وقّع الإسباني جوزيب غوارديولا مؤخّراً عقداً طويل الأجل مع مانشستر سيتي الإنكليزي، لكن للمرة الأولى في مسيرته التدريبيّة الزاخرة، قد تحدّد النتائج مصير المدرب الكاتالوني بدلاً من رغبته في خوض تحدٍّ جديد أو الخلود إلى راحة موقتة.وأظهرت إدارة سيتي من جهتها مدى التزامها بمشروع غوارديولا من خلال تمديد عقده حتى عام 2023 الأسبوع الماضي، وبالتالي هناك سبب وجيه لإيمان النادي به.
فغوارديولا وراء اثنين من ثلاثة مواسم حقق فيها سيتي أعلى عدد من النقاط في تاريخ الدوري الإنكليزي الممتاز، إلى جانب ستة ألقاب في المواسم الأربعة الأولى له في تدريب الفريق.
لكن السقوط 2-0 أمام توتنهام السبت، والذي ترك «سيتيزنز» بعيداً بفارق ثماني نقاط عن صدارة جدول الترتيب، عزّز الصعوبات التي بدأت مع منذ انطلاقة الموسم الماضي.
ويقبع رجال غوارديولا في المركز 13 في ترتيب الدوري، مع مباراة مؤجلة. لكن العودة بـ12 نقطة فقط من أول ثماني مباريات في الموسم هي الأدنى منذ موسم 2008/2009، بعد أشهر من فقط من الاستحواذ الإماراتي على النادي وبدء ضخّ الملايين فيه.
وفي رصيد سيتي الآن فارق أهداف سلبيّ، بعدما سجل 10 أهداف فقط في الدوري، وهو أدنى معدّل له في هذه المرحلة من الموسم منذ 2006/2007 عندما احتلّ المركز 14 تحت قيادة ستيوارت بيرس وفشل في تسجيل هدف واحد على أرضه بعد رأس السنة.
وأقرّ غوارديولا بذلك قائلاً: «الحقيقة أننا نعاني لتسجيل الأهداف هذا الموسم. عشرة أهداف في ثماني مباريات ليست جيدة بما يكفي».
ولطالما كانت الطامة الكبرى لغوارديولا مع سيتي، في دوري أبطال أوروبا، إذ لم يكن قادراً في أربعة مواسم حتى على تكرار أفضل مسيرة للفريق بالوصول إلى نصف نهائي المسابقة تحت قيادة التشيلي مانويل بيليغريني في 2015/2016.
لكن الموسم الحالي أوروبيّاً يبدو جيّداً لسيتي الذي تمكّن من تخطّي بورتو البرتغالي ومرسيليا الفرنسي وأولمبياكوس اليوناني، مسجلاً ثلاثة أهداف في كلّ مباراة، مُحكِماً سيطرته على المجموعة الثانية.
وبالتالي، سيضمن الفوزُ على أولمبياكوس في مباراة الذهاب الأربعاء تأهّله إلى دور الستة عشر للموسم الثامن على التوالي في دوري الأبطال.
أظهرت إدارة سيتي من جهتها مدى التزامها بمشروع غوارديولا من خلال تمديد عقده حتى عام 2023


لكن «سيتيزينز» لم يظهروا كثيراً أنهم تعلّموا من أخطائهم التي كلفتهم مراراً الإقصاء في مرحلة خروج المغلوب من دوري الأبطال بمجرّد مواجهة خصم عالي المستوى.
فكانت الهزيمة أمام توتنهام تقريباً نسخة طبق الأصل عن انتصار رجال المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو 2-0، عندما التقى الفريقان قبلها لآخر مرة في شباط/ فبراير.
وخلال المباراتين على ملعب توتنهام، كان للفريق الزائر 41 محاولة على المرمى من دون تسجيل، فيما سجل توتنهام أربعة أهداف من تسديداته الخمس على مرمى الخصم.
وتمكّنت فرق ليون وموناكو الفرنسيين، وتوتنهام وليفربول، من فك شيفرة سيتي في دوري الأبطال من خلال الدفاع بعمق والهجمات المرتدة السريعة.
لكن غوارديولا لا يزال واثقاً من أن سيتي سيبدأ قريباً في تسجيل الأهداف بالوتيرة التي اعتاد عليها.
وقال: «سجلنا في موسمين أكثر من 100 هدف. 80 أو 90 في المئة من اللاعبين متشابهون، وخصوصاً في الهجوم».
لكن الأسئلة الكبرى تبقى بمعزل عن الكرة، إذ إن الضغط الشديد لاستعادة الكرة من سيتي الذي جمع 198 نقطة في الدوري الإنكليزي الممتاز في الموسمين بين 2017 و2019، انتهى.
فبدون ذلك، يبدو التلاعب بالفريق سهلاً حتى مع مجموعة من اللاعبين الدوليين باهظي الثمن.
فقد دفع النصف الأزرق من مدينة مانشستر لتحصين دفاعه نحو 352 مليون دولار، لاستقدام المدافعين البرتغاليين جواو كانسيلو وروبن دياش والفرنسي إيمريك لابورت وكايل ووكر، بالإضافة إلى الحارس البرازيلي إيدرسون. لكن ذلك لم يمنعهم من السقوط أمام مكر هاري كاين وسرعة الكوري الجنوبي سون هيونغ-مين والهولندي ستيفن بيرخفين.
لكن غوارديولا بقي بعيداً عن أساليبه السابقة مع برشلونة وبايرن ميونيخ نسبياً، لشعوره بأن مطالبه الشديدة قد أجهدت حتى أفضل الفرق.
ومع توقيع تمديد عقده، فإنه بالتالي سيقضي مواسم عدة في مانشستر، بقدر مواسمه في برشلونة وميونيخ مجتمعين.
وعلى غير العادة بالنسبة لواحد من أعظم مدربي كرة القدم في العالم، يجد غوارديولا نفسه في موقع مجهول، حيث يتعيّن عليه إعادة بناء فريق ثانٍ عظيم في النادي نفسه، لكن الإشارات المبكرة لم تكن واعدة.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا