عرف الدوري الإسباني الممتاز في السنوات الأخيرة سباقاً ثنائياً على اللقب بين برشلونة وريال مدريد، «خرقه» الروخيبلانكوس في مناسباتٍ قليلة. حجم قطبَي إسبانيا بما فيه من مواهب استثنائية وموارد ضخمة صعّبت المهمّة على الفرق الأخرى في دخول القائمة الضيّقة، غير أنّ الظروف الاستثنائية الحالية قد تُغيّر المعادلة.هو موسم العجائب والمفاجآت. فبعد أن قُلبت موازين القوة في «بريميرليغ»، تمكّن فيروس كورونا من خلط أوراق الدوري الإسباني أيضاً، حيث كان لافتاً تراجع العديد من الفرق مقابل تقدّم فرقٍ أخرى. عدم قيام أندية القمة بانتقالاتها المعتادة إضافةً إلى غياب الجماهير، أدّى إلى كسر هاجس رهبة الملاعب الكبرى وساهم بالتالي في توافق الكفّتين بين أندية النخبة والأندية الأخرى. لا كبير في إسبانيا حتى الجولة الثامنة. الجميع متقارب رغم تفاوت عدد المباريات الملعوبة. بعيداً عن العوامل الاستثنائية التي وضعت ريال سوسيداد بالقمة «مؤقتاً»، لا بدّ من الإشادة بالعمل الذي يقوم به المدرب إيمانول ألغواسيل منذ الموسم الماضي، حين استحوذ الفريق على قلوب الجماهير المحايدة في كرة القدم الإسبانية.
أنهى سوسيداد موسمه الماضي في المركز السادس، غير أنّ الانطباع الذي تركه النادي في الوسط الإسباني تجاوز النتائج. فريقٌ شاب بكرةٍ متوازنة وجميلة أزعج فرق المقدمة، وكان قاب قوسين أو أدنى من بلوغ المراكز الأربعة الأولى لولا التخبّطات التي عصفت به بعد فترة التوقف القسري.
برز العديد من اللاعبين في تشكيلة المدرب حينها، مثل النرويجي المعار من ريال مدريد مارتن أوديغارد الذي كان أحد أفضل لاعبي الدوري في الموسم الماضي. بعيداً عن أوديغارد، تألّق كلٌّ من ألكساندر إيزاك وميكيل أوريزابال كما لعب كلّ من ميكيل ميرينو وبورتو وإيغور زوبيلديا وناتشو مونريال أدواراً بارزةً في تألّق النادي. أسماءٌ رفعت من شأن سوسيداد، وساهمت في تحسّن الفريق هذا الموسم بعد بقاء أغلبها داخل قلعة «الأنويتا».
يحتلّ ريال سوسيداد صدارة ترتيب الدوري الإسباني بعد مرور ثماني جولات، ويعكس موقعه في الصدارة تميّز المنظومة بمزيجٍ من المواهب الشابة وعناصر الخبرة التي تُوَظّف تبعاً لقرارات رجل الفريق الأول، المدرب إيمانول ألغواسيل.
لم يستقبل الخط الخلفي سوى أربعة أهداف في الدوري، وقد حافظ الفريق على نظافة شباكه في أربع من ثماني مباريات. حقق سوسيداد 5 انتصارات، تعادلين وخسارة، وقد شملت الانتصارات فوزاً مُقنعاً على ريال بيتيس بثلاثيةٍ نظيفة وآخر أمام سيلتا فيغو بنتيجة (4-1)، كما تعادل مع ريال مدريد بلا أهداف.
يتميّز الفريق بتشكيلة (4-1-4-1) التي تتّسم بالصلابة وتعود على المنظومة بالتنوع والنجاح. في الموسم الماضي، شكل أوديغار مركز ثقل الفريق. مع عودة الشاب النرويجي إلى ريال مدريد هذا الموسم، اتّجه المدرب للبحث عن بديل يعيد التوازن للمنظومة، فوقع الخيار على لاعب مانشستر سيتي السابق دايفيد سيلفا الذي سجّل أول أهدافه في مباراة الفريق الماضية أمام سيلتا فيغو.
جولاتٌ قليلة لُعبت، أظهرت مدى تأثير سيلفا على الفريق. لمحات فنية لافتة قدّمها «الساحر الإسباني» شكّلت القطعة المفقودة في أسلوب النادي الذي يميل للبناء من الخلف، وأخذ أكبر عدد ممكن من اللمسات قبل الوصول إلى الثلث الأخير من الملعب. هكذا، أصبح سيلفا اللاعب الأبرز في المنظومة، غير أن الشمولية التي يعرفها الفريق حالت دون خطف الأضواء من باقي العناصر.
المقاعد المؤهّلة إلى دوري الأبطال هي الهدف الأول للمتصدّر الحالي


إلى جانب سيلفا، يبرز الدولي الإسباني ميكيل أوريزابال، الذي يشكّل مصدر الخطر الرئيسي في خط المقدمة نظراً إلى تمكّنه من شغل مركزَي الجناح الأيسر والمهاجم. يبرز أيضاً في الهجوم اللاعب كريستيان بورتو إضافةً إلى ويليان خوسيه الذي قدم أداءً جيداً منذ انتقاله من لاس بالماس، من دون إغفال لاعب مانشستر يونايتد السابق عدنان يانوزاي. «زحمةٌ» في خط المقدمة تعطي المدرب خيارات مختلفة تبعاً لمجريات كلّ مباراة.
في الوسط، يبرز ضابط الإيقاع ميكيل ميرينو، حيث يعطي ابن الـ24 عاماً التوازن المطلوب بين الصلابة الدفاعية والنجاعة الهجومية، أما على صعيد الدفاع فتشكّل ثنائية أندوني غوروسابل وروبن لو نورمان مصدر الأمان للفريق.
أوروبياً، يحتلّ سوسيداد المركز الثالث عن المجموعة السادسة من الدوري الأوروبي بفوزٍ وخسارة. رغم ذلك، يبقى الفريق مرشّحاً فوق العادة للتأهّل رفقة نابولي.
فريق ألغواسيل في حالةٍ جيدة ويستعد لموسمٍ ناجح على الصعيدَين المحلي والأوروبي. استمرارية مشاركة اللاعبين بعيداً عن «لعنة» الإصابات وكورونا ستشكل عاملاً حاسماً في نجاح موسم الفريق من عدمه. المقاعد المؤهلة إلى دوري الأبطال هي الهدف الأول، بانتظار ما ستُسفر عنه الجولات المقبلة.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا