يقف لاعب مانشستر يونايتد الإنكليزي الشاب مايسون غرينوود أمام الرأي العام وهو متهم بكل شيء. فعلاً، بدت الصورة التي رُسمت حول قضية هذا اللاعب الموهوب بعد ادّعاء فتاة بأنه اعتدى عليها وهدّدها بالقتل، وكأنها تُشير إلى أنّه سيكون السبب في نهاية العالم. هو بالفعل قام بعملٍ مشين في حال ثبُت عليه الجرم كونه لا يزال متّهماً لا أكثر في ظل التحقيقات التي تجريها الشرطة البريطانية، لكن الواقع أنّ غرينوود ليس الأول ولن يكون الأخير إذا ما طالعنا تاريخ لاعبي كرة القدم مع ارتكابات من هذا النوع، والتي فضحت الجانب الآخر من وجوه البعض منهم.في حالة غرينوود هناك سببان لهذه الضجة الكبيرة التي أثيرت حوله في العالم بهذه الطريقة غير الطبيعية. أول هذه الأسباب هو الإعلام الإنكليزي، وتحديداً الصحف (التابلويد) التي تقتات على الفضائح الجنسية بالدرجة الأولى وغيرها من الأخبار المثيرة للجدل التي تؤمّن بيع نسخات كثيرة منها، وها هي بعد استهلاكها مادة إدانة الفرنسي بنجامان مندي بقضايا اغتصاب، تحوّلت إلى قصة غرينوود التي تشدّ القرّاء لسببٍ بسيط يُختصر بأنّ الأخير يدافع عن ألوان أحد أهم أندية العالم وهو مانشستر يونايتد.
أمّا السبب الآخر لهذه الضجة فهو غرينوود نفسه، إذ إنّ موهبته الكبيرة التي تطلّع إليها جمهور إنكلترا حوّلت الاتهامات الموجّهة إليه إلى صدمة، وبالتالي إلى خيبة كبرى أحدثت ذاك الضجيج الذي لن ينتهي في وقتٍ قريب على اعتبار أنّ ما حصل لن ينتهي الحديث عنه قبل خروج المحكمة بقرارٍ نهائي حول هذه القضية التي تحوّلت إلى قضية رأي عام في المملكة المتحدة وأوروبا.

غرينوود ليس الأول
إذاً ما حصل خطأ غرينوود ليس أمراً غير مألوف في عالم كرة القدم والنجوم، إذ إنّ مسيرة اللاعب وحياته الشخصية تكون دائماً تحت الأضواء وكاميرات الصحافيّين، ما يجعل أي شيءٍ متاحاً للعامة، إذ يبدو من شبه المستحيل على أحدهم إخفاء أي تصرفٍ، وخصوصاً في ما خصّ الفضائح الجنسية التي تسرّب بسرعة إلى الصحافة، ومنها ما يسعى بعض المشاركين فيها أو المعلنين عنها لابتزاز اللاعب بهدف كسب المال.
أحد أفضل لاعبي كرة القدم في التاريخ البرتغالي كريستيانو رونالدو أعاد سبب اتهامه باغتصاب فتاة أميركية بالسعي إلى ابتزازه، قبل أن يُحكى عن تسوية مالية كبيرة قام بها لإنهاء القضية، وذلك في موازاة الحديث عن إنجابه ابنه البكر من أمٍ مجهولة الهوية قيل إن كريستيانو جونيور هو ابنها من علاقةٍ عابرة.
الشعور بالقدرة على الحصول على أيّ شيء يدفع بعض النجوم لارتكاب أخطاء جسيمة


النجم الآخر البرازيلي نيمار كان في قلب اتهامات مماثلة قبل 3 أعوام، بينما وقع اثنان من أبرز نجوم فرنسا كريم بنزيما وفرانك ريبيري ضحية فضيحة جنسية بطلتها إحدى القاصرات. لكن الاعتداء الجنسي كان التهمة المشتركة منذ زمنٍ بعيد بين نجوم الكرة، من الأرجنتيني الراحل دييغو أرماندو مارادونا، ووصولاً إلى واين روني وروبينيو ومندي. أضف إلى تهمٍ بخيانة الزوجة طاردت النجم الإنكليزي على غرار زميله السابق في منتخب إنكلترا جون تيري، ونجم اليونايتد السابق راين غيغز. أما آخر المشاهد البشعة فكانت التضارب علناً في الشارع بين مدافع فرنسي آخر هو لوكاس هرنانديز وزوجته، وقبلها بين مهاجم ريال مدريد السابق خيسي رودريغيز وصديقته التي أنجب منها ولداً قبل أن يتقدّم للزواج بها قبل أيام على هامش إجازة يقضيانها في دبي.

عمى النجومية والمال
الواقع أنّ البحث في أسباب هذه الأفعال يأخذنا في جهتين، الأولى هي خروج بعض النجوم من بؤر الفقر إلى عالم الثراء الذي يجعل منهم أصحاب أفكارٍ لا تموت لناحية الحصول على أي شيء يريدونه في الحياة، فلا يقبلوا أي رفض بأي شكلٍ من الأشكال، وخصوصاً وسط ثقةٍ تبدو عند بعضهم بأنّ أي فتاة تريد أن تكون معهم في علاقة أو أكثر. هذا الأمر قد يكون صحيحاً في مكانٍ ما، لكن الخطأ يقع فيه اللاعب عندما تكون نوايا الفتيات هي الابتزاز والحصول على الأموال واستغلال قدرة اللاعب المالية، ما يوقعهم في مشكلات سريعة.
وفي هذا السياق ووسط شعور اللاعب النجم أنه بإمكانه شراء أي شيء أو إغراء أي فتاة بماله الكثير، تحصل الكارثة التي تشوّه صورته علناً وتتركه عرضةً لنهاية مسيرته أو أقلّه للمعاناة فنياً بحيث يتراجع مستواه بفعل تأثّره النفسي بما أصابه وبالضجة السلبية التي تُثار حوله.
أما الجهة الأخرى فهي ترتبط بالنجومية ولا شيء سواها، والتي تعمي بعض اللاعبين لدرجةٍ يصبحون غير قادرين على التمييز بين الخطأ والصواب، وخصوصاً في ظل تجمهر الفتيات حولهم غالباً في سعيهم للتقرّب منهم، ما يغذي غرورهم الذي يودي بهم في نهاية المطاف نحو مستنقعٍ من المشكلات التي لا تُحصى ولا تُعد.
ببساطة حياة الشهرة ليست سهلة، وعنصر المال للحاصلين عليه بعد طفولةٍ صعبة قد يكون سلاحاً مؤذياً لحامله، وذلك عندما يفشل في معرفة ترجمة شهرته ووضعها في الخانة الصحيحة ضمن حياته الاجتماعية، أو عندما يستخدم ماله في المكان الخطأ.