لا يمكن اعتبار المواجهة بين الأنصار والعهد (الأحد الساعة 16.45 على ملعب مجمع الرئيس فؤاد شهاب الرياضي في جونية) إلا محطة حاسمة وحتى أكثر بالنسبة إليهما، ولو أن كلاًّ منهما يحمل هدفاً مختلفاً عن الآخر.هي قمّة كلاسيكية اعتدنا عليها في الأعوام القريبة الماضية، وغالباً ما حدّدت شكل مشوار الفريقين ومصيرهما في بطولة الدوري، وهو ما يمكن انتظاره في حال كان هناك فائز وخاسر في المباراة المقبلة.
التشريح الفني يعطي الأفضلية للعهد بلا شك إذ إن الأنصار يمرّ بمرحلةٍ غير طبيعية منذ انطلاق الموسم (طلال سلمان)

هنا الحديث عن أن الأنصار (8 نقاط) المتخبّط بنتائجه هذا الموسم يعرف تماماً بأن وقوفه في وضع المنافس على اللقب يتوقف عند هذه الموقعة، إذ إن خسارةً ثانية هذا الموسم ستبعده عن العهد (13 نقطة) بفارق 8 نقاط، وهو فارقٌ أثبتت التجارب السابقة أنه من شبه المستحيل على أي فريقٍ تذويبه عندما يكون «الأصفر» في مستواه أو عندما يقبض على الصدارة. أما العهد، فيدرك أن سقوطه سيعطي «الأخضر» فرصةً للحاق به ووضع ضغطٍ عليه، وهو أمر لا يريده حالياً بحكم تغيّر طبيعته بعد دخول عناصر شابة إلى تشكيلته، وهي قد لا تكون قادرة على التعامل مع ضغوطٍ من هذا النوع.
التشريح الفني يعطي الأفضلية للعهد بلا شك، إذ إن الأنصار يمرّ بمرحلةٍ غير طبيعية منذ انطلاق الموسم، فكانت آخر نتائجها التعادل مع التضامن صور 2-2 في المرحلة الماضية بعدما عانى بشكلٍ كبير وتأخّر بهدفين أمام «سفير الجنوب». مشكلة الأنصار تكمن في أماكن عدة، أوّلها أنه خسر ركائز مهمة أمثال نادر مطر المنتقل إلى المعيذر القطري وحسن شعيتو «موني» الذي اختار الذهاب إلى الغريم التقليدي النجمة، إضافةً إلى عباس عطوي «أونيكا» العائد إلى ناديه الأم البرج، وهو الذي كان يشكّل حلاًّ من الحلول في الأوقات الصعبة. هذا يعني أن التشكيلة الأنصارية تلعب بمقاربة استراتيجية جديدة خصوصاً بخروج مطر وشعيتو، وطبعاً بعد خسارة النجم حسن معتوق إثر إصابته في كتفه واضطراره إلى الخضوع لعملية جراحية. كل هذا ضرب التوازن الدفاعي - الهجومي الذي كان نقطة القوة عند الأنصار في الموسم الماضي والذي ميّزه عن بقية منافسيه، ليجد نفسه باحثاً عن هويةٍ جديدة وعن حلولٍ لمشاكل مختلفة لا يبدو أنه وجدها حتى هذه اللحظة، وأقلّه حتى يستعيد لاعبوه الثقة من خلال فوزٍ كبير يؤكّد لهم أنه بمقدورهم الدفاع عن اللقب الذي انتظروه طويلاً.
مواجهة قوية بعنوان العودة للأنصار واللاعودة إلى الوراء للعهد


