بالتأكيد أنه عند انطلاق الموسم لم يكن أي من طرفي المباراة النهائية لمسابقة كأس لبنان لكرة القدم يتخيّل أنه سيقف على بعد 90 دقيقة من عبور البوابة المحلية والدخول إلى الساحة القارية. إذ كما أصبح معلوماً، إن السلام زغرتا أو طرابلس الرياضي سيمثل لبنان في كأس الاتحاد الآسيوي الموسم المقبل إلى جانب النجمة، بطل الدوري العام.
هذه المسألة لا يختلف اثنان على أنّ من المفترض أن ترهب الفريقين الشماليين، على اعتبار أنها لم تكن في الحسبان، وعلى اعتبار أنها ستضعهما أمام حسابات مختلفة تماماً عند فوز أحدهما باللقب الأول في تاريخه. هذا اللقب الذي سينقلهما إلى مرحلةٍ أخرى قد تكون انعكاساتها إيجابية عليهما لفترةٍ طويلة، لأنه ـ بكل بساطة ـ سيدخل أحدهما دائرة الكبار عبر صعوده إلى منصة التتويج.
وفي موازاة هذا السرد عن واقع حال الفريقين، يبدو لافتاً مما يمكن لمسه من خلال الحديث إلى إدارتيهما أن شيئاً مشتركاً يعطيهما دافعاً أكبر لحصد اللقب، إذ بالنسبة إليهما إغراء المشاركة في كأس الاتحاد الآسيوي هو الأمر الرئيسي الذي يجعل الدافع إلى إحراز الكأس أكبر من أي وقتٍ مضى.
هذه النقطة تدغدغ أحلام الزغرتاويين منذ أكثر من ربع قرن، وتحديداً منذ عام 1987 عندما حُمل المدرب أنطوان فنيانوس ولاعبوه على الأكتاف في أرجاء زغرتا، وصولاً إلى كنيسة السيدة، عقب إحراز لقب كأس لبنان للمنطقة الشرقية خلال الحرب الأهلية وانقسام اللعبة بين اتحادي المنطقتين الشرقية والغربية. تلك المباراة المعادة (انتهت الأولى بالتعادل 1-1) التي فاز فيها السلام في عقر دار هومنتمن (1-0)، أي ملعب برج حمود، بالهدف الرأسي الذي سجله فادي أنطون لا تزال راسخة في نفوس الزغرتاويين، وخصوصاً الجيل القديم منهم والحاضر للقدوم إلى بيروت اليوم من أجل استعادة أيام المجد التي خطّها لاعبون لا يزالون في الذاكرة منذ 27 عاماً، أمثال فوزي يمين وبدوي بو نعمة وكلود بو نعمة وإيلي سابا والحارس الياس أبو ناصيف.
أمين سر السلام شربل عزيزي، قال لـ«الأخبار»: «نريد اللعب في كأس الاتحاد الآسيوي، ولهذا السبب سنسعى إلى الفوز بالكأس». لكن هل السلام قادر على صعيد الإمكانات وغيرها من تحمّل هذه المسؤولية وتمثيل لبنان خير تمثيل؟ عن هذا السؤال يجيب عزيزي قائلاً: «بعد الفوز بالكأس، لن يكون كما قبله، لأنه إذا كان التوفيق حليفنا، سنشرع في اليوم التالي بوضع الخطة، بهدف تدعيم فريقنا بالعناصر المحلية والأجنبية التي ستكون قادرة على تشريف اسم الفريق في الاستحقاق القاري».
من هنا، يمكن اعتبار أن السلام سيستفيد إلى حدٍّ بعيد من التتويج بالكأس، لأنه يلقى دعماً بحسب حضوره على الساحة الكروية. وهنا المقصود أن ما يحصل عليه الفريق من دعمٍ مادي من مجلس الأمناء والأصدقاء المحليين والمهاجرين، في الدرجة الأولى هو غيره في الثانية، وبالتأكيد سيكون مغايراً تماماً ويتلاقى مع المرحلة المقبلة.

لم يخفِ أي
من الفريقين طموحه الكبير لتمثيل لبنان
في آسيا
وفي موازاة الإثارة التي تعيشها زغرتا، تبدو طرابلس طامحة أيضاً وللسبب عينه، وتنطلق رغبتها القوية بالفوز بالكأس من إمكانية وضع فريقها في كأس الاتحاد الآسيوي، وخصوصاً أن عاصمة الشمال أدت دائماً دوراً رئيسياً في الكرة اللبنانية عبر فرقٍ كثيرة، منها حركة الشباب والرياضة والأدب وغيرهما، من دون أن ينجح أي منها في إحراز أي لقب. إلا أن الفريق الذي ورث اسم أولمبيك بيروت بطل الدوري والكأس موسم 2002-2003، مصرٌّ على تغيير التاريخ، وهذا ما يؤكده رئيسه وليد قمر الدين الذي يقول: «وصلنا إلى هنا خطوة بعد أخرى، ونستعد الآن للخطوة الأكبر. بالتأكيد، إذا فزنا وتأهلنا إلى كأس الاتحاد الآسيوي لدينا كل الإمكانات للمشاركة فيها، من بنى تحتية ومن خطة عمل لاستقدام لاعبين على قدر الطموحات، لأن اللعب قارياً يختلف عن خوض المنافسات المحلية».
وفي الوقت الذي يشير فيه مدير الفريق عماد توروس إلى أن طرابلس «كان سيقتنع بالنتيجة لو خرج أمام النجمة من الدور نصف النهائي استناداً إلى الأهداف التي وضعها لنفسه قبل بداية الموسم»، يشدد قمر الدين على أن رفع الكأس اليوم سيكون مسألة تاريخية تحتاجها طرابلس بالدرجة الأولى وناديه بدرجة موازية «لأن الجميع سيشعر بأن مرحلة البناء التي بدأت منذ 5 أعوام أثمرت أسرع مما كان متوقعاً».
بغض النظر عمّا إذا كانت زغرتا أو طرابلس فائزة، فإن كأس لبنان ستكون اليوم شمالية الهوى، وستخرج المدينتان الى ابعد من صورة التنافس المستعر أخيراً في ميدان الحلويات التي اشتهرتا بها.




بين بوكير ومندرتسما


في حال نجاح الهولندي بيتر مندرتسما في قيادة السلام زغرتا الى لقب كأس لبنان اليوم، فهو سيكون ثاني مدرب اوروبي يحرز لقباً هذا الموسم بعد «صديقه» الالماني ثيو بوكير، الذي توّج ببطولة الدوري مع النجمة. وبالطبع سيعدّ امراً لافتاً فوز السلام بالكأس بقيادة مندرتسما، على اعتبار ان الاخير كان مساعداً لبوكير في الجهاز الفني لمنتخب لبنان، وهي مسألة لها معانٍ كثيرة بالنسبة الى هذين المدربين المميزين، اللذين تركا بصمتين واضحتين في فريقيهما برغم عدم قدومهما اليهما منذ بداية الموسم.