نهاية المرحلة الأولى من الدوري قد تنهي مشوار الأنصار في البطولة باكراً، وذلك لناحية وقوفه ضمن دائرة الستة الأوائل وسط صعوبة تكاد تكون مستحيلة للقبض على الصدارة التي تبدو بعيدة المنال. فما هي مشكلات «الزعيم»، ولماذا تحوّل من بطلٍ إلى فريقٍ يعاني بشكلٍ كبير؟إذاً من بطلٍ للدوري ومهيمن على كل الألقاب إلى فريقٍ سيخوض اليوم مباراة مصيرية أمام شباب البرج على ملعب مجمع الرئيس فؤاد شهاب الرياضي في جونيه، وهي الأخيرة له من المرحلة الأولى من عمر البطولة، فإما يفوز أو سيكون في خطر إكمال البطولة من ساحة القسم الثاني منها الخاص بالفرق التي تحاول غالبيتها الهروب من الهبوط إلى الدرجة الثانية.
الواقع أنه من الصعب رؤية الأنصار بعيداً عن دائرة الأوائل وكبار المنافسين على اللقب، لكنّ الغريب ما حلّ بهذا الفريق الذي بدا لا يُقهر في الموسم الماضي وامتداداً إلى الفترة التي سبقت الموسم الحالي. لكن فجأة انقلبت الأمور رأساً على عقب وخلال 10 مباريات لم يفز الفريق الأخضر سوى بثلاثٍ منها وتعادل في مثلها، متلقّياً 4 هزائم، ليحتل المركز الثامن بـ12 نقطة!
خسر الأنصار 4 مباريات في آخر 10 له (طلال سلمان)

طوال تلك الفترة ردّد أكثر من شخصٍ في الجهاز الفني الأنصاري أن السبب وراء تراجع الفريق بشكلٍ رهيب هو الغيابات التي أصابته، منها المرحلية ومنها النهائية. هم أضاؤوا على هذه المسألة مراراً وسط عدم إيجادهم أي تفسير فني لما يحصل على أرض الملعب، وذلك رغم مساعي المدرب السابق الألماني روبرت جاسبرت لإعادة الفريق إلى السكة الصحيحة من خلال تبديله لاستراتيجياته الفنية، محاولاً إيجاد الدور المناسب لكل لاعب من أجل أن يتمكن من تأدية المطلوب والظهور بالمستوى الذي يفيد الفريق في نهاية المطاف.
لكنّ جاسبرت فشل في هذا الأمر لاعتباراتٍ عدة، فكان خروجه من النادي بعدما انتهت الحلول بين يديه.

الإصابات وسياسة الانتقالات
العودة إلى كلام الفنيين وبعض الإداريين الأنصاريين تُفضي إلى نقطتين، الأولى يعرفها الجميع وهي أن الإصابات التي ضربت الفريق في مرحلةٍ ما أثّرت عليه سلباً، وأبرزها طبعاً إصابة نجم الفريق وهدّافه حسن معتوق في الكتف وابتعاده لفترةٍ غير قصيرة عن الملاعب. لكنّ هذه الإصابة بالتحديد لا تبرّر إطلاقاً تراجع النتائج الأنصارية، لأن فريقاً مثل الأنصار عملت إدارته على استقطاب مجموعةٍ مهمة من اللاعبين في المواسم الأخيرة بهدف تأمين الخيارات المناسبة القادرة على تعويض غياب أي عنصرٍ عن المجموعة. لكن يمكن الجزم استناداً إلى ما عكسته الصورة العامة هذا الموسم بأن لا أحد يبدو قادراً على ملء الفراغ الذي يتركه قائد منتخب لبنان، وتحديداً على صعيد الحسم إن كان من خلال التسجيل أو التمرير.
هنا تكمن المشكلة الأولى، إذ إن اعتماد الأنصار الأول والأخير بدا وكأنه يدور حول معتوق دونه المنظومة كاملةً، وخصوصاً بعد افتقادها إلى لاعبين آخرين كانوا حاسمين ومؤثرين في محطاتٍ عدة في الموسم الماضي، وتحديداً الدوليين نادر مطر وحسن شعيتو «موني» اللذين كانا يقدّمان بشكلٍ أو بآخر مع النجم الآخر الذي ترك الفريق عباس عطوي «أونيكا» الحلول عندما تدعو الحاجة. أما اليوم ففرض أي رقابة على معتوق وتعطيله يعنيان تعطيل الأنصار بشكلٍ كبير، وهو ما حصل في الفترة الأخيرة توازياً مع عدم قدرة النجم العائد من الإصابة على الظهور بمستواه الحقيقي، كونه يحتاج إلى فترةٍ لاستعادة حساسية المباريات والتخلّص من الخوف الطبيعي الناتج عن التعرّض لتلك الإصابة المريرة التي أجبرته على الخضوع لعمليةٍ جراحية.
أسبابٌ مختلفة وضعت الأنصار في موقفٍ صعب وخطر، هذا الموسم


