رغم كل الأوضاع الاقتصادية الصعبة لا تزال كرة القدم مصرّة على البقاء على قيد الحياة، وذلك بفضل أنديتها المناضلة التي لم تسمح للأزمة بأن تقضي عليها، وبفضل اتحادها الذي بادر أوّلاً إلى دعم أنديته مالياً، ومن ثم التقى مع رغبتها بالسير قدماً ووضع المآسي خلفها عبر إقرار عودة اللاعبين الأجانب الثلاثة إلى بطولة الدوري العام للدرجة الأولى.طبعاً عودة العنصر الأجنبي سيكون له شأنه من حيث التأثير الإيجابي، وخصوصاً مع وصول أسماء سبق أن تركت بصمةً في ملاعبنا في الأعوام القريبة الماضية. لكن التأثير الأكبر الذي سيرفع من المستوى التنافسي للمباريات وتالياً الموسم هي نتيجة السباق الذي سبق أن شاركت كل الأندية به بهدف خطف أبرز الأسماء الممكنة التي يمكن أن تفيدها وتحقق طموحاتها وأهدافها في الموسم الجديد.

صفقات بيروتية ثقيلة
العهد كان أوّل المبادرين إلى إجراء التعاقدات، إذ ما إن طويت صفحة نهاية الموسم الماضي الذي توّج على إثره باللقب، ذهب الفريق الأصفر إلى خطف أسماء مهمة من السوق وفي المراكز المختلفة، ما وسّع من تشكيلته، فاضطر إلى الاستغناء عن لاعبين كان لهم دور في الموسم الماضي، وذلك إفساحاً في المجال أمام الوافدين الجدد.
ويبدو العهد رابحاً سلفاً من «الميركاتو» الصيفي، إذ إن كل صفقاته تبدو مفيدة، بدايةً من حراسة المرمى حيث ضمّ إليه شاكر وهبي من الإخاء الأهلي عاليه، والذي قدّم نفسه بشكلٍ جيّد في كأس النخبة، ومروراً بالظهير الأيمن أندرو صوايا الذي يعدّ مكسباً للحاضر وللمستقبل، ووصولاً إلى بلال صباغ الذي لا يختلف اثنان على قدراته الفائقة في خط الوسط، وختاماً مع محمود سبليني الذي اندمج سريعاً مع المجموعة وهزّ الشباك على غرار ما اعتاد فعله مع النجمة.
الجودة والفعالية في العهد لا يختلف عليهما أي أحد من متابعي اللعبة، وما يعززّهما هو وجود العمق في التشكيلة بحيث إن غياب أي لاعب لا يترك غالباً تأثيراً كبيراً على أداء الفريق، وهو ما بحث عنه الأنصار في السوق حيث قام بتعاقداتٍ لافتة، على رأسها استعادة نجميه الأجنبيين السنغالي الحاج مالك تال الذي عاد إلى تعذيب الحراس، والتونسي حسام اللواتي، ومن ثم ضمن بقاء المدافع حسين الدر معه بعد انتهاء إعارته من شباب الساحل، ليكون إلى جانب المالياني إيشاكا ديارا المستمر لموسمٍ جديد. ولخلق الخيارات للمدرب جمال طه، عمل «الأخضر» على إضافة لاعبين بأدوار مختلفة، أمثال عبدالله عيش وسعد يوسف، ما يضع الفريق البيروتي في موقف المنافس بلا أي شك.
تسابقت الأندية اللبنانية على ضمّ أبرز الأسماء يرفع من المستوى التنافسي للبطولة


