عند كل استحقاق يؤكد مهاجم نادي ليفربول محمد صلاح أنه من طينة الكبار. رغم كل الظروف الصعبة التي مرّ بها خلال مسيرته الكروية، كان صلاح يخرج بخبرة أكبر وعزيمة أقوى. ما عاشه في نادي تشلسي قبل نحو 7 سنوات، حيث لم يشارك كثيراً تحت قيادة المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو، كان لينهي مسيرته ضمن أندية القمة، لو أنه افتقد الإصرار والعزيمة والشخصية القوية. تطور صلاح كثيراً منذ ذلك الوقت. وكان الأثر الأكبر لهذا التطور والنضج الكروي، تجربته في إيطاليا، وتحديداً مع كلّ من فيورنتينا ونادي العاصمة روما. في إيطاليا اكتسب صلاح الثقة بالنفس، كما أنه تعلم كرة القدم الصعبة، تلك التي ترتكز على الخطط والتكتيك العالي، واستطاع أن يوازن بين هذا الشق وسرعته العالية.نضج صلاح في إيطاليا، وعاد بعدها إلى إنكلترا من بوابة نادي ليفربول، ليحقق معه عدداً كبيراً من البطولات (بينها كأس العالم للأندية ودوري أبطال أوروبا والدوري المحلي)، وليؤكد لمدربه السابق في تشلسي جوزيه مورينيو أنه أخطأ لأنه لم يثق به سابقاً ولم يعطه الفرصة للمشاركة.
خلال مباراة برايتون الأخيرة، حقق صلاح إنجازاً شخصياً مهما، بعدما بات أسرع لاعب في تاريخ نادي ليفربول يسهم في إحراز 100 هدف للفريق في «البريميرليغ». وحقق «أبو مكة» هذا الرقم في 104 مباريات فقط، منذ قدومه إلى المدينة الإنكليزية في العام 2017. وأحرز صلاح 73 هدفاً، وصنع 27 تمريرة حاسمة في أقل من 3 مواسم مع الفريق. واللافت هنا أن صلاح وصل الى المساهمة في 100 هدف خلال عدد مباريات أقل من روبي فاولر ومايكل أوين وستيفن جيرارد.
ووصل فاولر إلى هذا الرقم بعد 148 مباراة، أما مايكل أوين فساهم في مئة هدف بعد خوضه 158 مباراة، فيما خاض ستيفن جيرارد 212 مباراة لتحقيق هذا الإنجاز. هذه الإحصائية إن دلت على شيء، فهو القيمة الكبيرة للاعب المصري، الذي يشغل مركز الجناح القادر على التسجيل والصناعة.
مواسم استثنائية يلعبها الفرعون المصري؛ فهو أحرز في موسم 2017 ـ 2018 لقب هداف الدوري الإنكليزي مع 32 هدفاً، وكذلك في الموسم الذي تلاه حيث سجل 22 هدفاً، وهو اليوم وصل إلى 19 هدفاً مع 9 تمريرات حاسمة في الدوري المحلي، وهو يبتعد بفارق ثلاثة أهداف فقط عن مهاجم ليستر سيتي جايمي فاردي (22). أما في دوري أبطال أوروبا الذي ودّعه ليفربول باكراً، فقد سجل صلاح 4 أهداف وصنع 2 آخرين. أرقام مميّزة للاعب مميّز ينتظر منه ليفربول الكثير، ولا شك في أنه قادر على التطور أكثر تحت قيادة مدرب مميّز مثل يورغن كلوب.
ومن الأرقام التي يمكن لليفربول ومحمد صلاح تحطيمها هذا الموسم أيضاً، تخطّي حاجز الـ100 نقطة في الدوري. فبعد الفوز على برايتون، أصبح «الريدز» على بعد 8 نقاط من معادلة الرقم القياسي المسجل باسم مانشستر سيتي في موسم 2017-2018. ويحتاج ليفربول الآن الى الفوز بثلاث من مبارياته الأربع المتبقية لتحطيم رقم سيتي، لكن المهمة لن تكون سهلة، لأنه يواجه بيرنلي وآرسنال وتشلسي قبل أن يختتم الموسم ضد نيوكاسل.
هي فترة استثنائية للاعب استثنائي، وضع من خلال أدائه المميّز حداً لكل ما قيل عن أنه أقل من زملائه في الخط الهجومي لنادي ليفربول. هو لاعب يسجل ويصنع الأهداف، وقادر على تحقيق بطولات أكثر مع ناديه في ظل التركيبة الحالية.
لم يرتبط اسم صلاح أخيراً بأحد الأندية الكبيرة في أوروبا، فيما تحدث العديد من التقارير عن إمكانية انتقال زميله في الفريق السنغالي ساديو مانيه الى ريال مدريد الإسباني، ولكن كل هذا لا يؤثر على قيمة اللاعب أو مكانته في الفريق. والدليل على هذا الكلام الأخير هو ما قاله لاعب ليفربول السابق الإسباني لويس غارسيا، عن أن صلاح من وجهة نظره هو من أفضل 3 أو 4 لاعبين في العالم، وذلك بعد الأداء القوي الذي يقدمه. وقال غارسيا «محمد صلاح لاعب رائع ومن طراز فريد جداً، وأحد أفضل 3 أو 4 لاعبين في العالم، يريد أن يحقق لقب هداف الدوري الإنكليزي للمرة الثالثة على التوالي». وتابع: «أحب أن يبقى محمد صلاح في ليفربول، أندية مثل برشلونة وريال مدريد وأتليتكو مدريد تحب أن يكون لديها صلاح، ولكن أفضّل بقاءه في ليفربول».