لا يخفى على أحد معاناة برشلونة خلال السنوات الأخيرة. بعيداً عن التراجع الفني وخاصةً على الساحة الأوروبية، ضربت النادي أزمة مالية خانقة في أواخر ولاية الرئيس السابق جوزيب ماريا بارتوميو، وطفت على السطح مع تفشي فيروس كورونا. حاول الرئيس الجديد خوان لابورتا تدارك الأوضاع، غير أن تصرّفه «غير المنطقي» بأصول النادي قد يزيد الطين بلّة، وخاصة على المدى البعيد.ما هو واضح، أن النادي تمكّن من جذب أسماء لامعة هذا الصيف، والأكيد أن جهود الإدارة قد تذهب مع الريح في ظل عدم موافقة الاتحاد الإسباني على تسجيل اللاعبين الجدد حتى عصر يوم أمس (تم استقدام روبرت ليفاندوفسكي ورافينها وجولز كوندي وأندرياس كريستنسن وفرانك كيسيي مقابل ما يقرب من 160 مليون يورو، بينما أعيد التوقيع مع عثمان ديمبيلي وسيرجي روبرتو بعد انتهاء عقديهما).
سبق أن قام برشلونة بإجراءات غير تقليدية لتحسين ميزانيته، حيث باع جزءاً من حقوق نقل مبارياته المستقبلية مقابل عائدات حالية، يلبّي من خلالها احتياجات الفريق. وفي ظل عدم التمكن من تسجيل اللاعبين الجدد قبل ساعات من انطلاق الموسم، يبدو أن النادي الكاتالوني في طريقه لإتمام «الرافعة الاقتصادية الرابعة».
في هذا الإطار، نشر موقع «The Athletic» تقريراً أكد فيه تفاصيل صعوبة تسجيل برشلونة للاعبيه الجدد. أوضح التقرير وجود خلافات بين النادي الكاتالوني وسلطات الدوري الإسباني حول ما إذا كانت «المناورات» المالية التي تمت هذا الصيف من قبل برشلونة ستسمح له بتسجيل جميع اللاعبين الذين وقّع معهم.
سبق للنادي الكاتالوني أن قام بتنشيط ثلاث «روافع اقتصادية» في الأسابيع الأخيرة، حيث باع «شريحتين» من حقوق البث التلفزيوني المستقبلي في الدوري الإسباني للمستثمرين الأميركيين «Sixth Street»، بالإضافة إلى حصة 24.5% من Barca Studios الخاص بها إلى Socios.com.
وخلال تقديم المدافع الجديد كوندي، صرّح لابورتا قائلاً: «إن تفعيل الرافعات قد أدى إلى زيادة 868 مليون يورو في الإيرادات الجديدة»، مشيراً إلى استخدام هذه الأموال لملء الثغرات في حسابات النادي المتبقّية.
هنا، يضيء التقرير على أن الاتحاد الإسباني لكرة القدم لديه شبهات حول كيفية تنظيم صفقات برشلونة مع Sixth Street، ما يثير الشك حول قدرة النادي الكاتالوني على تسجيل جميع التعاقدات الجديدة في الوقت المناسب للمباراة الافتتاحية بالدوري مساء السبت على أرضه أمام رايو فاليكانو، (22:00 بتوقيت بيروت).
صرّح برشلونة عن أرباح قاربت 667 مليون يورو بينما تُظهر أرقام التدقيق 517 مليوناً


وشرح التقرير قانون «الليغا» الذي يفرض على جميع أندية الدوري الإسباني تزويد السلطة المركزيّة بالمعلومات التي تدعم حساباتها، ثم يضع الدوري حداً أقصى للراتب في كل ناد بناءً على دخله ونفقاته المتوقّعة لكل موسم.
بالنسبة إلى برشلونة، تكمن المشكلة بأن المكاسب الرأسمالية الإجمالية المصرّح عنها قدرها 667 مليون يورو من الرافعتين الأولييْن، بينما أثبت التدقيق المالي استثمار Sixth Street مبلغ 517 مليون يورو من البداية.
كان تفسير اتحاد الدوري الإسباني هو ضخّ برشلونة 150 مليون يورو من أموال النادي الخاصة في هذه العملية مع وصفها بأنها استثمار جديد.
