مرّ ما يقارب الشهرين والنصف على انتهاء استحقاق منتخب لبنان لكرة القدم مع عدم القدرة على التأهّل الى نهائيات كأس آسيا، انتهى الاستحقاق وبقي الجهاز الفني الإيطالي للمنتخب بقيادة جوسيبي جيانيني. بقاء جيانيني فرضه عدم القدرة على فسخ التعاقد معه من جهة، وعدم تقديم مشروع متكامل يؤمن بديلاً ناجحاً له ويعتبر كثيرون أن تجربته غير ناجحة مع المنتخب. يؤكّد أكثر من طرف معني بتمارين المنتخب أن ما يحصل ايام الثلاثاء والأربعاء والخميس من كل أسبوع، هو عبارة عن تسلية وتمضية وقت لعب بالكرة.
أمر لا ينفيه المدرب جيانيني في حديثه الى «الأخبار» «نحن لا نقوم بشيء. وسبب ذلك أن اتحاد اللعبة لم يقرر بعد ماذا يريد أن يفعل، فنحن اجتمعنا وقدمنا مقترحات وبرامج ولا أريد أن أدخل في تفاصيلها، لكن لم يأتِ جواب حتى الآن».
العلاقة ليست مقطوعة بين جيانيني واتحاد كرة القدم، فهناك تواصل عبر رئيس لجنة المنتخبات أحمد قمر الدين، وأيضاً مع رئيس الاتحاد هاشم حيدر. فقد عرض الأول على جيانيني أن يتسلّم المنتخب الأولمبي الذي سيبدأ استحقاق تصفيات التأهّل الى أولمبياد ريو دي جانيرو في البرازيل عام 2016، لكن جيانيني كانت له شروط تتعلّق بالعقد وقيمة البدل المادي الجديد، فعقده الحالي محصور بالمنتخب الأول. وهذا قرار يعود الى اللجنة التنفيذية للاتحاد ولا يمكن لقمر الدين أن يبتّ به.
جيانيني يوضّح هذه المسألة: «لم أطلب مبالغ أكثر في الوقت الحالي، بل في حال تأهّلنا الى الأولمبياد وهذا أمر طبيعي. وفي حال لم نتأهّل لا أريد شيئاً».

عرض جيانيني فكرة تقليص مستحقات جهازه بنسبة 30% مقابل فسخ العقد

وتشير المعلومات إلى أن جيانيني لا يرغب حالياً بمبالغ اضافية مباشرة، وهو ربما يسعى إلى اعادة الوضع الى ما كان عليه قبل 5 آذار الماضي. فالمعلوم أن اللجنة التنفيذية قررت وضع شروط جديدة وسحب امتيازات كانت تقدّم اليه. كذلك هو يريد أن يُجدّد عقده الذي ينتهي العام المقبل لسنة اضافية في حال التأهّل الى الأولمبياد، انطلاقاً من أن التأهل سيكون بجهوده ومن حقه أن يكمل مع المنتخب الأولمبي المشوار حتى النهاية.
ولا يبدو الجهاز الفني الإيطالي مرتاحاً لطريقة العمل أو بالأحرى عدم العمل وتمضية الوقت بالتسلية والسباحة ولعب التنس. ومن هذا المنطلق طرح الجهاز عبر جيانيني فكرة التخلي عن 30 % من قيمة الأموال المستحقة في حال فسخ العقد مقابل الافتراق بالتراضي. و هذا أمر أيضاً يحتاج الى أن تبتّه اللجنة التنفيذية للاتحاد التي تملك القرار.
ما العمل إذن؟
«لا نملك سوى الانتظار. إذ كان من المفترض أن يجتمع الاتحاد الاثنين الماضي ويأتي الجواب يوم الثلاثاء كحد أقصى لكن لم يأت الرد حتى الآن. بالنسبة إلي، أودّ البقاء مع منتخب لبنان حتى إلى ما بعد انتهاء العقد، خصوصاًَ أن لدي أفكاراً كثيرة لكن لدي شعور بأن الاتحاد لا يملك فكرة عمّا يجب عمله». وهنا تنتقل الكرة الى ملعب الاتحاد ولجنة المنتخبات بشكل خاص. فهي مطالبة بالتحرك سريعاً وبتّ الموضوع عبر اللجنة التنفيذية لوضع حدّ لحالة الفراغ المقنّع الحاصلة حالياً في المنتخب. فإما فسخ العقد مع جيانيني ووضع خطة متكاملة للمنتخبات مع طريقة التمويل والأهداف والشخصية المخوّلة تنفيذ هذا المشروع، أو الاعتراف بعدم القدرة على فسخ العقد مع جيانيني نظراً لعدم توافر الأموال لذلك، وحينها سيكون من الأفضل الاستفادة من الجهاز الفني الإيطالي قدر الإمكان طالما أن الأموال تدفع للمدربين. ويجري الاتفاق معه على خطة عمل لا شك في أنها تفيد المنتخب بدلاً من «مسرحية» التمارين الفارغة القائمة حالياً.
هذا الأمر قد يحتاج الى خطوات أخرى قبل ذلك على الصعيد الاتحادي وأولها بتّ مسألة لجنة المنتخبات وطريقة عملها، خصوصاً أن هناك اختلافاً حادّاً في وجهات النظر بين الأعضاء حول عمل اللجنة ومدى التزام رئيسها بما اتُفق عليه سابقاً. فحالة «الستاتيكو» القائمة لها آثار سلبية على المنتخبات بشكل عام وخصوصاً السنّية منها، وتحديداً المنتخب الأولمبي الذي يعتبر استحقاقه الأهم حالياً.




الحرب الباردة

يعتبر منتخب الشباب مثالاً على الاستهتار بالتعاطي مع المنتخبات، إذ لا يمكن تعيين جهاز فني قبل شهر ونصف على استحقاقه العربي في قطر الشهر المقبل. هذا المنتخب سيكون قد تدرّب ما يقارب العشرين مرة كحد أقصى قبل مواجهة السعودية في المباراة الأولى للمجموعة الثانية لكأس العرب في 5 حزيران. وهذا كلام يتعلّق بمنتخب الشباب الذي هو من المفترض أنه نواة المنتخب الأول في المستقبل، الى جانب المنتخب الأولمبي الذي يعتبر الشريك الثاني في صناعة منتخب الغد. القصة بسيطة جداً تحتاج فقط الى اعتراف بوجود مشكلة والسعي الى حلها بدلاً من وضعها جانباً والاستمرار «بالحرب الباردة» التي ستقضي على كل ما تحقق سابقاً على صعيد المنتخب الأول.