بيروتياً أيضاً، ارتاح النجمة أخيراً وطفت الأجواء الإيجابية حول النادي بعدما تخلّص من مشاكله عبر التغيير الإداري الذي انتظره الجمهور لفترةٍ طويلة، فبدا الكل سعيداً. اللاعبون الذين لم يمانعوا تعديل عقودهم بحسب ما يتناسب مع المرحلة بعدما وقّعوا على عقودٍ غير منطقية منذ فترةٍ قصيرة، والوافدون الجدد الذين أبدوا حماسةً لبذل كل شيء من أجل الفريق، وحتى أولئك الذين تركوا النادي توجّهوا برسائل إيجابية متمنين له التوفيق بعدما تمّ تسريحهم بطريقةٍ لبقة فحصلوا على استغناءاتهم من دون تعقيدات.
بطبيعة الحال، هيكلة إعادة بناء الفريق حملت معها أسماء جديدة وأخرى قديمة إلى المنارة، فكان أن انضم إلى «النبيذي» حسن مهنا وسعيد عواضة وحسن بيطار وحسن القاضي وبلال نجدي وعلاء عزو وعبدالله مغربي وعلي غملوش ونجم منتخب لبنان لكرة القدم للصالات أحمد خير الدين بعد تجارب ناجحة للاعبين قدموا من الملاعب الصغيرة إلى تلك الكبيرة وخصوصاً النجمة، أمثال علي طنيش «سيسي»، إدمون شحادة، كريم أبو زيد، وطبعاً أوّلهم خالد تكه جي.

فرق الضاحية خطرة
ذكر اسم «تاكو» الذي وقّع للبرج أمس، يأخذنا للحديث عن الفريق الأصفر الذي بلا شك يمكنه أن يؤرق راحة كل هؤلاء الفرق، وذلك بعد ضمّه أسماءً لفتت الأنظار وأثبتت نفسها في دوري الأضواء، أمثال يوسف بركات، الفلسطيني زاهر السماحي، محمود كعور، ومحمد حمود.
فريق منطقة برج البراجنة، كان قد أخذ مكان جاره شباب الساحل في دائرة المنافسين في الموسم الماضي، لكن الأخير لن يكون بعيداً منها هذا الموسم بعدما اجتهد أيضاً في السوق الصيفية، حيث ركّز كثيراً على معالجة نقاط ضعفه التي تسبّبت في تراجعه، فكان أن تعاقد مع لاعبين مدافعين أصحاب خبرة على غرار لاعبه السابق ياسر عاشور، ووائل يوسف، وحمزة الخير، لينضموا إلى خيارات خط الظهر الذي عزّزه بضم النيجيري أندرو إيكيفي.
إذاً مكاسب كثيرة للساحليين، لكنها قد لا تكون بقدر مكاسب الصفاء الذي ربح نفسه أصلاً قبل أن يبدأ الموسم، إذ بعد هبوطه بالنتائج الفنيّة قدّم له شباب البرج خدمةً ثمينة بانسحابه من البطولة، فبقي الصفاء واستفاد من الحصول على مدرب الأخير يوسف الجوهري وعددٍ كبير من لاعبيه المميّزين، فبدّل جلده بشكلٍ شبه كامل من خلال قدوم محمد الحسيني، حسن قريطم، الفلسطيني أيمن أبو صهيون، حسن عبدالله هزيمة، عباس عوض، علي حرب، حبيب شويخ، مهدي طليس، علي السعدي وحسين حيدر.
وعلى صورة الصفاء، عمل الحكمة على تبديل فريقه بشكلٍ شبه كامل ليكون بعيداً من دائرة الخطر التي دخلها في المراحل الأخيرة من الموسم الماضي، فذهب في اتجاهاتٍ مختلفة في إبرام تعاقداته، منها تعزيز الفريق بأسماء خبيرة مثل قائد الأنصار السابق معتز بالله الجنيدي، ومنها ما يرى فيها المدرب إميل رستم إضافةً فنية لإكمال ما بدأ العمل عليه في الموسم الماضي، أمثال عمر الكردي وعلي كركي.
أما الفرق الخمسة المتبقية وهي التضامن صور، شباب الغازية، السلام زغرتا، طرابلس، والإخاء الأهلي عاليه، فقد نشطت بقدر ما تملك من إمكاناتٍ مادية، وهي بدت خجولة شمالاً ومحدودة إلى حدٍّ ما جنوباً وجبلاً، لكن العنصر الأجنبي قد يلعب دوراً مهماً في هذه الفرق التي ظهرت بمستويات مختلفة في كأس التحدي وكان أفضلها الإخاء الذي توّج باللقب بعدما قدّم نواة فريقٍ قادرٍ على وضعه في المنطقة الدافئة، التي يوازي التواجد فيها بالنسبة إلى كل هذه الفرق الفوز بلقبٍ ما، خصوصاً أنها كانت غير قادرة على مجاراة الفرق القوية في سوق الانتقالات بحكم الميزانية المحدودة التي وُجدت بين يديها للعمل وفقها.