لاعبو البطل يعلمون تماماً أن أي فوزٍ كبير لن يكون أكبر من انتصارٍ على العهد نفسه، كون هذا الفريق هو المتصدر حالياً، وأيضاً لأنه كان الهدف الأول للأنصاريين منذ سنواتٍ بعد سيطرته على منصة التتويج.
بطبيعة الحال، فكّر الأنصار منذ اللحظة الأولى لتتويجه باللقب بأنه لا بدّ أن يعمل لإبقاء ثوب الزعامة الذي انتزعه منه العهد بعدما تحوّل إلى النادي الأقوى في الكرة اللبنانية، وهو أمر كرّسه طبعاً فوزه بلقب كأس الاتحاد الآسيوي الذي كان عصيّاً على الأندية اللبنانية. لذا، فإن مواجهة العهد تترك دوافع كثيرة في نفوس الأنصاريين الذين إذا ما أرادوا إبقاء الكأس في خزائنهم عليهم إسقاط الفريق الأصفر لا محالة.
لكن هذه المسألة ليست بتلك السهولة لأسبابٍ عدة. أوّل هذه الأسباب هو العهد الذي سار في نسقٍ تصاعدي مباراةً بعد أخرى في الدوري ليصل إلى المرحلة الماضية حيث حقق فوزاً مريحاً على سبورتينغ متذيل الترتيب بهدفين نظيفين وبأقل مجهودٍ ممكن. أما ثاني الأسباب فإنه من الصعب إنزال العهداويين عن الصدارة عندما يتمسّكون بها، وهو أمر سيحضر أكثر هذا الموسم بفعل الجوع الموجود في تشكيلتهم بحيث أن الوافدين الجدد يشعرون بمسؤولية القميص الذي يحملون ألوانه وينشدون تكرار الإنجازات التي فعلها أسلافهم وإعادة الكأس إلى النادي.
إذاً هي مباراة العودة بالنسبة للأنصار، واللاعودة إلى الوراء بالنسبة إلى العهد، فإذا كان الأول ساعياً لتسلّق الترتيب عبر فوزٍ مهم، فإن الثاني يعلم أن فوزه على الأنصار تحديداً سيريحه حالياً بالنسبة إلى حجز مكانٍ بين الستة الأوائل، ولاحقاً في المراحل النهائية التي ستحدد هوية البطل بحيث سيملك أفضلية كبيرة على فريقٍ يفترض أن يكون منافساً مباشراً له.

بعيداً من القمّة
وبالتأكيد فإن أكثر الفرق التي ستضع عينها على هذا اللقاء هو شباب الساحل الذي يستقبل الحكمة، الأحد الساعة 14.15، على ملعب العهد، ساعياً إلى النقاط الثلاث التي قد تكون في متناوله إذا لم يقاتل الحكماويون في كل لحظة، وإذا لم يؤمنوا بحظوظهم بأنه بإمكانهم تحقيق نتيجةٍ جيّدة أمام أحد فرق المقدمة، وذلك بعد سقطتين أمام كلٍّ من الأنصار والنجمة.
لكن وضع الوصيف (11 نقطة) قد لا يكون في أفضل حالاته، وتحديداً على الصعيد النفسي، وذلك في ظل الخضة النفسية التي أصابت الجميع في النادي إثر إصابة المدير الفني محمود حمود بفيروس «كورونا» ومعاناته من مضاعفات قوية مقلقة يؤمل بأن يتخلّص منها سريعاً لكي يعود إلى الملاعب.
كذلك، لن يكون النجمة ثالث الترتيب العام (9 نقاط) بمنأى عن النقاط الكاملة عندما يقابل سبورتينغ غداً الساعة 16.45 في جونية، إذ إنه يملك أفضلية فنية كبيرة على منافسه بحكم كمّ المواهب التي يضمّها، مقابل استمرار ضياع الوافد الجديد على ساحة الدرجة الأولى التي تبدو غريبةً عنه مقارنةً بمشواره في الدرجات الأخرى التي وصل من خلالها إلى ميدان الكبار.
وتفتتح المرحلة اليوم الساعة 14.15 حيث يستقبل الإخاء الأهلي عاليه على ملعب أمين عبد النور في بحمدون، بينما يلعب غداً في التوقيت عينه وعلى الملعب نفسه، الصفاء مع البرج، في مباراةٍ هي الأولى للصفاويين بعد الاستقالة المفاجئة لمدربهم محمد الدقة. أما المباراة الأخرى غداً الساعة 14.15 أيضاً، فتجمع بين طرابلس وضيفه شباب البرج على ملعب رشيد كرامي البلدي، والتي كانت هناك شكوك حولها قبل فترة بسبب الكلام عن انسحاب الأخير من الدوري، لكن قراراً رسمياً لم يعمّم من قبل إدارته، ما يعني استمراره في مشواره الذي سيركّز فيه على تفادي الهبوط بعد تراجعه إلى المركز قبل الأخير.