المبلغ «المفقود» البالغ 150 مليون يورو يعني أن برشلونة سيحتاج إلى تفعيل رافعة رابعة، والتي ستتم عبر بيع نسبة جديدة من الاستوديوات إلى مشترٍ مختلف، أو بيع المزيد من اللاعبين وخفض رواتب بعض لاعبي الفريق الحاليين.
من جهتها، أكّدت مصادر مختلفة معنية ببيع حقوق برشلونة التلفزيونية إلى «The Athletic» أنه لا توجد مشكلة في كيفيّة قيام برشلونة بهيكلة الاستثمار مع Sixth Street، وفكرة أنهم وضعوا 150 مليون يورو من أموال النادي الخاصة هي مجرد «أخبار مزيفة».
هناك شعور في الدوري الإسباني بأن برشلونة سيجد طريقة لتسجيل الجميع في الوقت المناسب لبداية الموسم، إذ أجرى النادي الكاتالوني محادثات مع مشترين محتملين آخرين لحصة في Barca Studios.
دي يونغ في الواجهة
الطريقة الأخرى التي يمكن لبرشلونة من خلالها جمع الأموال تتمثل في بيع اللاعبين. هنا يأتي دور فرينكي دي يونغ. حاول برشلونة بيع متوسط الميدان الهولندي خلال الصيف الجاري، واتفق على صفقة مع مانشستر يونايتد، غير أن اللاعب رفض الانتقال.
حطّ دي يونغ رحاله في برشلونة صيف 2019 مقابل 86 مليون يورو بعقدٍ لمدة 5 أعوام، قبل أن يتم تمديده حتى عام 2026 من قبل إدارة بارتوميو. وبموجب العقد الأخير، وافق دي يونغ على تخفيض راتبه لموسمَي 2020-2021 و 2021-2022 بقيمة 18 مليون يورو على أن يتسلمها في السنوات الأربع الأخيرة من عقده والتي ستبدأ مطلع الموسم الجديد.
وحصل دي يونغ على الصفقة إلى جانب ثلاثة لاعبين هم جيرارد بيكيه وكليمنت لونغليه ومارك أندري تير شتيغن في آخر قرارات إدارة بارتوميو المثيرة للجدل قبل تنحيها وعودة خوان لابورتا إلى الرئاسة مجدداً.
يُشاع في الوسط الرياضي أن إدارة برشلونة أبلغت دي يونغ عن رغبتها في إلغاء العقد الحالي والعودة إلى الصفقة التي كان عليها من قبل، زاعمةً أن الشروط التي قدّمها له مجلس الإدارة السابق تتعلق بـ«الإجرام» وتوفر أسباباً لاتخاذ إجراءات قانونية ضد المتورطين. ربما هو أسلوب مبطّن لإجبار اللاعب على المغادرة.
لا يزال مانشستر يونايتد مهتماً بالتعاقد معه، في حين أن تشيلسي مستعد أيضاً لتمويل رسوم نقل تبلغ 80 مليون يورو وتغطية ديون الراتب، بحسب الشائع في الوسط الرياضي.
مغادرة دي يونغ قد تغطي جزءاً كبيراً من الـ150 مليون يورو المترتّبة على النادي لتسجيل لاعبيه، مع الإشارة إلى محاولة إقناع أمثال بيكيه وبوسكيتس بتخفيض أجورهما لجمع المبلغ المتبقي في حال لم تتم الرافعة الرابعة. وفي ظل رغبة تشافي بالتعاقد مع بيرناردو سيلفا، قد يزيد لابورتا الرهان على مستقبل النادي ويبيع جزءاً جديداً من الأصول.
لا تزال هناك حاجة كبيرة إلى خفض فاتورة الرواتب. النجاح، وإن حصل على المدى القريب، قد لا يكون سوى هدوء يسبق عاصفة مرتقبة، من المرجّح أن تفوق «مصائب» بارتوميو نفسه. ما تعكسه المؤشرات، بغضّ النظر عن إمكانية تسجيل اللاعبين من عدمها، هو أن النادي يقامر بمستقبله، ولن تنفعه لاحقاً أيّ مناورات للعودة إلى المنافسة.