أدار ستيفن جيرارد ظهره للساحة الدولية. خرج منها من دون ان يكون احد عظمائها، وهذا أمر يمكن الجزم به، إذ بعد 14 عاماً (2000-2014) من الدفاع عن ألوان قميص المنتخب الانكليزي، أنهى «ستيفي» مشواره الدولي من دون حمله أي لقبٍ.هي خيبة من دون شك للاعب الوسط الرائع، الذي شأنه شأن الكثيرين من اللاعبين أمثاله الذين مرّوا بمنتخب «الاسود الثلاثة» من دون أن يتركوا بصمةً عبر جلب المجد الى الأمة التي لا تزال تنتظر منذ عام 1966 لقباً دولياً، لم يأتِ حتى في ظل جيلٍ ذهبي قاده جيرارد وديفيد بيكام وبول سكولز وفرانك لامبارد وغيرهم...

بول إينس، غلين هودل، كريس وادل، ستيف ماكمانامان، ديفيد بلات، جون بارنز، براين روبسون، بول غاسكوين، وجيرارد. يا لهذه الاسماء التي مرّت في خط الوسط الانكليزي من دون أن تفعل شيئاً للمنتخب. فهناك المهاريون منهم، وهناك السريعون منهم، وهناك الهدافون منهم، لكنهم فعلوا كل شيء مع أنديتهم دونه مع المنتخب.

لعب ستيفن
جيرارد 114 مباراة دولية سجل خلالها 21 هدفاً

لكن جيرارد قد يكون مختلفاً عن كل هؤلاء، فهو لعب دوراً في زمنين مختلفين، وكان له تأثير في كلا الفترتين. الفترة الاولى عندما لعب مع مجموعة أبدعت منذ منتصف التسعينيات، وحجز مكاناً أساسياً له في المنتخب مع بلوغه سن العشرين. وهنا الحديث عن جيل بيكام ورفاقه من خريجي مانشستر يونايتد الذين أبدعوا وأحرزوا كل الالقاب، في وقتٍ لم يتذوق فيه جيرارد لقب الدوري المحلي حتى لمرةٍ واحدة. لكن رغم ذلك كان في الحسابات الاساسية للمدربين المتعاقبين، من كيفن كيغان الى السويدي زفن - غوران إريكسون، مروراً بستيف ماكلارين والايطالي فابيو كابيللو، ووصولاً الى روي هودجسون.
أما الفترة الثانية فهي كانت أخيراً عندما فَرِغ المنتخب من أصحاب الخبرة، ووجد جيرارد نفسه أمام مهمة حمله على كتفيه، فسقط تحت الضغوط، وتحديداً في المباراة امام الاوروغواي عندما تسبّب خطآن ارتكبهما بإقصاء انكلترا من مونديال 2014.
هذا المشهد قد يكون أضحك كابيللو الذي يمكن اعتباره الوحيد من بين هؤلاء المدربين الذي ظلم جيرارد عندما قال إنه لا يرى فيه مزايا القائد. لكن في الحقيقة مخطئ كابيللو الى أبعد الحدود، لأنه باعتزال جيرارد اليوم سيكون من الصعب على هودجسون إيجاد قائد فعلي في المجموعة الموجودة حالياً، فهو كان يأمل أن يستمر جيرارد حتى سن الـ36، ليخوض كأس اوروبا 2016.

رحل جيرارد
من دون أي لقب دولي لكن مع ذكريات لا تنسى

اليوم أصبح منتخب انكلترا من دون قائد فعلي، إذ في حال تحدثنا عن أقدم اللاعبين في التشكيلة، يمكن بوضوح القول إن طباع واين روني لا تخوّله عكس الصورة الحسنة أمام زملائه، بينما المستوى الفني المتذبذب للحارس جو هارت لم يترك لدى رفاقه أي شعور بالثقة تجاهه. أما المدافع غاري كاهيل، ورغم أنه قضى 4 أعوام مع المنتخب، لم يخض أكثر من 27 مباراة دولية، ما لا يجعل منه قائداً بحكم الخبرة.
ببساطة، ستيفن جيرارد (114 مباراة دولية و21 هدفاً) لا يعوّض، إذ بغض النظر عن عدم تتويجه بأي لقب مع انكلترا أو أي خطأ ارتكبه على أرض الملعب، يبقى واحداً من اكثر اللاعبين اتزاناً الذين عرفتهم الكرة الانكليزية. فلا جاك ويلشير سيتمكن من تعويضه، ولا جوردان هندرسون سيملأ الفراغ الذي سيخلفه. جيرارد من طينة أولئك النجوم الذين رحلوا عن المنتخب لكن ذكريات لمساتهم لا تزال ماثلة في الاذهان حتى بعد افتراقهم عن اللعبة.
أتذكرون أول أهدافه الدولية وأداءه الرائع في المباراة الشهيرة التي اكتسحت فيها إنكلترا «عدوتها» ألمانيا 5-1، في ميونيخ، ضمن تصفيات مونديال 2002؟ ما فعله جيرارد ليلتها كان بطعم اللقب بالنسبة الى الانكليز. هو يرحل حاملاً في جعبته أشياء توازي كل الالقاب المتاحة.