مؤلمٌ ومؤثّرٌ كان المشهد ظهر يوم أمس في ملعب بيروت البلدي. من هذا المكان وفي هذا التوقيت شُيّع أمس جثمان الراحل عدنان الشرقي في مأتم جمع أهل الرياضة بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص.بين ساحة الملعب البلدي ومدافن الحرج حيث ووري في الثرى، تلخّصت مسيرة حياة المدرب الكبير. أصدقاء، رفاق درب، شركاء انتصارات، أجيال تخرّجت على يد الكابتن عدنان، حتى أخصام رياضيون حضروا لتوديع هامة كبيرة فقدتها الكرة اللبنانية.
في ملعب بيروت البلدي كانت الصلاة، وفي مدافن الحرج كان المثوى الأخير. في ساحة ملعب بيروت البلدي حضر تاريخ لعبة كرة القدم وحاضرها. حضر أصدقاء الكابتن عدنان وهم كُثُرٌ، وحضر محبّوه وهم أكثر.
[اشترك في قناة ‫«الأخبار» على يوتيوب]
لبنان الكروي حضر بجزء كبير منه أمس لتقديم واجب العزاء وتوديع الراحل الكبير. من الاتحاد اللبناني عبر رئيسه هاشم حيدر ومعظم أعضاء اللجنة التنفيذية، إلى وزارة الشباب والرياضة بمديرها العام زيد خيامي ورئيس مصلحة الرياضة محمد عويدات، انتهاءً برؤساء الأندية ولاعبين قدامى وحاليين. حشد رياضي كبير لم يغب عنه إلا قلّة قليلة. أسماء كثير جاءت لتوديع الصديق والمربي وحتى المنافس. تطول اللائحة لكن لا بد من ذكر بعضهم لما كان لهم من علاقة بالكابتن عدنان على مدى سنوات. سليم دياب، الرئيس التاريخي لنادي الأنصار وشريك الحاج عدنان بمسيرة الانتصارات الطويلة. الأمين العام الأسبق للاتحاد اللبناني رهيف علامة أحد أقرب الأشخاص إلى الشرقي على مدى سنوات. آخرون كثر كالوزير خالد قباني ورفيق الدرب محمود برجاوي «أبو طالب». كل هؤلاء وغيرهم جاؤوا لتقديم واجب العزاء إلى عائلة الكابتن عدنان وتحديداً نجله الخلوق محمد. لم يحتج محمد إلى هذه اللحظة كي يفتخر بوالده. فمسيرة الحاج عدنان كلها فخرٌ وحتى نهايتها كانت فخراً لكل من ارتبط اسمه به.
جمع الحاج عدنان الشرقي في يوم تشييعه أهل اللعبة من حلفاء وأخصام وأضداد


جمع الحاج عدنان الشرقي في يوم تشييعه أهل اللعبة، من حلفاء وأخصام وأضداد. وضعوا جميعهم كل خلافاتهم خلفهم وحضروا لتوديع أسطورة الكرة اللبنانية الحاج عدنان الشرقي.
لا شك أن للأنصاريين حصّة الأسد. كيف لا وهم يودعون أسطورتهم وصانع أمجادهم. لكنّ الحضور لم يقتصر على الأنصاريين فقط. النجماويون والعهداويون والساحليون والبرجيون والصفاويون وغيرهم وغيرهم حضروا. كيف لا يحضرون والراحل أكبر من كل المنافسات والتخاصمات الكروية وحتى «الحزازيات».
المشهد برمّته كان مؤثراً، لكنْ لعل أكثر اللحظات المؤثرة كانت بعد انتهاء الصلاة وبدء نقل الجثمان إلى مدافن الحرج. ولُفّ النعش بعلم الأنصار الذي حُمل على أكتاف محبي الفقيد وخرج من بوابة الملعب البلدي. هذا الملعب الذي شهد انتصارات الحاج عدنان على مدى سنوات طويلة. هذه المرة كان خروج الحاج عدنان هو الأخير على أمل أن تقوم بلدية بيروت بتسمية الملعب باسمه.


من الصعب أن يحبس المرء دموعه ويمنعها من الانهمار وهو يشاهد نعش الكابتن عدنان يخرج من بوابة الملعب البلدي على وقع أغنية المبدع أحمد قعبور «نادى منادي». هي الأغنية الأروع لنادي الأنصار والتي كتبها ولحّنها قعبور ملخّصاً تاريخ الأنصار، فبدا كأنه يتحدث عن الشرقي ورفاقه كمصطفى البابا وخالد قباني وغيرهما منذ بدأ حلمهم في مطلع الستينيات.
خرج نعش الشرقي على وقع أغنية قعبور وتصفيق محبّيه تحية للراحل وتاريخه.
تزايدت أعداد المشيّعين على طول الطريق واحتشد محبوه على الشرفات يلقون النظرات الأخيرة على من زرع الفرح في قلوبهم مدّة سنوات كثيرة.
تشييع يليق براحل كبير وضع بصمة لن تُمحى وانتصارات لن تُنسى. هو ليس رحيلاً فقط بل هو خسارة للأجيال الكروية القادمة...