الواضح أن الدوري اللبناني في موسمه المنتهي فرز الفرق إلى مستوياتٍ عدة، وهو ما قد يجعل صورة المنافسة المقبلة شبيهة إلى حدٍّ ما بتلك التي شهدناها في الموسم الذي انتهى بتتويج العهد باللّقب العتيد.بطل لبنان سيكون الهدف الأول لكل الفرق فور انطلاق البطولة وحتى قبلها عند تفكير كل فريق بالطريقة الكفيلة بإيقافه، وذلك من خلال إجراء التعاقدات اللازمة.
لكن الواقع أن العهد هو من أبرم أفضل الصفقات حتى هذه اللحظة، فهذا الفريق بدا قويّاً جداً في الموسم الذي أنهاه على منصة التتويج، إذ بالكاد يمكن أن تجد نقطة ضعفٍ لديه، والسبب هو الخيارات المتاحة في جميع المراكز، والبدلاء الحاضرين بقدر الأساسيين، وقد عزّز هذا الأمر عودة المحترفين المغتربين ولعبهم دوراً حاسماً في مباريات السداسية تحديداً.
النظرة إلى العهد مع ختام الدوري عكست أمراً واحداً، وهو أن الفريق الأصفر لا يحتاج إلى أي تعزيزات، لكنه رغم ذلك ذهب إلى ضمّ ثلاثة لاعبين محليّين في كل خطٍ من الخطوط الثلاثة، ما سيعزّز من خيارات المدرب باسم مرمر، ويضيف عنصر الشباب والنوعية المختلفة إلى تشكيلته بعد التعاقد مع بلال صباغ من التضامن صور، وأندرو صوايا ومحمود سبليني من النجمة.
إذاً بطل الدوري 8 مرات سيكون بتشكيلةٍ أقوى، ومما لا شك فيه أنها ستتعزّز بحضورٍ أجنبي مميّز كما اعتاد غالباً بفعل سياسة التعاقدات الناجحة، والتي بدأت تؤسس لمستقبلٍ ينتظر أن يكون مشرقاً لهذا النادي.

الأجانب لتقوية البرج والأنصار
من هنا، يبدو إيقاف العهد صعباً، وهو ما يحتّم على الفرق الأخرى عملاً كبيراً، أوّلها وصيفه البرج الذي يعتبر ما حقّقه في الموسم المنتهي إنجازاً كبيراً. لكن الأكيد أن الإدارة البرجية تطمح إلى اكثر من ذلك، لكن هذا الأمر يشترط إرساء الهدوء مجدداً في أروقة النادي بعد فترةٍ مضطربة وضبابية بعض الشيء.
البرج بدا أنه لا ينقصه أي أمر للمنافسة مستقبلاً، فهو يتمتع بتشكيلة فيها عناصر الخبرة بشكلٍ كبير، وأيضاً مجموعة من المواهب الشابة الواعدة على مستوى اللعبة عامةً. لكن مع دخول العنصر الأجنبي بقوة على الخط في الموسم المقبل، سيكون البرج مجبراً على مجاراة هذا التطوّر وسدّ حاجاته، وخصوصاً في مركزَي قلب الدفاع وقلب الهجوم.
يبدو إيقاف العهد صعباً، وهو ما يحتّم على الفرق الأخرى عملاً كبيراً


والأكيد أن ما يحتاجه البرج أقل بكثير مما يحتاجه الأنصار للعودة بقوة إلى سكة المنافسة، إذ بعد فقدانه لقبَي الدوري وكأس لبنان، لا بدّ من حالة طوارئ في النادي الأخضر، الذي كان قد أعلنها جزئياً قبل انطلاق السداسية باستقدامه أسماء محليّة جيّدة. لكن وسط تخبط مستوى الفريق، يبدو أن الأنصار يحتاج إلى مرحلة إعادة بناء تلتقي مع القدرات الموجودة لدى لاعبيه، وهي جيّدة، لكنها بدت بحاجة إلى الوقت لإيجاد التوازن المطلوب، وهي مسألة تحسنت كثيراً مع المدير الفني عبد الله أبو زمع الذي حُكي عن نهاية مشواره مع «الزعيم» الذي خسر معه محلياً مرةً واحدة وكانت في نهائي كأس لبنان.
اللافت أن الأنصار لديه عناصر معروفة بقدراتها في كل المراكز وغالبيتها الساحقة كان لها بصمة واضحة في إنجازات الموسم الماضي، لكن ما يحتاجه الفريق هو عمق أكبر في التشكيلة أو إذا صحّ التعبير وجود لاعبين مؤثّرين يمكنهم الحلول مكان الأساسيين والقيام بالدور عينه عند الحاجة، وهي نقطة ستولد تلقائياً بطبيعة الحال بعد التعاقد مع ثلاثة لاعبين أجانب.

النجمة والساحل بهدف واحد
أما في ما خصّ النجمة، فقد يكون العنصر الأجنبي مفصلي بالنسبة إليه في الموسم المقبل، إذ بدا الفارق في مستواه خلال كأس الاتحاد الآسيوي بعد استعانته بلاعبين أجانب، وخصوصاً أن العناصر المحلية الموجودة أكثر من جيّدة، وقد ارتاح غالبيتها نفسياً مع حفلة تمديد العقود التي حصلت أخيراً.
الهدف الأساس بالنسبة إلى النجمة سيكون الحفاظ على نجومه وتعزيز تشكيلته محلياً وأجنبياً، وهو الأمر عينه الذي يصبو إليه شباب الساحل مع ظهوره بثوب البطل لفترةٍ قصيرة في الموسم الماضي، وتقديمه وجوهاً قادرة على إحراج أي خصمٍ. وهذه المسألة عرفتها الإدارة الساحلية التي يبدو أنها راغبة في تعويض ما فات الفريق الأزرق في الموسم المنتهي، وهو ما يظهر من خلال تشديدها حالياً على استعادة قلب الدفاع حسين الدر بعد نهاية إعارته إلى الأنصار، ومفاوضة أسماء أخرى معروفة، إضافةً إلى البحث عن أجانب مميزين كما جرت العادة، وقد كان آخرهم في السداسية المهاجم النيجيري كريستيان أوبيوزور.
إذاً هؤلاء هم الخمسة الأقوياء الذين يمكنهم أن يقتحموا دائرة الصراع القوي على اللقب، لكن لا يفترض إسقاط المفاجآت، وخصوصاً أن الفرق الأخرى تبدو متمسّكة بطموح التقدّم، لكن هذا الأمر يتوقّف عند مدى نشاطها في سوق الانتقالات وقدراتها المالية ونظرتها الفنية، والأهم إيمانها بتمكنها من أن تقدّم أفضل ممّا قدّمته في موسمٍ كان صعباً بالنسبة إلى الأكثرية الساحقة منها، التي تحتاج بلا شك إلى عملٍ كبيرٍ جداً.