لا تسعى البرازيل في مواجهة لاتينية صرفة أمام كولومبيا للتأهل إلى الدور نصف النهائي وحسب، بل تريد تأكيد زعامتها لأميركا الجنوبية، إذ بعد تألق المنتخبات الجارة أمامها وأمام باقي الخصوم، باتت البرازيل تواجه خطر السقوط. مستواها الحالي لا يليق أساساً بهذه الزعامة، على عكس الكولومبيين. البرازيليون ظهروا بمستوى متفاوت في كل مباراة، وعانوا في الدور الأول والثاني.
لا شك في أن المدرب لويز فيليب سكولاري يتحمل مسؤولية التدني بالمستوى، إذ لم يتمكن حتى الآن من توظيف نجومه المميزين مع أنديتهم، كفريق جماعي. لولا نيمار، لكانت البرازيل على أرضها وبين جماهيرها خارج المونديال. وحده يصنع الفارق. وحده ينقذ الجماهير التي تعيش خوف الخروج في كل مباراة. عانوا أمام تشيلي في الدور الثاني، وألقى المدرب باللوم على التوتر الشديد الذي أصاب اللاعبين بسبب ثقل المسؤولية التي يحملونها للفوز باللقب العالمي السادس.
في مباراة اليوم، سيحاول سكولاري البدء من جديد بدخول أرض الملعب بمنتخب يليق بسمعة البرازيل. سيعمل على إعادة هيكلة تشكيلته، ومعالجة سلبيات الخطوط غير المترابطة. في الهجوم، لا عزاء للجماهير. يكفي أن نقول إن سكولاري أصر على جو وفريد كرأسي حربة بعدما قوبل اختياره هذا باعتراضات عدة سابقاً.
أما في الوسط، فيرجح محللون أن يتخلى سكولاري عن بعض عناده، ليضع فرناندينيو مكان باولينيو أساسياً. فرناندينيو أدى دوراً كبيراً أمام تشيلي، حيث أعاد السيطرة للبرازيليين في الشوط الثاني بعدما افتقدوها في الشوط الأول. وفي الدفاع، تبدو الأمور مفاجئة. يمتلك سكولاري نخبة المدافعين في العالم. يلعب بتياغو سيلفا ودافيد لويز في قلب الدفاع، داني ألفيش على اليمين ومارسيلو على اليسار. لماذا يبدو هذا الدفاع هشاً ويقوم بأخطاء فردية قاتلة أمام المنتخبات التي تلعب بخطة هجومية؟ سكولاري يملك الجواب. مرةً أخرى لا عزاء للبرازيل، فالحظ والأخطاء التحكيمية أسعفاها في الأدور السابقة.

يتحمل سكولاري مسؤولية الأداء التعيس للبرازيل

لكن اليوم، لا مجال للخطأ. المباراة مفتوحة على احتمالات عدة، والنتيجة غير مضمونة على الإطلاق. الهجوم الكولومبي لا يرحم أبداً. لذلك، لا بد من العمل على تثبيت الخطوط بشكل جديد. الدفاع سيعاني أمام مواهب كولومبيا المؤمنة بقدرتها على الاستمرار. أثبتوا أنهم لم يتأثروا بغياب راداميل فالكاو عن المونديال للإصابة. جيمس رودريغيز وتيوفيلو غوتييريز في الأمام، خلفهم كارلوس سانشيز يؤمّن الخطوط. حققوا برفقة باقي زملائهم إنجازاً غير مسبوق بالتأهل إلى الدور ربع النهائي، وتفوقوا على جيل كارلوس فالديراما وفريدي رينكون وافوستينو اسبريلا ورينيه هيغويتا الذي بلغ دور الـ 16 في مونديال 1990. سانشيز (28 عاماً) الملقب بالـ«الصخرة» تمكن من الوقوف صخرةً أمام أقوى مهاجمي العالم. برز بشكل ملحوظ عندما أوقف خطر أفضل لاعب في العالم أربع مرات، الأرجنتيني ليونيل ميسي، خلال مباراة انتهت بالتعادل السلبي مع «التانغو» في كوبا أميركا 2011. لا يقتصر دوره على صد الهجمات، بل يتميز بتمريراته الطويلة. تمريرات تصل إلى رودريغير ليضعها في الشباك بمهارة عالية، أو يصنعها هدفاً إلى غوتييريز. رودريغيز يثبت مرةً بعد أخرى أنه نجم المونديال. وبأهدافه ومهاراته لن تكون مفاجأة إذا تأهلت كولومبيا.
ثبات بالمستوى في كافة الخطوط الكولومبية يعد بمباراة قوية جداً. ستكون ملحمة كروية منتظرة بين سكولاري وبيكرمان وبين نيمار ورودريغيز. الحظوظ متساوية، وكل الاحتمالات واردة. معاناة البرازيليين أمام جيرانهم اللاتينيين ستتكرر بعد المكسيك وتشيلي، ما يعني أنه يجب التخلي عن الأداء المهزوز لرجال سكولاري إذا ما أرادوا تفادي الخروج من ربع النهائي مثلما حصل معهم في 2010.