لن يجد متابعو المونديال وقتاً كافياً يلتقطون فيه الأنفاس بعد موقعة البرازيل وألمانيا في نصف نهائي كأس العالم 2014، التي انتهت فجراً، اذ بعد اقل من 24 ساعة، وتحديداً عند الساعة 23,00 بتوقيت بيروت ستنطلق القمة الثانية في هذا الدور بين الأرجنتين وهولندا.
وعندما نقول الأرجنتين وهولندا نتحدث هنا عن عملاقين من عمالقة الكرة والمونديال، وعن مدرستين خرّجتا المئات من أساطير اللعبة ونجومها، على شاكلة يوهان كرويف ويوهان نيسكنز وماركو فان باستن ورود غوليت وفرانك رايكارد ورونالد كومان ومارك أوفرمارس ودينيس بيرغكامب ورود فان نيستلروي من جانب «الطواحين»، ودييغو أرماندو مارادونا وماريو كامبس وكلاوديو كانينجيا وغابريال باتيستوتا وأرييل أورتيغا وهيرنان كريسبو وخوان رومان ريكيلمي وخوان سيباستيان فيرون من جهة «راقصي التانغو».
ثقل الماضي، لا شك، سيكون حاضراً في لقاء الليلة، وخصوصاً ان الأرجنتين كانت احد ثلاثة منتخبات، إضافة إلى ألمانيا واسبانيا، حرمت المنتخب البرتقالي تذوّق طعم الذهب، وكان ذلك في نهائي مونديال 1978 في الأرجنتين، حين انهزم رفاق كرويف أمام رفاق كامبس. لكن فضلاً عن عنصر التاريخ والثأر، فإن ثمة حاضرا كفيلا بأن يجعل من موقعة الهولنديين والأرجنتينيين ملحمة كروية بكل ما للكلمة من معنى.
يكفي القول هنا إن تشكيلة الأرجنتين تضم النجوم ليونيل ميسي وغونزالو هيغوايين وخافيير ماسكيرانو وايزيكييل لافيتزي، وإن تشكيلة هولندا تضم النجوم روبن فان بيرسي وأريين روبن وويسلي سنايدر وديرك كويت، للتأكيد أننا على موعد مع موقعة كبرى.
وبطبيعة الحال، فإن كلا الطرفين يدرك أن ما تحقق لا يستهان به في هذا المونديال الصعب، وأن خطوتين فقط تفصلان عن احتضان الكأس الغالية في «ماراكانا»، من هنا، فإن الحافز سيصل إلى أعلى مستوياته في هذه المباراة، وهذا ما عبّر عنه ماسكيرانو، حين دعا زملاءه الى «التمسك بالحلم الذي يراودنا، لاننا اخذنا الارجنتين الى مكان لم تكن فيه منذ فترة طويلة»، مضيفاً «هذه الفرص لا تحصل الا قليلاً، ويجب الاستفادة منها. لم نخض هذه المباراة (نصف النهائي) منذ 24 عاماً، وكنا محظوظين لنكون بين الذين حققوا هذا الانجاز، لكن تحقيقنا لهذا الامر رفع من حجم توقعات المشجعين. وحده القدر سيقرر اين سننتهي في كأس العالم هذه».
واذا ما عدنا الى مسيرة المنتخبين في البطولة، فإن الكفة قد تميل نوعاً ما الى هولندا، التي قدمت كرة هجومية ممتعة، فيما لم تظهر الأرجنتين بذلك المظهر القوي، حيث كانت ابداعات ميسي وامدادات أنخيل دي ماريا وحدها التي اسعفتها بالوصول الى هذه المرحلة، لكن مثل مباراة الليلة تبقى لها خصوصيتها، وللمدربين فيها كلمة كبيرة، حيث يتوقع أن تدور معركة تكتيكية على خط الملعب بين الهولندي لويس فان غال والأرجنتيني أليخاندرو سابيلا، سيكون لها تأثيرها الكبير في مجرى المباراة.
وبطبيعة الحال، فإن مهمة فان غال تتركز بالدرجة الاولى على ايجاد الحلول لإيقاف ميسي، الذي سيزيد الحمل عليه مع غياب دي ماريا. في المقابل، فإن عملاً مماثلاً ينتظر سابيلا لفرملة روبن، الذي يمكن اعتباره صاحب الفضل الأول بوصول «الطواحين» الى المربع الذهبي وكذلك لمعالجة مشكلة غياب دي ماريا.
كل الاحتمالات واردة في مباراة الليلة، لمباراة قد تصل حتى الى ركلات الترجيح، حيث لم يخف الحارس الاحتياطي لهولندا، تيم كرول، الذي تألق في صد ركلات كوستاريكا، أنه درس تسديدات لاعبي «التانغو»، لكن ما هو محسوم أن أحد اثنين من نجوم المونديال سيذرف الدموع ألماً على الحلم الضائع عند صفارة النهاية، فهل سيكون ميسي ام روبن؟