تتّصف إدارة بايرن ميونيخ بتميّزها في عالم كرة القدم الأوروبية والعالمية. سياسات عديدة اتّبعها العملاق البافاري خلال العقد الأخير ساهمت تباعاً في استقرار النتائج والأداء، بدءاً بالاعتماد على أبناء الأكاديمية ثم تعزيز صفوفه بأفضل لاعبي الفرق المنافسة محلياً، أو حتى استقدام مواهب لافتة من خارج ألمانيا. لم يختلف الأمر كثيراً بالنسبة إلى سوق الانتقالات الحالي، حيث تمكّن الفريق من استقدام أسماء لامعة ومهمة مقابل تكاليف مقبولة جداً مقارنة بما يحصل على الساحة الأوروبية.أولى صفقات النادي البافاري الصيفية تمثّلت في التوقيع مع الظهير الأيمن المغربي نصير مزراوي من أياكس أمستردام الهولندي في صفقة انتقال حر، تبعه متوسط ميدان أياكس أيضاً، الهولندي ريان غرافنبرخ مقابل 18.5 مليون يورو، ليبرم النادي بعدها أكبر صفقة من ناحية القيمة الفنية والتي تمثّلت بالسنغالي ساديو مانيه القادم من ليفربول الإنكليزي مقابل 41 مليون يورو (32 مليوناً + 9 ملايين إضافات).
تعزيزات مهمة في مراكز حساسة ستضيف الكثير إلى تشكيلة المدرب جوليان ناغلسمان خلال الموسم المقبل، أملاً برفع لقب دوري أبطال أوروبا بعد السيطرة على الدوري الألماني في آخر 10 مواسم توالياً.
من المرجّح أن يبقى الفريق ناشطاً في سوق الانتقالات، إذ إنه قد يسعى للتوقيع مع قلب دفاع جديد بهدف تعويض رحيل نيكولاس زولي إلى بوروسيا دورتموند. وفي حال لم يتمكن من ذلك، قد يفتح وصول الظهير المغربي نصير مزراوي الباب أمام تحول الفرنسي بنجامين بافارد إلى قلب الدفاع.
سياسة بايرن ميونيخ في التعاقدات تعطيه أفضلية كبيرة على باقي الأندية في أوروبا


بعيداً عن مدى أهمية الصفقات المستقدمة حتى الآن، تميّز بايرن ميونيخ بتوقيت التعاقدات. اجتهاد النادي لإنجاز العمل باكراً يثبت مدى ذكاء الإدارة، بقيادة المدير الرياضي البوسني حسن صالح حميديتش.
اقتنص النادي البافاري بسرعة الأسماء المطلوبة، ما وفّر عناء المضاربة على الأسعار من قبل أندية أخرى. تجدر الإشارة إلى أن فوائد سرعة تدعيمات البايرن لا تقتصر على الموارد المالية فحسب، حيث هناك أيضاً فائدة رياضية.
تنتظر العديد من الأندية حتى يوم الموعد النهائي من سوق الانتقالات كي تبرم صفقاتها. المشكلة في هذه الممارسة هي أن اللاعبين الجدد يتم التعاقد معهم بعد عدة أسابيع من بدء التحضيرات، ما يحول دون تكيّفهم بالسرعة المطلوبة داخل الفريق الجديد.
بشكل عام، من الأفضل أن يكون لدى اللاعب أكبر قدر ممكن من الوقت للتأقلم في فترة ما قبل الموسم، إذ يستغرق الأمر وقتاً حتى ينتقل اللاعب ويستقر في معيشته الجديدة ليبدأ في فهم نظام المدرب وتطوير العلاقة مع زملائه في الفريق والطاقم التدريبي. اللافت في بايرن ميونيخ، هو اختيار الوافدين الجدد بعناية وفي وقتٍ مبكر من فترة الانتقالات. ربما يفسر كل هذا سبب تمتع النادي بسجلّ جيد نسبياً مع التعاقدات خلال السنوات الأخيرة.

إعادة هيكلة هجومية
هناك تساؤلات كبيرة حول شكل بايرن ميونيخ الهجومي خلال الموسم المقبل، في ظل مجيء ساديو مانيه ومستقبل روبرت ليفاندوفسكي غير المحسوم حتى الآن.
يتميّز مانيه بحسّه التهديفي العالي وإمكاناته لشغل أكثر من مركز ضمن الخط الأمامي. سبق للاعب السنغالي أن سجّل 22 هدفاً في 36 مباراة محقّقاً لقب هدّاف الدوري (رفقة أوباميانغ ومحمد صلاح) موسم 2018/2019، وهو الموسم الذي رفع فيه «الريدز» لقب دوري أبطال أوروبا. أضاف بعدها 18 هدفاً في الموسم التالي حيث أنهى ليفربول انتظاراً دام ثلاثة عقود للحصول على لقب الدوري المحلي، كما سجّل 16 هدفاً في الموسم المنصرم. أرقام لافتة للمهاجم السنغالي، تأمل جماهير النادي البافاري أن يسجلها مع فريقها خلال المواسم الثلاثة المقبلة، لكي لا تنسى أداء ليفانودوفسكي الذي سجّل أكثر من 20 هدفاً في كل من المواسم الـ11 الأخيرة له في بافاريا، باستثناء موسم 2014/2015 (سجّل 17 هدفاً في الدوري). حسم مصير ليفاندوفسكي في البقاء أو الرحيل سوف يساهم في تحديد شكل الخط الأمامي للنادي البافاري. يرغب الدولي البولندي بالانتقال إلى برشلونة الإسباني، وفي حال تمّت الصفقة، قد يشغل مانيه مركز رأس الحربة. أما في حال بقائه، فقد يقوم ماني بدور مماثل لزميله توماس مولر عبر استغلال المساحات واختراق دفاعات الخصم عبر الأطراف. الأكيد هو أن ناغلسمان سيعوّل كثيراً على أهداف وسرعة مانيه لقيادة الخط الهجومي في الموسم المقبل، إن كان كرأس حربة أو في أيّ مركز آخر.