ليس نيمار دا سيلفا هو النجم البرازيلي الوحيد الذي يقدّم الروائع حالياً في الملاعب الأوروبية مع فريقه برشلونة الإسباني، فإذا ألقينا نظرة ناحية إنكلترا وتحديداً إلى مدينة ليفربول فسنعثر على لاعب برازيلي آخر يصنع نجوميته مباراة إثر أخرى مقدماً أداء مميزاً في كل أسبوع في ملعب "آنفيلد رود"، والحديث هنا هو عن روبرتو فيرمينو الذي انتقل في الصيف الماضي من صفوف هوفنهايم إلى "الريدز" مقابل 41 مليون يورو في صفقة هي الأعلى في التاريخ سواء للآتين أو للراحلين عن الدوري الألماني.
بالعودة إلى الصيف الماضي وعند حلول فيرمينو على ليفربول تحت وقع المبلغ المذكور، كانت المدينة تلملم للتو جراحها التي خلفها رحيل رحيم سترلينغ إلى مانشستر سيتي وكان الترقب لمن سيخلفه في النجومية في "آنفيلد"، إذ إن هذا الملعب اعتاد أن يكون على عشبه نجم يجذب كل الأضواء ويتحول إلى ملهم كما الحال في السنوات الأخيرة، على سبيل المثال، مع الإسباني فرناندو توريس والأوروغوياني لويس سواريز وسترلينغ وغيرهم.
يبدو واضحاً أن كلوب جعل من فيرمينو محور ونقطة ارتكاز خطته

على أي الأحوال فإن الإنطباع الأول لوصول فيرمينو إلى ليفربول لم يكن مبشراً بالنسبة لجماهير "الريدز"، إذ إنه حتى الكثيريون منهم من غير المتابعين للاعب في الدوري الألماني لم يكونوا يعلمون الكثير عنه، برغم تألقه في صفوف هوفنهايم وكانت معرفتهم به مردها إلى ارتدائه قميص منتخب البرازيل قبل فترة قصيرة. هذا المشهد بحد ذاته كان كفيلاً بأن يزيد العبء على ابن مدينة ماسيو المعروفة بشواطئها الجميلة من أجل أن يؤكد أن تعاقد إدارة ليفربول معه كان في محله وبأنه الوريث لسترلينغ رغم اختلاف أسلوب أدائهما ومهمات كل منهما على المستطيل الأخضر.
غير أن الفترة الأولى لفيرمينو بعد ارتدائه قميص الفريق كانت سلبية في مصلحته وانعكاساتها كذلك كانت سلبية على جماهير "الريدز"، حيث بدا واضحاً عدم تأقلمه مع الكرة الإنكليزية وأجوائها، وهذا مفهوم ومبرر طبعاً، وخصوصاً للاعب برازيلي، لكن الصحيح أكثر أن المدرب السابق للفريق، الإيرلندي الشمالي براندن رودجرز، لم يعرف إبراز قدرات لاعبه الجديد وتقديمه بالشكل المطلوب في ملعب "آنفيلد"، كيف ذلك؟
الجواب يمكن أن نجده عند الألماني يورغن كلوب، الذي خلف رودجرز في تدريب ليفربول، إذ إنه منذ وصول هذا المدرب بعد إقالة سلفه فإن فيرمينو بدا كما لو أنه لاعب آخر في التشكيلة الحمراء، أو بالأصح أن موهبته انفجرت على نحو تبدلت معه كل صورته السابقة، على رغم قلة المدة الزمنية، وبدأ البرازيلي يأخذ مكاناً شيئاً فشيئاً في قلوب مشجعي ليفربول.
ما بدا واضحاً أن كلوب، الذي يعرف فيرمينو عن ظهر قلب من الملاعب الألمانية، جعل من البرازيلي محور ونقطة ارتكاز في خطته مع "الريدز" انطلاقاً من المهمات والأدوار الكثيرة التي يمكن أن يقوم بها هذا اللاعب، وكذا من قدراته الكبيرة إن لناحية صناعة اللاعب أو التسجيل والمراوغة.
المباريات الأخيرة لليفربول تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن المدرب الألماني نجح أيما نجاح في رهانه على اللاعب البرازيلي ولتأتي الظروف وتلعب دورها بإصابة البلجيكي كريستيان بينيتيكي ليلحق بالمهاجم الآخر دانيال ستاريدج حيث ضرب كلوب ضربته وزج بفيرمينو في مركز المهاجم الصريح بدلاً من مركزيه كمساعد للمهاجم أو صانع ألعاب، والنتيجة هي اكتشاف موهبة هجومية جديدة تتحدث عنها الأهداف الخمسة للاعب في آخر ست مباريات، آخرها أول من أمس بثنائية في مرمى نوريتش سيتي ومثلها قبل أيام أمام أرسنال بينها هدف خيالي، فضلاً عن صناعته أربعة أهداف لزملائه، ليصبح البرازيلي بالتالي حديث الجميع في ليفربول الآن، بعدما سبقه الألماني إلى ذلك.
كل المؤشرات الآتية من ليفربول تذهب إلى أن فيرمينو متجه بقوة لاحتلال مكانة كبيرة في ملعب "آنفيلد رود"، لكن في المشهد الخلفي لا بد من السؤال دوماً عن بصمة رجل اسمه كلوب. رجل يتقن صناعة النجوم.