لا يخفى أن الأزمة الاقتصادية الحالية يمكن أن تدفن الرياضات المختلفة الى أجلٍ غير مسمّى، إذ باتت الأندية بحاجةٍ ماسّة الى مساعدات عاجلة لكي تقف على قدميها مجدداً. لكن ما هو معلوم أيضاً هو أن هناك العديد من الأندية الوهمية في لبنان، وهناك أيضاً أندية تأخذ أكثر مما تستحق، لا بل إن بعضها يحصل على مساعدات توازي تلك التي يحصل عليها أصحاب الإنجازات المحلية والخارجية.اليوم تفرض الأزمة التي تمرّ بها البلاد إعادة النظر في كل شيء، وهو ما ينطبق أيضاً على الواقع الرياضي، الذي يبدو بحاجةٍ الى إعادة بناء. وهنا تأتي الفرص لوضع أسسٍ جديدة ومعايير جديدة أيضاً، تعكس سلّة من الإيجابيات للمستقبل وتساهم باستمرارية الرياضات وازدهار نتائجها، وهو أمر يرتبط بلا شك بكيفيّة البناء المفترض أن تتوجه نحو النشء أي ببساطة يجب الاستثمار في قطاع الناشئين قبل أي شيءٍ آخر، لتحصد بعدها الأندية والاتحادات والرياضات عامةً أرباحاً مالية ونتائج فنيّة بعيدة عن الخيبات.
من هنا، أصبحت مسألة وضع رؤية لكيفية استمرار الحياة في القطاع الرياضي في البلاد، ضرورية جداً. وهذه الرؤية يجب أن تنطلق من نقطة أساسية وهي العمل على إنتاج اللاعبين وتصديرهم الى الخارج، بعيداً من التسابق لضمّهم ضمن السوق المحلية «الفقيرة». والنقطة المشار اليها هنا تنطبق على كرة القدم وكرة السلة مثلاً، إذ أن نادياً على غرار العهد سيظهر مكتفياً مادياً في المرحلة المقبلة، كونه عاد ليقطف حصاد الاستثمار في نجوم اللعبة عبر إعارتهم الى أندية في الخارج، فذهب محمد قدوح الى السعودية، وخليل خميس وربيع عطايا الى ماليزيا، ومهدي خليل الى إيران، وحتى الغاني عيسى يعقوبو الذي أعير الى العربي الكويتي.
تقوية اقتصاد الرياضة يجب أن تُبنى الآن على استقطاب الأموال من الخارج


إذاً «البيزنس» لا بدّ أن يكون حاضراً في أي خطة عملية، لأن تقوية اقتصاد اللعبة أمر يجب أن يكون مبنياً في المرحلة المقبلة على استقطاب الأموال من الخارج، وخصوصاً بعد تراجع قيمة الليرة اللبنانية. وكما هو الحال في الزراعة والصناعة اللتين يُعمل دائماً على تعزيز قدراتهما لكي تصدّرا بضائعهما الى العالم وتجلبا الأرباح، يجب أن تعزّز الدولة قدرات الأندية الرياضية والاتحادات من أجل ضمان استمراريتها، ولكي تصل الى مرحلة الاكتفاء الذاتي.
طبعاً هي مسيرة طويلة والدولة قد لا تكون قادرة على إيصال السفينة الى برّ الأمان لوحدها، لكنها بلا شك قادرة على توجيه دفّتها وفق معايير علمية، بحيث تصرف وقودها أي أموالها في المكان الصحيح أو ذاك الذي يستحق الاهتمام.
وبما أن المستقبل هو الهدف، تبرز معايير أساسية للسير في الرؤية الجديدة، وذلك عبر تخصيص مبالغ لتنشئة اللاعبين، وهي الأولوية التي تأخذ في الاعتبار إيجاد أطرٍ تفرض الجديّة في التمارين، وتعمل على إخراج بطولات منظمة بشكلٍ جيّد من دون أي خروجٍ عن القوانين. وهذا ما يمكن أن يؤدي الى سلاسة في تقديم المساعدات للأندية التي تملك هيكلية تطوير لاعبين صحيحة ومشاركات جديّة. وهذه الهيكلية ترتبط بامتلاك النادي ملعباً خاصاً للتمارين وآخر للمباريات، وهو ما سيمنحه نقاطاً عن كل شرطٍ مذكور.
والأمر عينه في ما خصّ المشاركات الخارجية، بينما محلياً لا يمكن مساواة النقاط بين فرق الدرجات المختلفة، إذ يفترض منح كل درجة نقاطاً محددة بحسب ترتيبها. أما الأهم فهو منح نقاطٍ معيّنة للنادي عند كل مشاركة في بطولات الفئات العمرية، إضافةً الى نقاطٍ أخرى بحسب عدد اللاعبين الذين يتمّ ترفيعهم الى الفريق الأول ولم تتخطَّ أعمارهم الـ22 عاماً. وكذا بالنسبة الى عدد اللاعبين الذين ينتقلون للعب في الخارج وهم يرتبطون بعقدٍ مع النادي المعنيّ.


