ما الذي يريده رئيس نادي كرة القدم؟ مال؟ سُلطة؟ شعبيّة؟ «وجود»؟ ربما أبعد... رؤساء الأندية اللبنانية ليسوا مثل نظرائهم في الخارج. المال يُدفع هنا دون ربح، ليس من هذه المصلحة على الأقل. المعادلة تُشير إلى خسارة مالية من جهة، وربح مالي من جهةٍ أخرى، غير رياضيّة. العلاقات مهمّة، و«السَّيسَرة» أيضاً.وكما حال الاتحاد اللبناني للعبة، يحصل معظم رؤساء الأندية على «البركة» من قِبل مرجعيّاتٍ سياسية قبل تعيينهم على رأس الإدارة. ثمّة تجارب أوروبية ناجحة على هذا الصعيد. العديد من رؤساء الأندية في الخارج وصلوا إلى مواقعهم عبر الأحزاب، وفي لبنان، يُشهد لبعض الرؤساء النجاح في عملهم. ربما، لولا وجود هؤلاء، لما كانت هناك لعبة. هذه الأخيرة تحتاج إلى المال لتستمر. لكن المشكلة الأساسية ليست في عمل إدارات الأندية فحسب. هم يتشاركون مسؤولية ضعف مستوى اللعبة مع الاتحاد، لكنّ مسؤوليتهم الأكبر هي أنّهم قلّما يُقدّمون اقتراحاتٍ للتطوير، واعتراضاتهم تكون إما عامّة، عن «عمل الاتحاد»، أو مُحدّدة في الشأن التحكيمي. الإدارات تهمّها نتائج فرقها بالدرجة الأولى، قبل أن تُقيّم مستواها الفنّي، أو مستوى البطولة ككُلّ. لا بأس بالنسبة إليها بالغوص في الوحل، حرفياً أحياناً، في الملاعب، طالما أنّها لا تغرق.
والأندية تخاف. الخوف هنا لا ينحصر بالسقوط إلى درجةٍ أدنى أو إنهاء الموسم دون ألقاب. تخاف لأنّها مُكبّلة. لا يُمكن الخروج من بيت الطّاعة. الأحزاب تأمر، وثمّة من يجب أن يُنفّذ. تنتقد كثيراً، وحين يأتي موعد المحاسبة في الجمعية العمومية، تصمت.
قبل سنتين، وجّه رئيس نادي الأنصار نبيل بدر رسالةً إلى السياسيين. «الرؤوس» كما سمّاهم. «الرئيس (نبيه) برّي والرئيس (سعد) الحريري ووليد (جنبلاط)، القيّمون على لعبة الفوتبول ومن يُركّب الاتحاد اللبناني لكرة القدم». توجه إليهم بالقول: «اسعوا إلى تشكيل اتحادٍ جديد لديه غيرة على لعبة الفوتبول ويُعيد لها الهيبة. بهذه المنظومة الموجودة ما في فوتبول. جرّبناها 18 سنة ولم تصل بنا إلى أي مكان».
الأندية تعترض طوال الموسم وعند الاستحقاق تعود خطوات إلى الخلف


