ارتكاز اضافة الى قلب دفاع وحارس مرمى.
حركة فينغر في سوق الانتقالات، التي بدأها بقوة قبل الجميع، وفي خضمّ المونديال بضمه سانشيز، جاءت لتؤكد ان الرجل تخلى إلى حدٍّ ما عن سياسته في صناعة النجوم لمصلحة التعاقد مع أبرزهم، وهذا لا شك نتاج الفشل في حصد البطولات في السنوات الاخيرة، حيث أذعن منذ الصيف الماضي لمطالب جماهير «المدفعجية» بإبرام تعاقدات ضخمة، فكانت البداية مع النجم الألماني مسعود اوزيل، الذي حطّ في لندن مقابل رقمٍ هو الأعلى في تاريخ النادي بلغ 55 مليون يورو.
هذا الموسم وبرغم ان سوق الانتقالات «لم يشتعل» بعد، فإن الرجل أنفق من خزينة أرسنال مبلغ 59 مليون يورو مقابل التعاقد مع سانشيز وديبوشي، وهو رقم سيرتفع حتماً مع التعاقدات المقبلة بين ساعة وأخرى حتى إغلاق باب الانتقالات.
إذاً أصبحنا امام أرسنال المليوني وفينغر المتطلب والنجوم المستوردة إلى ملعب «الإمارات». صحيح ان ثمة تغيرا جوهريا في سياسة النادي ومدربه، لكن لا بد من التوقف هنا عند ذكاء الفرنسي في انتقاء عناصره، لا اعتماده على الشراء لمجرد الشراء وتكديس النجوم او لـ «البيزنس» وزيادة قيمة ماركة النادي وصورته، وهذا ما نجده في كثير من الأندية الكبرى. هذا الامر لا يتوقف فقط على ضم ديبوشي وسانشيز وقيمتيهما الفنيتين المهمتين جداً، والحلول الكثيرة، والاضافة الكبيرة التي سيقدّمانها للدفاع والهجوم، هذا فضلاً عمن سيلحق بهما، للتأكد من صوابية خيارات «البروفسور» ومنهجه الجديد، إذ إن تعاقداً «في الخفاء» أبرمه الفرنسي قبل هذين النجمين يحيلنا على هذه الحقيقة ويتمثل بقدوم الأميركي تشاد فورسيث، مدرب اللياقة البدنية، الذي عمل مع المنتخب الألماني منذ ان استقدمه يورغن كلينسمان عام 2004 حتى التتويج بكأس العالم قبل أيام في البرازيل، الى ملعب «الامارات».
لا شك في أن فينغر، المعجب إلى حد الافتتان بالكرة الألمانية، بات مدركاً لمدى أهمية الجاهزية البدنية العالية لدى اللاعبين، وهذا ما ثبت في مونديال البرازيل من خلال نموذج المنتخب الألماني وتفوّقه على الجميع في هذا الشق في الطريق نحو اللقب، وخصوصاً ان فريقه عانى هذه النقطة كثيراً في الموسم الماضي إن من خلال إجهاد نجومه او بكثرة الإصابات التي ضربت معظمهم على فترات طويلة كالويلزي آرون رامسي وثيو والكوت وجاك ويلشير وأليكس أوكسلايد تشامبرلاين واوزيل.
تعاقُد فينغر مع فورسيث مؤشر إلى ان الفرنسي وصل لقناعة تامة بأن الكرة الهجومية الجميلة التي يقدمها فريقه لا تكفي وحدها، بل إن الوصول الى الانتصارات وحصد البطولات لا بد ان يقترن بالحضور البدني المكتمل والجاهزية العالية للاعبين في موسم شاق يتطلب «نَفَساً» طويلاً. ما هو واضح أن فينغر «يلعبها صح» حتى الآن في سوق الانتقالات.




صناعة النجوم مستمرة

لا يعني اتجاه أرسين فينغر لشراء النجوم أنه سيتوقف نهائياً عن صناعتهم. هذه النقطة يمكن التأكد منها من خلال ما أوردته صحيفة «ميترو» الإنكليزية بأن أرسنال تعاقد مع الألماني من أصل يوناني، جورجيوس سبانوداكيس، البالغ 15 عاماً، من مدرسة «لا ماسيا» التابعة لبرشلونة الإسباني.