غزة | يعود التأخر إلى أن المرأة في غزة لم تتمتع بفرص مشاركة رياضية كبيرة كدخول مسابقات أو إنشاء فرق، فطبيعة المجتمع المحافظ وإجراءات الحكومة التابعة لحماس، تحدّان المجال أمام النساء ليس للمبادرة فقط، بل للتفكير أيضاً في خوض تجربة مشابهة.
برغم ذلك جاء إصرار بعض الشابات على خوض التجربة والنزول إلى الملاعب، ليدفع الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم إلى أن ينظر نحو هذه الفئة ويعمل على خطوات أولية لتأسيس فريق كروي نسائي، فنظم في الشهر الماضي دورة لـ «إعداد وتأهيل مدربات قدم»، ما أعطى الأمل للفتيات المنتسبات بإنعاش الرياضة النسائية مجددا.
إلى مدينة رفح، المدينة المشهورة بفوزها بالبطولات المحلية على مدار سنوات، فضلا عن تخريجها لاعبين مثلوا فلسطين في البطولات العربية، حيث تقطن منى رحيم 22 عاما، وهي ابنة لاعب كرة قدم دولي معتزل في منتخب فلسطين، دفعتها موهبة والدها إلى حب الكرة وممارستها مع أن الأجواء الاجتماعية المحطية لا تساعد أي فتاة على ممارسة هوايات مشابهة.
أصرت منى على اللعب باستمرار داخل ملاعب المدارس وسط نظرات الاستغراب من الفتيات، وتقول لـ «الأخبار» «ألعب الكرة منذ السابعة لأني أحببتها من أبي، ومنذ ذلك الوقت أشجع الفتيات على مشاركتي»، مضيفة «اليوم كبرنا وقررنا تكوين فريق نسوي إلى أن أتت الفرصة واختبر الاتحاد الفلسطيني مهاراتنا على أمل أن نمثل غزة عربياً ودولياً بصفتنا أول فريق نسائي يخرج منه».
اللاعبة دينا المصري من شمال غزة هي الأخرى من أعضاء الفريق، وبدأت تمارس موهبتها برغم رفض عائلتها وبعض زميلاتها اللاتي كنّ يشبهنها بالرجال بسبب اختلاطها بالأطفال الذكور خلال اللعب حتى المرحلة الإعدادية، ثم بدأت تشارك بعض الفتيات في المدرسة إلى أن ضمتهن صالة خماسية مغلقة في منطقتهن، وأخيرا ترى أن حلمها يتحقق مع استدعائها إلى الفريق الذي سيشكل ليمثل القطاع.
تقول دينا لـ «الأخبار» «منذ صغري كان المجتمع ينظر إليّ بطريقة مزعجة نتيجة ممارستي كرة القدم، لكن حلمي رافقني حتى كبري، بل جلبت معي حب الفتيات للكرة ومحاربة الواقع من أجل تشكيل الفريق».
وكان اتحاد الكرة الفلسطيني قد صرح عبر موقعه الرسمي، بأنه سيمنح لأول مرة الفريق كامل حقوقه الرياضية، وسيعمل على «دعمه وتعزيز دمج المرأة في الرياضة والمشاركة فيها»، لكنه عبر عن أنّ من الصعب دمج الفريق في الدوري النسائي، الذي يجمع فرق الضفة الغربية النسائية نظرا إلى «ظروف التنقل الصعبة بين المكانين من جراء حصار إسرائيل ومحاربتها الرياضة الغزاوية ومنع مشاركاتها في المحافل الخارجية».
ويرشح أن تقود الفريق المدربة مريم نصار، الحاصلة على شهادة دبلوم في التربية الرياضية من جامعة برلين الحرة في ألمانيا، وتؤكد نصار لـ «الأخبار» أن الفريق يتدرب جيدا ضمن أساليب أوروبية تخص رياضة الكرة النسائية.
وبخصوص المنتسبات في دورة المدربات، ذكرت أن لديهن الاستعداد والدافعية للتعلم كي يصبحن مدربات كرة قدم، قائلة إن هذا «مُؤشر إيجابي يؤكد مدى إيمان المنتسبات بأهمية الرياضة النسائية، بما لا يتعارض مع الدين والعادات والتقاليد».
وتشاركها الأمل المرشحة لمنصب معاون تدريب الفريق أحلام العماوي، التي أكدت وجود فرق كبير بين ما تعلمته في جامعتها (الأقصى في غزة) نظرياً، والممارسة العملية على أرض الواقع، مشددة على ضرورة الاهتمام برياضة المرأة، ليس على مستوى كرة قدم فقط، بل في مختلف الألعاب الأخرى أيضاً.
واختتمت العماوي حديثها لـ «الأخبار» بالقول «المجتمع بدأ يتفهم الدور الرياضي للمرأة، لذلك هناك فرصة للفتيات من أجل إثبات أنهن على قدر من المسوؤلية والمنافسة في ممارسة الرياضة».




رياضات فردية فقط

تقتصر مشاركة النساء الغزّاويات في الرياضة الفلسطينية على الألعاب الفردية داخل قاعات مغلقة يمنع على الرجال دخولها، أو حتى تدريب الفتيات خلالها، بغض النظر عن أعمارهن، وكذلك الوضع نفسه في نوادي الجامعات الرياضية.