على وقع الانشغال بالانتخابات النيابية التي ستُجرى في 15 أيار المقبل، قرّرت وزارتا الداخلية والبلديات والشباب والرياضة تعليق إقامة المباريات الرياضية على الأراضي اللبنانية من 1 إلى 16 من الشهر المقبل. القرار، وفق الوزارة، سببه انهماك القوى الأمنية في الإجراءات العملانية لتأمين سلامة العملية الانتخابية وتفادي استثمار أي نشاط رياضي قد يرتبط بالحملات الانتخابية، أو حصول إشكالات تؤدي إلى المسّ بالأمن والنظام العام.القراران شكّلا صفعة لرياضتَي كرة السلة وكرة القدم على وجه التحديد، بعدما تنفّستا الصعداء أخيراً مع عودة الحياة إلى المدرّجات، بشكلٍ كلّي في الباسكت، وجزئي في الفوتبول بمعدل 300 مشجع لكلّ فريق في المباراة الواحدة، وهو المشهد الذي افتقدته الملاعب طويلاً منذ نهاية 2019.

خسائر فادحة في السلة
كرة السلة التي أكملت استعادة الجمهور بقرار عودة اللاعب الأجنبي في الأدوار الإقصائية، كانت تتأمّل، على وقع هذه القرارات، العودة إلى الواجهة كلعبةٍ شعبية وترفيهية قبل أن يأتي قرار التعليق ليكبّلها ويلحق ضرراً كبيراً بأنديتها. إذ إن الاتحاد اللبناني للعبة كان قد أبلغ الأندية الأربعة المتأهّلة إلى «الفاينال 4» بموعد انطلاقه في 30 الشهر الجاري، على أن تُختتم البطولة في 23 أيار المقبل على أبعد تقدير. قبلها كانت أندية الرياضي حامل اللقب، بيروت متصدّر الموسم العادي ودينامو لبنان المتأهّل كثالث الترتيب، قد عملت بجهدٍ لاستقطاب أفضل لاعبٍ أجنبي ممكن ودفعت مبالغ كبيرة لذلك. فاستقطب الرياضي لاعب الارتكاز البوسني علم الدين كيكانوفيتش، واستقدم بيروت عملاق ريال مدريد الإسباني ودالاس مافريكس الأميركي السابق التونسي صالح الماجري، إضافة إلى اسمٍ مثير للاهتمام ضمّه دينامو هو صانع ألعاب غلطة سراي التركي وأوكلاهوما سيتي ثاندر الأميركي السابق سكوتي هوبسون.
العقود وُقّعت مع هؤلاء اللاعبين لمدة شهرٍ استناداً إلى تاريخ وصول كلٍّ منهم، وأيضاً موعد اختتام البطولة، لكن العقد سيتغيّر لا محالة في حال عدم القدرة على اللعب ضمن البرنامج المحدّد، ما سيزيد عبئاً مالياً على الأندية المذكورة وفق المدة الزمنية لتجميد البطولة والتي تصل إلى 17 يوماً.
مصدرٌ في أحد هذه الأندية قال إن الخسائر ستكون بعشرات آلاف الدولارات، لافتاً إلى أن القرار لا يصيب المستوى الفني فقط مع فترة التوقف الطويلة التي طفت فور ارتقاء اللاعبين إلى مستوى جهوزيةٍ عالٍ، بل إن الخسارة الأكبر ستكون مالية على أندية حسبتها جيّداً قبل توقيع العقد بالعملة الصعبة، وهي ستُجبر الآن على الدفع وفق «بروراتا» تحتسب من خلالها الأيام المضافة إلى عقد اللاعب إذا ما أرادت الاحتفاظ به. وقد تكون المشكلة أكبر في حال رفض أي لاعبٍ من هؤلاء التمديد إذا ما كان في خضم مفاوضاتٍ للانتقال إلى نادٍ آخر مع نهاية عقده الحالي، وهو ما سيصيب أي نادٍ في مقتل.
الاتحاد اللبناني عقد اجتماعاً استثنائياً توجّه على إثره بكتابٍ إلى وزارة الداخلية يلحظ، بحسب معلومات «الأخبار»، استعداداً لإقامة المباريات بعددٍ مقلّص من الجمهور، على أن يُحصر الحضور بالعائلات، إضافةً إلى استقدام شركة أمن خاصة لتأمين حسن سير المباريات مع انشغال القوى الأمنية بالانتخابات. كما طلب الاتحاد وقف النشاط لمدةٍ لا تتعدّى الثلاثة أيام عشية الانتخابات لتفادي الأضرار التي ستصيب اللعبة والأندية.

أجواء غير مُساعِدة
وعن مدى إمكانية تجاوب الوزارة مع أي مقاربة يطرحها اتحاد كرة السلة أو اتحاد كرة القدم لعدم إيقاف نشاطهما، لفت مصدر أمني إلى «أجواءٍ غير مشجعة» شهدتها اللعبتان أخيراً، مشيراً إلى الإشكالات التي حدثت على هامش قمّة الرياضي والحكمة في كرة السلة، ومباراة بيروت ودينامو في نصف نهائي كأس لبنان، كما إلى تلك التي حصلت أخيراً في مباراتَي التضامن صور والأنصار، والبرج وشباب البرج وتخلّلهما كما «دربي بيروت» في كرة السلة عنف ملحوظ.
اتحاد كرة القدم تعامل مع القرار سريعاً فأرجأ المباراة النهائية لمسابقة كأس لبنان من 11 أيار إلى 4 حزيران المقبل، لكن المتضرّر الأكبر في موسمٍ أصابه الضرر أصلاً بشكلٍ كبير، هو نادي العهد الذي كان يترقّب التتويج بلقب الدوري بعد مباراته مع البرج التي كانت مقرّرة في صيدا في 5 أيار، بعدما عمل على حشد مشجعيه منذ أكثر من أسبوع لتأمين حضور أكبر عددٍ ممكن في اليوم الاحتفالي.
ستخسر اندية «الفاينال فور» في كرة السلة عشرات آلاف الدولارات في حال ارادت الابقاء على اجانبها


وبحسب معلوماتٍ «الأخبار» فإنّ اتصالات تجرى للحصول على استثناء لإقامة المرحلة الأخيرة من سداسية الأوائل وتلك الخاصة بالأواخر في موعدهما، وضمنهما مباراة التتويج التي قيل إن هناك انفتاحاً رسمياً لإقامتها من دون جمهور، وهو أمرٌ طُرح على نادي العهد الراغب بعدم إنهاء الموسم بطريقةٍ غير طبيعية بعدما انتظر عودة البطولة إليه. كما برز طرحٌ غير رسمي، لكن إنقاذي، يقضي بتسليم الكأس إلى العهد عقب مواجهته مع الأنصار اليوم، أي قبل المرحلة الأخيرة، لتأمين احتفال الفريق البطل على أرضه، على غرار ما حصل في ألمانيا مع بايرن ميونيخ أكثر من مرّة، وفي إنكلترا عام 2016 عندما سُلّم الكأس إلى ليستر سيتي في ملعبه قبل جولةٍ على الختام.
تجدر الإشارة إلى أن الخسائر المالية هنا لن تكون على الأندية الأوائل بعدما حسمت الصورة بحسم العهد للقب، لكنها ستكون عند الأندية الأواخر في حال لم يُعرف اسم الهابط الثاني إلى الدرجة الثانية مع سبورتينغ في نهاية الأسبوع الحالي، ما يعني أن فرقاً مثل الحكمة (مرتبط بالسنغالي بوكونتا سار) والصفاء (يعتمد على الغاني نيكولاس كوفي كأجنبي) والإخاء الأهلي عاليه (متعاقد مع الغاني دينيس تيتيه) ستستمر مرغمة في دفع المال للاعبيها الأجانب الذين بدا تأثيرهم الإيجابي واضحاً على مشوارها في السداسية، وذلك لتفادي المصير الأسوأ.