بدر، هو أكثر رؤساء الأندية في لبنان انتقاداً لعمل الاتحاد. كان ناديه غائباً عن منصّة التتويج بلقب الدوري حتّى قبل ترؤسّه الإدارة عام 2011، وبقيَ على هذا الحال حتّى الموسم الماضي، حين حصل على ثنائية الدوري وكأس لبنان. قبل هذه الرسالة بسنة، حُمل بدر على الأكتاف أمام مقر الاتحاد في فردان. قاد «اعتصاماً رمزياً»، وجّه من خلاله «رسالة نهائية وأخيرة إلى الاتحاد ومن يقف خلفه من سياسيين للإصلاح»، داعياً المسؤولين إلى الرحيل «إذا ما كانوا قادرين على بناء لعبة كرة القدم من جديد». تحالف مع رئيس النبي شيت أحمد الموسوي ورئيس العهد تميم سليمان، واتفق مع رئيس النجمة أسعد صقال وغيره. هو أكثر المعترضين على الأداء الاتحادي، وغالباً، أكثر من صرف على هذه اللعبة في السنوات الأخيرة، لكنه يقبل اليوم ببقاء الاتحاد. يحاول إدخال وجوهٍ جديدة في اللجنة التنفيذية، بمساعدةٍ من المرجعيّة السياسية، لكنّها تُرشّح وجهاً آخرَ من نادي النجمة.
في مقابل إخفاق الأنصار في العديد من المواسم، نجح العهد برئاسة تميم سليمان. حقّق ما لم يسبقه إليه أحد، بتتويج ناديه بلقب كأس الاتحاد الآسيوي. هو أيضاً من الرؤساء الذين ينتقدون عمل الاتحاد. سبق أن أشار مراراً إلى عدم وجود مشكلة شخصية مع الرئيس والأعضاء، لكنه يؤكّد دائماً وجود «تقصير في مختلف المجالات، وعدم جديّة ولا خطة للخروج بأي مشروع ناجح، حتى على مستوى المنتخبات الوطنية»، كما قال لـ»الأخبار» قبل سنتين.
رئيس النجمة أسعد صقال، لم تختلف تصريحاته وإطلالاته الإعلامية عن نظيرَيه في الأنصار والعهد. قبل شهرين فقط، قال إن «البطولات في لبنان تُؤخذ في المكتب قبل الملعب»، وإن ناديه «ممنوع أن يأخذ بطولة». هاجم لجنة الحكّام مراراً.
الأندية الأكبر والأكثر تأثيراً في لبنان لم تكن الوحيدة التي هاجمت الاتحاد. قبل أربع سنوات علّقت أندية السلام زغرتا وطرابلس والاجتماعي والرياضة والأدب مشاركتها في البطولات المحليّة، وتضامن معها التضامن صور والنبي شيت. حينها قال رئيس نادي السلام اسطفان فرنجية، إن هناك «معركة مفتوحة منذ سنوات ضد فساد الاتحاد غير المنضبط»، مُهدداً بتشكيل لجنة قانونية وإعداد ملف يوثّق «كلّ المخالفات الجسيمة التي ارتكبها الاتحاد اللبناني» وتقديم دعاوى لدى المراجع المختصّة محلياً ودولياً.
الجمهور يعلم أن مصير الاتحاد بيد الأندية، لكنّ مصير الأندية ليس بيدها، إذ سلّمت رقابها للأحزاب، على الرغم من أن الأخيرة لم تعد تموّلها كما السابق. لم تعمل على التسويق لنفسها والحصول على معلنين لدعمها. لم تُؤسّس، ولم تضع خططاً للنجاح، بل عاشت كلّ يوم بيومه، للبقاء فقط. تعلم أن شكل البطولات ومستواها يُصعّبان عليها الوصول إلى من يدعمها، وحين جاءت الأزمة الاقتصادية، انتظرت الدعم من الاتحاد الدولي للعبة. لم يعد بإمكانها أن تستمر وحدها. حالها كحال البلد، يقف على الحافة، ويقترب من الهبوط، لكنّ هبوطها لن يكون إلى درجةٍ أدنى، بل ستلحق غالباً بأنديةٍ انتهت، إلّا إذا باشرت التغيير، وهذا الفعل، يمكن أن تبدأه قريباً، ربما الثلاثاء...



مطالبة بوقف إجراء الانتخابات والاتحاد يُنذر


تقدّم نادي أشبال الميناء الرياضي بطلبٍ أمام قاضي الأمور المستعجلة في بيروت، لإيقاف انعقاد الجمعية العمومية المقررة في 29 حزيران/يونيو الجاري، ووقف إجراء انتخابات رئيس وأعضاء اللجنة التنفيذية. وطلب النادي تصحيح دعوة الاتحاد الجمعيات إلى الانتخابات، بسبب «تضمّنها مخالفات في النظامين الداخلي والأساسي للاتحاد».
وتواصل الاتحاد مع النادي لسحب الدعوة، وأرسل له كتاباً أشار فيه إلى أن «تصرّفكم هذا مخالف لنص الفقرة 7_1 من النظام الداخلي للاتحاد اللبناني لكرة القدم، التي تحظر على الجمعيات المنتسبة إلى الاتحاد مراجعة القضاء ضد الاتحاد بخصوص مشاكل ومسائل تتعلّق بكرة القدم».
وأنذر اتحاد اللعبة نادي أشبال الميناء، بوجوب سحب المراجعة القضائية في مهلةٍ أقصاها الإثنين 28 حزيران/يونيو، تحت طائلة الإيقاف عن اللعب ومزاولة أي نشاط فني أو إداري من شهر إلى ستة أشهر في مرحلة أولى، وبالشطب من عضوية الاتحاد في مرحلة تالية، بحسب الفقرة 7_1 من النظام الداخلي.