موسمٌ جديد يدخله لايبزك مرشحاً للفوز بالدوري الألماني لكرة القدم. الفريق الذي تأسّس قبل سنواتٍ قليلة (2009)، أصبح اليوم منافساً رئيساً على اللقب المحلّي، ليغيّر بذلك معادلة الصراع الثنائي السائدة بين بايرن ميونيخ وبوروسيا دورتموند.لم تكن الطريق معبّدة لنجاح فريق لايبزك، غير أن حسن الإدارة والتنفيذ جعل الهدف أقرب للتحقيق. فقد تأسّس النادي عام 2009 على يد شركة مشروبات «ريد بول» النمساوية، ونجح خلال سبعة مواسم بالوصول إلى دوري الدرجة الأولى. حاولت «ريد بول» تسمية النادي على اسم الشركة، لكن الاتحاد الألماني رفض ذلك، لتصبح تسمية النادي «RB Leipzig»، و«أر بي» هو اختصار لشركة «ريد بول». خطوةٌ فتحت النار على النادي «الحديث»، ليتعرّض إلى حملات كراهية واتهامات طاولت مالكه بسبب جعل النادي واجهة لأرباح شركة مشروبات الطاقة. بعيداً عن تلك الاتهامات، رأى بعض المحللين الرياضيين أن الكره الكبير لنادي لايبزك يعود إلى خلفية طبقية بالدرجة الأولى، نظراً إلى كونه أحد أندية شرق ألمانيا، وهو النادي الوحيد من تلك المنطقة الذي يمكنه منافسة أندية الغرب.
النقمة الكبيرة التي يتعرّض لها النادي لا تلغي النجاحات التي عرفها، حيث يبقى لايبزك أحد أفضل النماذج الرياضية التي ظهرت منذ مطلع الألفية. يعكسُ ذلك نجاحه في فرض نفسه منافساً على الساحتين المحلية والأوروبية دون البذخ في عملية استقدام اللاعبين.
يُعد لايبزك أحد أفضل الأندية التي تصنع النجوم، وذلك بفعل امتلاء صفوفه بمواهب شابة قابلة للتطور. لايبزك هو امتداد لسلسلة التجارب الأوروبية التي اشتهرت بهذا الأسلوب، مثل أندية: أياكس الهولندي، آرسنال الإنكليزي، موناكو الفرنسي، بورتو البرتغالي... وهي أنديةٌ تقوم بتطوير المواهب الصغيرة وتنميتها ثم بيعها بعد الاستفادة من قدراتها. ما ميّز لايبزك عن غيره، هو عدم تفضيل عائد البيع على حساب مسار الموسم، حيث يفضّل الفريق التخلي عن لاعبيه البارزين في الصيف لتأمين البدلاء المناسبين وعدم خلخلة المنظومة.
بات لايبزك المهدّد الرئيسَ لعرش بايرن ميونيخ في ألمانيا


هذا الإجراء، مثّل سمة التفوّق الأساسية للفريق، وخاصةً أن النجاح لم يأت نتيجة البذخ في الصفقات، بل عن طريق الاستثمار بالمواهب الشابة لتطويرها والاستفادة منها على المدى الطويل، ثم بيع اللاعبين الراغبين بترك النادي في التوقيت المناسب. ظهر ذلك جلياً مع نابي كيتا حين انتقل إلى ليفربول الإنكليزي، ثم تيمو فيرنر المنتقل حديثاً إلى تشلسي، وكان لافتاً عدم تأثر الفريق بغيابهما.
شهد الموسم الماضي على أولى ثمار المشروع الألماني، بعد أن وصل الفريق إلى مرحلةٍ متقدمة من النضج الفنّي والإداري. إنجازٌ نوعي تمثّل باحتلال لايبزك المركز الثالث مع المدرب الشاب جوليان ناغلسمان، فارضاً نفسه منافساً رئيساً على اللقب خلال مجريات الموسم لولا تعثرات جولة الإياب. لم ينحصر التميز على الصعيد المحلي وحسب، بل امتدّ إلى الساحة الأوروبية بعد وصول الفريق إلى نصف نهائي دوري الأبطال. مسيرةٌ مشرّفة عرفها لايبزك، أخرج خلالها فريق توتنهام-مورينيو من دور الـ16 برباعية نظيفة، ثم أتلتيكو مدريد-سيميوني من دور ربع النهائي بهزيمة متأخرة (2-1)، قبل أن يتوقّف المشوار عند دور نصف النهائي على يد باريس سان جيرمان، بعد الخسارة بنتيجة (3-0). موسمٌ شبه مثالي، يسعى لايبزك لتكراره بقيادة ناغلسمان، مع تحقيق الألقاب.
لايبزك قادم بقوة. الطريق لا تزال طويلة للمجد، غير أن منصات الألقاب تبدو أقرب من أي وقتٍ مضى. الفريق جاهز فنياً وإدارياً، وهو في صدد انتزاع مركز بوروسيا دورتموند، ليصبح المهدّد الرئيسَ لعرش بايرن ميونيخ.

اشترك في «الأخبار» على يوتيوب هنا