منذ حوالى شهر، برز اسم رجل الأعمال التونسي محمد العياشي العجرودي ـ الرئيس السابق للملعب القابسي ـ بعدما أعلن عن رغبته في شراء نادي مارسيليا الفرنسي، والذي يعتبر واحداً من أبرز الأندية الفرنسية، والنادي الوحيد الذي فاز بدوري أبطال أوروبا من بين جميع أندية "الليغ 1". العجرودي لم يكن وحده، بل ظهر معه اسم الرئيس السابق لنادي تولون "للركبي" مراد أبو جلال، والذي قيل إنه يقود المفاوضات، والذي سيصبح رئيس نادي مارسيليا في حال إتمام الصفقة، على أن يكون العجرودي رئيساً لمجلس الإدارة.
تحسّن وضع النادي أخيراً وتأهّل إلى دوري أبطال أوروبا(أ ف ب )

كثير من الكلام قيل خلال هذه الفترة، حتى إن العجرودي ذكر في أكثر من مناسبة أن المفاوضات تتقدّم بشكل جيد، وأن عملية شراء النادي باتت قريبة. ولكن كل هذا الكلام اصطدم بحائط كبير، وخاصة عندما أعلنت إدارة النادي أنها لا تريد بيع النادي، وأنها لا تتواصل مع أحد في هذا الإطار، وبالتالي لا مفاوضات، ولا نية للبيع. وقال مالك مارسيليا، رجل الأعمال الأميركي فرانك ماكورت، إنه يرفض بشكل رسمي وقطعي التفاوض مع رجل الأعمال التونسي ـ الفرنسي محمد العجرودي لشراء النادي، وأبلغ رجل الأعمال التونسي ذلك بشكل رسمي عبر محاميه، بحسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. رفض البيع جاء أيضاً على لسان رئيس النادي جاك ـ هنري إيرود الذي أكد أن النادي بعث برسالة الى موكلي العجرودي وأبو جلال مفادها أن النادي ليس للبيع، وأنه ليس هناك نية للدخول في مفاوضات حتى، قائلاً "أشكر الذين أبدوا اهتماماً مالياً بالنادي، لكننا غير مهتمين بالبيع".

دور سعودي
مع ارتفاع وتيرة التصريحات بين الطرفين، خرج العديد من التقارير الفرنسية والأوروبية، التي تتحدث عن نية سعودية لشراء مارسيليا عبر العجرودي. وقالت التقارير إن رجل الأعمال التونسي هو واجهة لمستثمرين سعوديين يريدون شراء نادي مارسيليا بمبلغ يصل إلى 700 مليون يورو (785 مليون دولار أميركي). وبحسب تقارير نقلتها قناة فرانس 24 الفرنسية، فإن العرض يتضمن 300 مليون يورو للاستحواذ على ملكية النادي، و200 مليون لتغطية ديونه، و200 مليون للتعاقد مع لاعبين. هذا الكلام يتقاطع مع كلام سابق عن رغبة رجل الأعمال السعودي الوليد بن طلال في شراء النادي الذي يتمتع بشعبية جارفة في فرنسا.

مراد أبو جلال


العياشي العجرودي

وأكد العديد من المصادر أن السعوديين يريدون الاستثمار في كرة القدم الفرنسية، بعد الضربة الكبيرة التي تلقوها في إنكلترا، عقب فشل ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بشراء نادي مانشستر يونايتد قبل حوالى سنتين، ومن ثم فشله خلال هذا العام بشراء نادي نيوكاسل يونايتد. وتسعى السعودية عبر الاستثمار في الرياضة الى تبييض صفحتها، وحرف الأنظار عن الانتهاكات التي ترتكب في المملكة. هذا الكلام أكدته منظمة العفو الدولية عندما حذرت سلطات الدوري الإنكليزي الممتاز من الموافقة على شراء صندوق استثمار سعودي لنادي نيوكاسل يونايتد الإنكليزي. وبعثت مديرة منظمة العفو الدولية كايت ألين قبل أشهر قليلة برسالة إلى رئيس الدوري الإنكليزي الممتاز ريتشارد ماسترز تحذّره من خسارة سمعة منظمته في حال الموافقة على عملية البيع. وجاء في الرسالة: «طالما أنّ الأسئلة (المتعلّقة بحقوق الإنسان في السعودية) لم تُحلّ، فإنّ الدوري الإنكليزي الممتاز يغامر بخسارة سمعته من قبل هؤلاء الساعين إلى استخدام بريقه للتغطية على تصرفاتهم غير الأخلاقية». وأضافت: «جميع المؤسسات يجب أن تحمي نفسها ضد أي روابط محتملة في ما يتعلق بخرق قوانين حقوق الإنسان، والدوري الإنكليزي ليس مختلفاً». وتابعت: «إنّها أكثر من مجرد عملية مالية، إنها مسألة سمعة تتعلق بهيبة الدوري الإنكليزي وشغف قاعدة أنصار نيوكاسل». وفي هذا الإطار، يبدو أن السعودية لم ترد أن تدخل مباشرة على خط شراء نادي مارسيليا، فلجأت إلى رجل الأعمال التونسي العجرودي، الذي لديه الكثير من الأعمال والاستثمارات في السعودية، بحسب التقارير الصحافية، ليكون هو الواجهة، ويسيطر الصندوق السعودي على نادي الجنوب.
أكدت تقارير فرنسية أن رجل الأعمال التونسي محمد العجرودي يريد شراء النادي بدعم من مستثمرين سعوديين


وذهبت بعض التحليلات أبعد من تلميع صورة الرياض، متحدثة عن رغبة السعودية في منافسة قطر في الدوري الفرنسي، عبر شراء نادي مارسيليا، لينافس باريس سان جيرمان الذي يملكه الصندوق القطري. ويأتي هذا الصراع ضمن الصراع السعودي القطري على أكثر من جبهة اليوم. وفي هذا الإطار، نفى العجرودي أن يكون عرضه لشراء نادي أولمبيك مارسيليا يدخل في صراع سياسي بين السعودية وقطر. وقال رجل الأعمال التونسي لوكالة الصحافة الفرنسية "الأمر ليس سهلاً لهذه الدرجة، فما تقوله وسائل الإعلام المختلفة عن انتقال الصراع السياسي بين السعودية وقطر إلى الدوري الفرنسي ليس بهذه الصورة. في عرض الاستحواذ لن يتجاوز السعوديون والإماراتيون الأغلبية، وستكون هناك شركات من جميع أنحاء دول حوض البحر الأبيض المتوسط دون استثناء“. وأضاف ”منذ نشر الأخبار، أراد البعض ركوب هذه الموجة، لكننا هنا من أجل التسامح للعيش معاً. ليس لديّ أصدقاء ولا أعداء“.

الحسم في القضاء
إصرار العجرودي ومعه الجزائري مراد أبو جلال على الحديث عن هذا الملف، رغم نفي مالك النادي لأي كلام عن رغبته في البيع، أزعج إدارة مارسيليا التي رفعت دعوى قضائية ضد الجرودي وأبو جلال لأنهما قاما "بحملة إعلامية لثلاثة أسابيع تهدف الى زعزعة استقرار النادي". وما كان من الرجلين إلا أن ردّا بالمثل، واتهما النادي بأنه يزعزع صدقيّتهما. هذه الاتهامات، والاتهامات المضادة، من شأنها أن تأخذ الخلاف الى مرحلة أخرى، وبالتالي المزيد من التراشق الكلامي عبر وسائل الإعلام، والذي من شأنه فعلاً التأثير سلباً على النادي ـ إدارة ولاعبين ـ وخاصة في هذه المرحلة الحساسة، حيث يتم التحضير للموسم المقبل من الدوري، وللمشاركة أيضاً في دوري أبطال أوروبا بعد سنوات من الغياب.



بابلو لونغوريا مديراً رياضياً


أكد العديد من المصادر الفرنسية والإسبانية أن بابلو لونغوريا هو المدير الرياضي الجديد لنادي مارسيليا. والإسباني هو متخصص بالتوظيف يبلغ من العمر 33 عاماً، وبدأ مسيرته عام 2007 مع نادي نيوكاسل يونايتد الإنكليزي، كما كانت له تجارب في إيطاليا وتحديداً مع أتالانتا وساسولو ويوفنتوس، ومن ثم عمل مع نادي فالنسيا الإسباني منذ 2018 حتى أيلول 2020. وبحسب التقارير، فإنه في أولمبيك مارسيليا سيتعيّن على بابلو التعامل مع ميزانية محدودة، وبالتالي يجب أن يعثر على لاعبين بأسعار معقولة.