بعد ثلاث خسارات متتالية في الدوري، فاز توتنهام على مانشستر سيتي بثلاثة أهداف مقابل هدفين وذلك ضمن مباريات الجولة السادسة والعشرين في «البريميرليغ». بهذه النتيجة، تعزّزت حظوظ توتنهام في المنافسة على المقاعد الأوروبية كما تقلّص الفارق بين مانشستر سيتي وملاحقه ليفربول إلى 6 نقاط، مع امتلاك «الريدز» مباراة أقل. عودة توتنهام للمنافسة من عدمها تعود بالدرجة الأولى إلى قرارات رئيس النادي دانييل ليفي، الذي حال بطريقةٍ أو بأخرى دون تتويج توتنهام بالألقاب في السنوات الماضية، فهل يغيّر سياساته ويدعم كونتي؟برز توتنهام في العقد المنصرم كمنافس «مزعج» لفرق القمة رغم إنهائه أغلب تلك المواسم خارج مصاف الأربعة الكبار. بلغ الفريق أوجه مع المدرب الأسبق ماوريتسيو بوكيتينو الذي كوّن منظومة شابة تضم مجموعة من أبرز مواهب الدوري وبأقل الإمكانات المادية الممكنة. شدّ بوكيتينو رحاله بعدها إلى باريس سان جيرمان، وتناوب كل من المدربين جوزيه مورينيو ونونو إسبيريتو سانتو على العارضة الفنية للنادي اللندني دون تحقيق النجاح، إلى أن قامت إدارة توتنهام بتعيين كونتي مدرباً للفريق مع إعطائه ضمانات للدعم. وبعد إشرافه على أولى مباريات «السبيرز»، أدرك كونتي مدى صعوبة المهمة وصرّح علناً في أكثر من مناسبة أن النجاح يتطلب أكثر من إشرافٍ فني على المنظومة الحالية، بحيث لا بد من إبرام الصفقات.
ظهر غضب كونتي بعد خسارة توتنهام ثلاث مباريات متتالية (قبل الفوز أمام مانشستر سيتي)، حيث انتقد المدرب الإيطالي إدارة توتنهام في حديث مع شبكة «سكاي سبورتس» الإيطالية وأوضح أن عدم النشاط في سوق الانتقالات الشتوي قد أضاع الكثير على فريقه، قائلاً بأنّ التنافس والنجاح يتطلبان لاعبين ذوي خبرة «ولكنّ النادي يمتلك نظرة أخرى». وبعد تصريحاته «اللاذعة»، منع النادي مدربه من التحدث إلى الصحافة الإيطالية مجدداً، وكان رد كونتي بأن هناك من يتعمّد خلق أزمات بينه وبين رئيس النادي، دانييل ليفي.
من الواضح بأن العلاقة متوترة بين كونتي وليفي. الأول يريد أن تكون له الكلمة العليا من حيث إبرام الصفقات والإشراف الفني، وهو ما لا يتوافق مع متطلبات رئيس النادي. يشتهر ليفي بشخصيته الجدلية في الوسط الرياضي وحبه للسلطة الذي تجلّى عند إقالته للمدرب جوزيه مورينيو ثم رفضه بيع المهاجم هاري كاين إلى مانشستر سيتي خلال فترة الانتقالات الصيفية (كان كاين يمتلك اتفاقاً شفهياً مع رئيس النادي يخوله الانتقال إذا جاء العرض المناسب، بحسب الصحافة الإنكليزية).
كونتي نفسه لم يكن الخيار الأول لليفي، إذ كان الخيار المفضل هو جوليان ناغلسمان لكنّ الألماني انتقل إلى بايرن ميونيخ، في حين تولى المدير الفني السابق للعملاق البافاري، هانسي فليك، القيادة الفنية لمنتخب ألمانيا. حاول بعدها ليفي التوقيع مع بريندان رودجرز لكنه أظهر سعادته بالعمل في ليستر سيتي، أما بالنسبة إلى محاولات إعادة ماوريسيو بوكيتينو، فقد باءت بالفشل. هكذا، قامت الإدارة بعدها بإقناع كونتي للمجيء، وقد كان لمدير الكرة فابيو باراتيتشي الفضل الأكبر في ذلك (تجمع الرجلين علاقةٌ وطيدة منذ أن كانا في يوفنتوس).
يُعد كونتي أحد أبرز مدربي كرة القدم حول العالم وهو يتميز بكونه مدرب «بطولات»، لكنّ الأمر يحتاج إلى صفقات كبيرة بالمقابل كما حدث في مشروع إنتر ميلانو الموسم الماضي. بالنسبة إلى ليفي، فهو يكتفي بالمشاركة الأوروبية والحفاظ على مردود مادي ثابت مع تقديم كرة جذّابة عبر الاعتماد على عنصر الشباب. وأي نوع من الوعود، بحسب السياق التاريخي، فهو مجرد كلام. عدم تلبية الإدارة لمتطلبات مدربيها ساهم تباعاً برحيل بعض المدراء الفنيين البارزين مثل بوكيتينو ومورينيو، وهو ما يرجّح رحيل كونتي في الصيف إذا لم يحصل على الدعم الكافي. النادي عالق بين سياساته التي تعتمد على الأرباح القصيرة المدى ومشاريع النجاح الطويلة، ليبقى ليفي قاسماً مشتركاً في كل المشاكل الإدارية والفنية مع المدربين على مدار قرابة العقدين من ولايته.
توتنهام بعيد عن المنافسة رغم فوزه على متصدّر الترتيب في نهاية الأسبوع الماضي. الفريق بحاجة إلى التدعيم الصيفي وتغيير ليفي لسياسته «المتسلّطة». مشروع كونتي مرهون بسوق الانتقالات المقبل، وقد يشكّل قفزة تاريخية للفريق أو استمراراً لمسلسل تخبّطاته بعيداً عن المراكز الأربعة الأولى.