صبرت إدارة برشلونة على مدربها الهولندي كثيراً، لكن المسار السيّئ حال دون الاستمرار. عشر جولات من انطلاقة الموسم كانت كافية للإطاحة به خارج أسوار النادي وتعيين سيرجي بارجوان مؤقتاً على رأس العارضة الفنية للفريق. أظهرت هزيمة الفريق أمام ريال مدريد في «الكلاسيكو» الأخير دليلاً جديداً يشير إلى أن رونالد كومان لم يكن الرجل المناسب لهذه الوظيفة، وقد قصمت الخسارة بعدها بثلاثة أيام أمام رايو فاليكونا، للمرة الأولى منذ 2002، «ظهر البعير». يحتل برشلونة المركز التاسع في الدوري الإسباني مع 4 انتصارات، 3 تعادلات و3 هزائم، كما يحتل المركز الثالث في مجموعته بدوري أبطال أوروبا برصيد ثلاث نقاط من ثلاث مباريات بعد تعرّضه للهزيمة (3-0) في أول مباراتين أمام بايرن ميونيخ وبنفيكا. عجز برشلونة، بطل أوروبا خمس مرات، عن التسجيل في أول مباراتين أوروبيتين له، وهو ما يؤشر إلى سوء الوضع.
لم يكن قرار الإقالة صادماً، بل جاء نظراً إلى النتائج السيئة وتراجع الأداء. مثّل الجمهور واجهةً للغضب المستشري في البيت الكاتالوني، كما طاولت «النقمة» اللاعبين والإداريين أيضاً.
بحسب «ESPN»، كان اللاعبون الكبار مطلع الربيع الماضي في المقر التدريبي للنادي يتشاورون في ما بينهم. لم يصدقوا حينها إصرار الإدارة على إبقاء كومان في منصبه رغم أفكاره «القديمة» في التدريب، فقط لكي يوفروا الملايين المترتّبة عن البند الجزائي لفسخ العقد. ببساطة، لم يؤمن اللاعبون بأن هذا المدرب قادر على قيادتهم للفوز في بطولتَي «الليغا» أو دوري أبطال أوروبا، رغم تتويجهم معه بكأس ملك إسبانيا.
ومع مرور الوقت، فقد اللاعبون الثقة أكثر في أفكار المدرب وتكتيكاته بعد أن تبيّن عدم قدرته على قراءة المباريات أو التأثير على مجرياتها. عرف رئيس النادي خوان لابورتا ذلك، لكنّ العديد من العوامل حالت دون إقالة كومان الفورية.
أسبابٌ عدّة أجّلت القرار الأهم، منها تداعيات الأزمة المالية العاصفة في النادي التي حتّمت على برشلونة دفع 12 مليون يورو (قيمة الشرط الجزائي في عقد كومان)، كما غياب البديل المناسب لتطلعات الإدارة، إضافة إلى جدول المباريات المزدحم وكثرة الإصابات وعدم اكتمال منظومة كومان. وبعد أن أخذ المدرب وقتاً أكبر لتقديم كل ما لديه دون أي تحسن يُذكر، صار الحُكم أكثر إنصافاً.
اتّخذت الإدارة قرار الإقالة في وقت متأخّر من ليل الأربعاء الخميس


وفي وقتٍ متأخر من يوم الأربعاء، اتّخذ رئيس برشلونة خوان لابورتا قراراً يقضي بإقالة المدرب رونالد كومان. وبحسب صحيفة «سبورت» الكاتالونية، صعد لابورتا على متن الطائرة في حالة من الغضب الشديد بعد الخسارة أمام رايو فاليكانو، وهو يفكر في الإطاحة بالمدرب الهولندي مع استمرار سوء النتائج. لم يرغب لابورتا في الانفراد بقرار الإقالة، لذا أخذ النصيحة من كبار الموظفين ومجلس الإدارة الذين أكدوا له ضرورة اتخاذ القرار مساء الأربعاء دون تأخير، خاصة أن استمرار النتائج بهذا الشكل قد يهدد إمكانية مشاركة الفريق في مسابقة دوري أبطال أوروبا مطلع الموسم المقبل. وبعد الإجماع، أبلغ لابورتا مجموعة النادي الإعلامية بإقالة كومان رسمياً وإعداد بيان يُنشر على الموقع الرسمي، على أن يتم إصداره في الساعات المتأخرة من مساء الأربعاء، وهكذا كان.
كانت علاقة لابورتا وكومان مضطربة خلال الأسابيع الماضية، حيث أصدر هذا الأخير بياناً طالب فيه بمنحه الوقت لإعادة بناء المنظومة بعد خسارة ليونيل ميسي وأنطوان غريزمان، ولكن لم ينجح في تحقيق ذلك. وصحيح أن كومان لم يحصل على الدعم الكافي، لكن الوضع السيّئ حتّم التغيير.
تجدر الإشارة إلى صعوبة وجود أي طريقة للنجاح في مثل هذه الظروف، ضمن نادٍ سياسي، متضرّر، متطلّب، وتحت دائرة الضوء والضغط الإعلاميين. الديون «هدّت» النادي فنياً وإدارياً، ومع ذلك، حاول كومان جاهداً التمسك بمنصبه من خلال خوض المعارك مع وسائل الإعلام وخلف الكواليس، لكنّ لغة الواقع كانت أقوى.
رغم تدهور الفريق في الفترة الأخيرة، تمكّن كومان من ترك بصمة داخل برشلونة. يُحسب للمدرب الهولندي إعطاؤه الثقة للاعب بيدري، إضافةً إلى ترقية نيكو غونزاليس ورونالد أراخو إلى الفريق الأول، دون إغفال مساعدة فاتي في العودة إلى التهديف. كان لكومان أيضاً نصيب في اختتام مسيرة ميسي مع النادي بلقب كأس الملك، وهو ما لن ينساه أحد رغم كثرة الانتقادات حول المدرب المقال.
بات برشلونة اليوم على مفترق طرق، وهو بحاجة إلى جرعة إنعاش سريعة وقوية لكي يعود إلى سكة الانتصارات علّه ينقذ ما يمكن إنقاذه هذا الموسم، ويعيد إلى العالم بعضاً من الصورة الناصعة التي صنعها ميسي ورفاقه في الحقبة الذهبية رفقة المدرب بيب غوارديولا.