مرة جديدة يخرج الهداف الفرنسي كريم بنزيما تاركاً بصمةً في إحدى المباريات المهمة لريال مدريد. هو فعلها كثيراً في كل المواسم التي لعب فيها بألوان الفريق الإسباني، لكن رغم ذلك، كانت الانتقادات تطاوله بكمية الأهداف التي سجّلها منذ انضمامه الى النادي الملكي.طبعاً، مرّ الجزائري الأصل بفترة انعدام توازن، وعاش فترةً صعبة على صعيد تسجيل الأهداف، مهدراً الكثير من الفرص السهلة، ما جعل البعض يطالب بترحيله من نادي العاصمة الإسبانية واستقدام هدّافٍ آخر يمكنه القيام بالمطلوب.
لكن بنزيما عاد فجأةً الى مستواه وقدّم أداءً ثابتاً، استحق من خلاله أن يكون المهاجم الذي لا غنى عنه في تشكيلة مواطنه زين الدين زيدان، الذي لطالما اعتبره رأس الحربة الأمثل والرقم 9 المميّز الذي يقوم بعملٍ كبير داخل الملعب.
هذه النقطة تحديداً هي الأهم، وهي التي تعكس فكرةً بأن بنزيما مظلوم، لا لأنه استُبعد منذ سنوات من منتخب فرنسا بل لأنه أكثر من مهاجم وأكثر من هدّاف. لاعب ليون السابق يمثّل نوعاً من المهاجمين النادرين في عالم كرة القدم، إذ إنه يلعب أدواراً مختلفة، فيخرج من مركزه لمساعدة زملائه لاعبي الوسط عندما يكونون تحت الضغط. ويعمل أيضاً على طلب الكرات وتسلّمها والجري بها، إذ لا يكتفي بالتمركز داخل منطقة الجزاء، وهو ما يجعله ممرّراً حاسماً أيضاً.
بنزيما سجّل 15 هدفاً في «الليغا» و5 أخرى في دوري أبطال أوروبا هذا الموسم، وهي كافية لتبقيه الخيار الأول للموسم المقبل وحتى الى ما بعده، وهو أمر حصل أصلاً طوال مواسم خلت، حيث جاءت مجموعة كبيرة من المهاجمين، لكنّ أحداً لم يتمكّن من إزاحته من مكانه.
ألعاب إعلامية وتسويقية
إذاً، ربما هي اللعبة الإعلامية وخدعة وسائل التواصل الاجتماعي التي تظلم اللاعبين في مكانٍ ما، وهو أمر قد يكون عاشه مهاجم فرنسي آخر هو أوليفييه جيرو الذي أثبت نفسه مع تشلسي، رغم عدم احتفاظه بمركزٍ أساسي دائماً. جيرو هذا كان حاضراً في كل مرّة اختاره مدربو «البلوز» ليكون أساسياً، وهو رغم وصول النجم الألماني تيمو فيرنر وظهور موهبة الشاب تامي أبراهام، أطلّ كأفضل هدّافٍ في تشكيلة الفريق اللندني بتسجيله 6 أهداف في دوري الأبطال.
وإذا كان هناك اختلاف حول ظلم جيرو، فإن أحداً لا يختلف بأن النجم الألماني توماس مولر يستحق أن يقف بين أفضل خمسة لاعبين في العالم. هذا اللاعب الذي لا يملك «وجهاً تسويقياً» هو أفضل من «ملك الإعلام» ديفيد بيكهام على صعيد الأرقام والألقاب خلال مسيرته مع بايرن ميونيخ ومنتخب ألمانيا.
أفضل ممررٍ للكرات الحاسمة في البطولات الأوروبية في الموسم الماضي، يجعل من كرة القدم مسألة سهلة من خلال مجهودٍ خرافي يقدّمه في كل مباراة. أما الإشادات فهي تذهب الى زميله البولندي روبرت ليفاندوفسكي الذي ربما استحق جائزة أفضل لاعب في العالم، لكن الأكيد أن مولر يستحق الضجة نفسها التي أحيطت بهدّاف فريقه كونه كان بلا شك الحجر الأساس في سداسية بايرن التاريخية.
وبالحديث عن بايرن، فإنه لا يجب الاستخفاف بموهبة لوروي سانيه، فهذا الشاب صاحب القدم اليسرى الحساسة والفنيات العالية يملك موهبة استثنائية. لمسته الجميلة وأناقته في التعامل مع الكرة عند استحواذه عليها، تجعل منه واحداً من أكثر اللاعبين متعةً للمشاهدة، لكنه يحتاج بالتأكيد الى تسليط الأضواء عليه مجدداً كما كانت الحال قبل أن يتعرّض لإصابة قوية مع فريقه السابق مانشستر سيتي.

