مستحيل أن تتابع حصةً تدريبية لمنتخب لبنان الحالي وتتركها في منتصفها. هناك أمور كثيرة تشدّك إليها تماماً على غرار ما يشعر به المتابع عند جلوسه في المدرجات لمشاهدة مباراة ما للمنتخب.لاعبون جدد متحمّسون، ونجومٌ يريدون المزيد، ومواهب شابة متعطشة للفوز، ومنافسة مفتوحة على المراكز يقابلها المدرب جو مجاعص ومساعده جاد الحاج بابتسامة راضية وواثقة بالمستقبل.
هي الحال فعلاً في المشهد العام الذي يمكن أن يصف منتخب لبنان، الذي ومنذ فترةٍ ليست بقصيرة جذب حماسةً كبيرة إليه بعدما بدا أن عدد اللاعبين الذين يستحقون الدفاع عن ألوانه كبير جداً. هو منتخب مشوّق أيضاً بعد مرحلةٍ قيل فيها إن لبنان خسر الكثير من اللاعبين المميزين الذين اختاروا هجر اللعبة والسفر بعيداً من البلاد. لكن فجأة ومن دون مقدّمات أو كلامٍ كثير، وقف المدربون محتارون أمام لائحة أسماءٍ طويلة لاختيار الأفضل منها من أجل المباراتين المقبلتين أمام إندونيسيا في التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم.
مجاعص يذهب إلى أبعد من ذلك بعد تسميته 15 لاعباً سيتمّ اختيار 12 منهم للمشاركة في كل مباراة، فيقول لـ «الأخبار»: «حتى أولئك الذين لم نسمهم للمهمة المقبلة كانوا يستحقون التواجد معنا، لكننا محكومون بعددٍ معيّن من اللاعبين، وبلا شك سيجدون الفرصة بانتظارهم لاحقاً للعب دورٍ معنا». ويعقّب حول الخيارات الأساسية مؤكداً جاهزية الكل للعب «إذ إن حساباتنا الحالية ترتكز على توزيع الأدوار ومنح الجميع دقائق لعب على مدار المباراتين».
الفكرة ممتازة بلا شك، خصوصاً أن المجموعة الحالية يبدو أنها ستكون الأساس لإطلاق منتخب لبنان الجديد، بالتالي فإن عناصرها يحتاجون إلى أكبر قدرٍ من اللعب سويّاً من أجل خلق الانسجام والكيميائية. هو أمرٌ يبدو في الواقع حاضراً بقوة خلال التمارين مع انقسام اللاعبين إلى مجموعتين. كما تبدو الرغبة واضحة في إثبات النفس من خلال عدم توفير أي مجهود بحيث تبدو التأدية في «القسمة» وكأنها في مباراة فعلية وأمام خصمٍ خارجي.
إذاً الوضع يبدو مبشراً إلى أبعد الحدود، وهي مسألة واقعية بفعل التخمة الموجودة في المراكز، وبفعل اختيارٍ دقيق للاعبين ارتفع مستواهم تباعاً منذ الموسم الماضي وامتداداً إلى الموسم الحالي، حيث يفترض أن يشكلوا سويّاً قوةً هجومية ضاربة تلتقي مع التوازن الدفاعي على أرض الملعب، وذلك لتفادي أي تعثر غير منتظر على غرار ما حصل في التصفيات الماضية عندما فوّت لبنان على نفسه فرصة حجز بطاقةٍ إلى مونديال الصين.
منتخبٌ مشوّق بعد مرحلةٍ قيل فيها إن لبنان خسر الكثير من المميزين الذين هجروا البلاد


التشكيلة الحالية التي يبلغ معدل الأعمار فيها 26 سنة، تضم: علي حيدر (قائد المنتخب، 31 سنة)، عزيز عبد المسيح (25 سنة)، جيمي سالم (26 سنة)، آتر ماجوك (34 سنة)، أمير سعود (30 سنة)، سيرجيو الدرويش (25 سنة)، كريم زينون (22 سنة)، جاد خليل (25 سنة)، علي منصور (23 سنة)، كريستوف خليل (22 سنة)، وائل عرقجي (27 سنة)، إيلي شمعون (27 سنة)، يوسف خياط (18 سنة)، هايك غيوكجيان (31 سنة)، وعلي مزهر (27 سنة).
واللافت في هذه التشكيلة أنها أعطت الحق للاعبين حققوا أرقاماً لافتة في الموسمين الماضي والحالي، أمثال مزهر وكريستوف خليل، وإلى آخرين يسجلون عودةً كبيرة على غرار سالم وجاد خليل. والأهم أن لديها أكثر من لاعبٍ يمكنه أن يلعب دوراً قيادياً على أرض الملعب أو أن يظهر في اللحظات الحاسمة لجلب الفوز، وهو أمر افتقده المنتخب بشكلٍ كبير بعد اعتزال النجم فادي الخطيب.
صحيحٌ أن عامل الطول قد يختلف عن الماضي، لكن الشرارة الأولى لخلق المتعة والاستعراض ستأتي من المركزين 1 و2 بوجود لاعبين مثل عرقجي والدرويش ومنصور ومزهر الذين يثيرون حماسة الجميع ويتركون الخيارات مفتوحة أمام المدرب في المقاربة الهجومية بحيث أن لكل واحدٍ منهم أسلوبه الذي سيترك تأثيره الإيجابي على أرض الملعب.
كما يبدو الترقب كبيراً لرؤية خياط الذي يعدّ من أهم المواهب في القارة الصفراء، وذلك بعدما صُنّف أيضاً من أبرز الصاعدين في كرة السلة الفرنسية حيث يلعب مع نادي ليموج، وقد بدا واضحاً مدى نضجه وأيضاً كيفية تعاطي اللاعبين الأكبر منه سنّاً معه في الملعب وخارجه بحيث لا يترددون أبداً في تمرير الكرة إليه وتشجيعه ودفعه إلى تقديم المزيد انطلاقاً من ثقةٍ ملموسة بأنه يمكنه مساعدة المنتخب كثيراً.
بطبيعة الحال، كل هذه الإمكانات يجب أن تصبّ في خانةٍ واحدة لإفادة المنتخب جماعياً، وخصوصاً أن المهمة الليلة تبدو مجهولة المعالم إلى حدٍّ كبير، ذلك أن المنتخب الإندونيسي يملك لاعبين سريعين كما هي حال كل المنتخبات الآسيوية التي تعوّض غياب الطول بهذا الأسلوب، لكن أيضاً «الرجال الكبار» لا يغيبون مع تجنيس لاعبَين اثنين ضمن مشروعٍ كبير وضعه القيّمون على كرة السلة الإندونيسية من أجل نقل اللعبة إلى مستوى آخر، وهو يبدأ من المحطة اللبنانية ويمتد إلى استضافة كأس آسيا المقبلة للمنتخبات حيث ستكون العين على الذهاب إلى أبعد مرحلةٍ ممكنة فيها.