المدير الفني العائد للإشراف على الفريق البيروتي، الأردني عبدالله أبو زمع كان واضحاً في تحديد مشاكل الأنصار، وبدأها بإضاءته على خسارة الفريق للاعبين مؤثرين من دون تعويضهم بالشكل المناسب، لدرجةٍ وصف فيها «أونيكا» بـ«الملك» الذي لا يمكن إيجاد أي لاعبٍ مثله.
إذاً هي سياسة الانتقالات التي لم تصب أهداف الأنصار، والتي لم يستفد منها الفريق حتى من خلال أفضل الأسماء التي أطلّت معه بدايةً. وهنا الحديث عن لاعب الوسط يوسف بركات الذي اختفى من التشكيلة فجأة وحُكي مراراً عن عودته قريباً بعد تذليل بعض العقبات التي أثّرت على اتفاق الطرفين. أضف أن سياسة الانتقالات أفضت إلى خسارة الفريق لعناصر كان بإمكانهم مساعدته باعتراف أبو زمع، أمثال الثنائي غازي حنيني وعلاء البابا اللذين لعبا دوراً محورياً في النتائج الطيّبة التي حقّقها التضامن صور هذا الموسم.

غياب الحافز والمنافسة
من هنا، كان النشاط اللافت لرئيس النادي نبيل بدر الذي لم يرفع راية الاستسلام بل عمد إلى التعاقد مع لاعبين جدد، أمثال يحيى الهندي وخالد محسن، إضافةً إلى الأجنبيين الأردني جيمي سيّاد والمالي إيشاكا ديارا. لكن بين لبنان وآسيا لا يمكن معرفة ما يمكن أن يقدّمه هؤلاء اللاعبون من إضافةٍ إيجابية، وخصوصاً إذا ما كان بعضهم مبتعداً عن اللعب منذ فترةٍ ليست بقصيرة على غرار محسن.
لكنّ الواقع أن المشاكل الأنصارية قد تبدو في جميع المراكز إذا ما تمّ تشريح الأداء الفني للفريق منذ بداية الموسم حيث غاب مثلاً التناغم غالباً عن لاعبي خط الظهر، فبدت مشكلة نقل الكرة من الخلف إلى الأمام بشكلٍ واضح، فإذا كان مدافعو الأنصار على الصعيد الفردي مميزين وأقوياء، فإنهم افتقدوا إلى الارتباط الجماعي، وخصوصاً في ما خصّ ثنائي قلب الدفاع، إذ لم يتوصل جاسبرت إلى إيجاد ثنائي متفاهم، وافتقد بلا شك إلى لاعبٍ على شاكلة القائد معتز بالله الجنيدي الذي يُحسن إخراج الكرة تحت الضغط بعيداً من العشوائية في التمرير التي تقضي على عملية بناء الهجمة بشكلٍ منظّم.
أما الطامة الكبرى فهي فقدان الحافز عند غالبية اللاعبين بعدما كان موجوداً في الأعوام القريبة الماضية بفعل غياب الفريق عن الألقاب، وهو أمر مردّه إلى عدم وجود بدلاء يشكّلون منافسةً للأساسيين على المراكز، ما خلق هبوطاً في مستوى هؤلاء.
بطبيعة الحال، يبقى الأنصار ذاك الفريق صاحب الاسم الكبير الذي يجيد أكثر تحت الضغط وفي المراحل الحاسمة والمفصلية، لذا لن يكون مفاجئاً إذا ما فعلها اليوم وحجز مكاناً في السداسية التي لن يكون لها الطعم نفسه من دونه.