ظلمة تحجب اللمعان
الأضواء الضعيفة لا تظهر أحياناً بعض الأسماء اللامعة، إذ لا يمكن الاستهانة أبداً بما يقدّمه رحيم سترلينغ مع السيتي، فهو مع نضوجه بين الموسمين الماضي والحالي، بدا أنه قادر على تقديم كل شيء واجتراح المعجزات على أرض الملعب، إضافةً الى إظهاره صفة جديدة وهي القيادة. سترلينغ لاعب كبير من دون شك، ويستحق أن يكون الأفضل إنكليزياً، لكنه يظلم هناك في بلاد «البريميير ليغ» لسببٍ بسيط وهو أن الصحافة المحلية بدت منبهرة أكثر بالنجوم الأجانب، ولم ترحم نجومها المحليين الذين تنتظرهم عند كل خطأ لخلق فضيحة تؤثر بلا شك على مسيرتهم.
بيكهام أشهر من مولر تسويقيّاً رغم أن الأخير أفضل منه بالأرقام والألقاب


لكنْ هناك أجانب يظلمون أيضاً بفعل تألق زملاء لهم بشكلٍ غير طبيعي. ففي ليفربول مثلاً، لا يعلم كثيرون أهمية لاعب الوسط الهولندي جورجينيو فينالدوم الذي يعدّ من المفاتيح المهمة جداً لدى «الريدز»، ولولا النجومية الاستثنائية للثلاثي: المصري محمد صلاح، السنغالي ساديو مانيه والبرازيلي روبرتو فيرمينو، لكان فينالدوم اللاعب الأفضل على الإطلاق بنظر الجميع.
ربما لا يجب أن يحزن فينالدوم بسبب ما يعيشه، إذ قبله عرف لاعبٌ يشبهه في المجهود الظلم نفسه إعلامياً وعالمياً، وهو الإسباني سيرجيو بوسكتس، الذي بقي غالباً في الظلمة بسبب التألق الخرافي للأرجنتيني ليونيل ميسي والنجوم الآخرين في برشلونة الإسباني، رغم أن لاعب الوسط ــــ المدافع قدّم دائماً مجهوداً جباراً يوازي بأهميته كل تلك الأهداف المهمة التي سجلها «ليو» للفريق.

الظلم من قلب البيت
كما يأتي الظلم أحياناً من قبل إدارات الأندية، ففي ريال مدريد مثلاً ظُلم الحارس الكوستاريكي كايلور نافاس كغيره من المميزين الكثيرين الذين خرجوا من النادي الملكي بطريقةٍ غريبة، رغم ارتقائهم الى مستوى التحدي. نافاس، الذي كان أحد الأسباب في حصد الريال لأهم الألقاب، أُخرج لإفساح المجال أمام قدوم البلجيكي ثيبو كورتوا. لكن قبل الموسم الحالي، كان حارس باريس سان جيرمان الفرنسي أفضل من الرقم 1 في فريق العاصمة الإسبانية، وقدّم نفسه أحد أفضل حراس المرمى في العالم.
وتطول اللائحة لتشمل عدداً من الهدافين هنا وهناك الذين لا يأخذون حقهم في الإعلام ولدى الرأي العام، وعلى رأسهم مهاجم موناكو الفرنسي وسام بن يدر، الذي قَدم من عالم كرة الصالات ليثبت نفسه هدافاً مرتبطاً بالشباك في الملاعب الخضراء. كذلك، بدا المهاجم المكسيكي راوول خيمينيز لاعباً مختلفاً عن ذاك الذي حصد الخيبة مع بنفيكا البرتغالي وإتلتيكو مدريد الإسباني، فتحوّل الى ماكينة تهديفية مع وولفرهامبتون وندررز الإنكليزي، لكن الأندية الكبيرة لم تخطب ودّه حتى الآن لأن الأضواء لم تسلّط عليه كغيره من اللاعبين.
ظالمة هي كرة القدم فعلاً، أليس ظلماً أن يستغني برشلونة عن الأوروغوياني لويس سواريز الذي يعدّ السبب الرئيسي وراء صدارة إتلتيكو مدريد للدوري الإسباني؟ نعم هي ظالمة، لكن بعض اللاعبين مثل «لويزيتو» يعرفون كيف يثأرون لأنفسهم وينتزعون حقهم بأيديهم.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا