بعد سنواتٍ عجاف، قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا» إعادة إحياء كأس العرب لتكون بمثابة التعويض الملائم عن غياب بطولة كأس القارات، وذلك بهدف اختبار مدى جاهزية الملاعب القطرية التي ستستضيف كأس العالم 2022. وعلى رغم غياب اللاعبين المحترفين في الدوريات الأوروبية عن «العرس العربي»، شهدت البطولة العديد من المباريات الحماسية التي عكست مستوى متطور للاعبي الدوريات المحليين، تحديداً للمنتخبات التي وصلت إلى الأدوار النهائية.أقيمت البطولة باللاعبين المحليين وهو أمرٌ لم يمنع خلو المباريات من الإثارة والندية، حيث شهدت غزارة بالأهداف المميزة واللقطات الفنية اللافتة. مباريات قوية جعلت البطولة التي لعبت تحت مظلة الاتحاد الدولي لكرة القدم أكثر تنافسيةً من مباريات كأس آسيا وكأس أمم أفريقيا. وبحسب الوسط الرياضي، كان غياب النجوم عن كأس العرب لالتزامهم مع أنديتهم الأوروبية بمثابة الخسارة للاعبين أنفسهم، مع الترجيح برغبتهم في المشاركة خلال النسخة المقبلة.
اتصفت البطولة بالتميز اللافت على كافة الصعد، بدايةً من حفل افتتاح «السلام العربي» مروراً بتنظيم المباريات ومدى تطور الملاعب التي شهدت لقاءات مثيرة منذ الأدوار الأولى، وكان لافتاً إبداع الجماهير العربية الحاضرة في المدرجات من ناحية الالتزام التام والروح الرياضية العالية. وبعد الكثير من اللقاءات «الطاحنة»، وصل المنتخبان التونسي والجزائري إلى النهائي.
قدّم المنتخب التونسي أوراق اعتماده باكراً في البطولة، حيث قصّ الشريط بفوزٍ كبيرٍ على موريتانيا (5-1) ضمن منافسات الجولة الأولى للمجموعة الثانية. وفي مباراته الثانية، انتصر منتخب تونس أمام سوريا بثنائية نظيفة ليحقق نسور قرطاج بعدها فوزين متتاليين بنتيجة (2-1) على الإمارات وعمان. وبهدفٍ عكسي «قاتل» في اللحظات الأخيرة أمام مصر، حجزت حامل لقب النسخة الأولى (عام 1963) مقعداً له في النهائي.
كان لافتاً تألق المنتخبين في البطولة على رغم غياب اللاعبين المحترفين في أوروبا، وذلك بفعل المستوى العالي للاعبين المحليين والشباب. قدّم المنتخب التونسي أداءً مشرفاً في جميع مبارياته على رغم غياب لاعب وسط فريق سانت اتيان الفرنسي وهبي الخزري، والأمر نفسه بالنسبة لمنتخب مصر الذي كان نداً قوياً للخصوم على رغم غياب نجم المنتخب وفريق ليفربول محمد صلاح.
وعلى المقلب الآخر، وصل محاربو الصحراء الجزائريون إلى المباراة الأخيرة من البطولة بعد حسمها نصف نهائي دراماتيكي أمام قطر المضيفة (2-1)، في مباراةٍ شهدت احتساب الحكم 19 دقيقة بدلاً عن الوقت الضائع. كانت الجزائر قريبة من حسم المباراة بعد تقدّمها بهدف جمال بن العمري (59)، لكن الحكم احتسب تسع دقائق وقتاً بدلاً عن الضائع عادل خلالها قطر عن طريق البديل محمد مونتاري (90+7). ووصلت الإثارة إلى ذروتها، عندما نال الجزائريون ركلة جزاء ترجمها يوسف بلايلي على دفعتين في الدقيقة السابعة عشرة من الوقت البدل عن ضائع. وكانت المباراة متكافئة بين حامل لقب كأس آسيا وحامل لقب كأس أفريقيا، ما جعلها أقرب إلى السوبر الآسيوي-الأفريقي.
شارك منتخب الجزائر بتشكيلة من الصف «الثاني» غاب عنها معظم المحترفين في أوروبا أبرزهم لاعب مانشستر سيتي الإنكليزي رياض محرز، في حين قدّمت قطر مستوى مميزاً بإشراكها كامل اللاعبين بعد أشهرٍ من المنافسة في أميركا الجنوبية وكونكاكاف وأوروبا استعداداً للمونديال الذي تستضيفه في العام المقبل.
كان لافتاً استحواذ منتخبات شمال أفريقيا على الأضواء في البطولة مقارنةً بالمنتخبات الآسيوية، بانتظار نتيجة النهائي الأفريقي الخالص.