وهذه المسائل بلا شك تفسح المجال للاعبين الشبان لاكتساب الخبرة في سنٍّ صغيرة، وبالتالي تصبح فرص الأندية أكبر في عملية تصديرهم الى الخارج، وبالتالي تحسين أوضاعها المالية وحتى البنى التحتية التي تُعدّ اساسية في عملية إطلاق مرحلة بناء أخرى من خلال أدوات العمل الضرورية. وفي هذه النقطة أيضاً مجال كبير للأكاديميات الخاصة التي تنشط في مجال تنشئة اللاعبين، وهي تخدم الرؤية المذكورة، ويمكن أن تصل نقاطها المجموعة الى مجموع ما قد يحصل عليه أحد أندية دوري الأضواء.
إذاً هي مسألة حسابية بسيطة تعطي في النهاية صاحب الحق حقه، بحيث يحصل النادي على مبلغ من الموازنة المخصّصة للمساعدات، وذلك بحسب عدد النقاط التي جمعها، وهو أمر مفصلي في مجال مكافحة آفة ضربت الرياضة منذ زمنٍ بعيد، وتختصر باسم الأندية الوهمية التي تعيش على الوساطات وتحظى برعاية مشبوهة، وتأخذ من حصة أولئك الذين يستحقون دعماً أكثر منها.


الوزيرة تطلب مساعدة الرئيس
استقبل رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا، أمس، وزيرة الشباب والرياضة فارتينيه أوهانيان، التي عرضت للرئيس الأحوال الرياضية والشبابية والكشفية في البلاد، وشرحت الظروف الصعبة التي تعيشها الاتحادات والأندية جرّاء الأوضاع الصحية الاقتصادية.
وقالت الوزيرة أوهانيان: «تمنيت على فخامته الدعم الكامل لقطاعات الرياضة والشباب والكشافة، وخصوصاً لجهة تعزيز الموازنة الصغيرة التي تنالها الوزارة، والتي آمل أن تكون أكبر لكي نتمكن من مساعدة هذه القطاعات كما يجب، وأنا لا أرى وزارة الشباب والرياضة إلا أساسية وسيادية كونها مسؤولة عن شباب لبنان وهم أساس المستقبل». وأضافت: «عرضت لفخامته ما باشرت الوزارة القيام به لجهة وضع الأسس والآليات اللازمة لتنفيذ السياسة الشبابية واللقاءات التي نجريها مع منظمات المجتمع المدني والمؤسسات الدولية والمحليّة العاملة في مجال الشباب، ونيّتنا إجراء لقاءات مع مجموعات متنوّعة من الشباب للاستماع إلى آرائهم وجعلهم شركاء في الخطة». كما استعرضت أوهانيان مع الرئيس ما تقوم به الوزارة حالياً من ورشة تشريعية تهدف إلى وضع قانون جديد عصري ومراسيم ذات صلة.