أضفى رئيس الاتّحاد الإنكليزي للعبة غريغ كلارك هذا الأسبوع المزيد من التشاؤم بخصوص الحضور الجماهيري، بعدما أقرّ بأنّ المبادئ التوجيهية للتباعد الاجتماعي تجعل من المستحيل أن يوجد المشجعون في الملاعب في أيّ وقت قريب.وتوقّفت كرة القدم الإنكليزية منذ منتصف آذار/ مارس بسبب تفّشي فيروس كورونا، واتّخذ القرار بإنهاء موسم 2019-2020 في كلّ من الدوريات دون الدرجات الأربع الأولى، لكنّ آثار الجائحة قد لا تنحصر بالموسم الحالي، بل هناك إمكانية لكي تمتدّ حتى موسم 2020-2021 بحسب ما حذّر كلارك في رسالة موجّهة إلى مجلس الاتحاد الإنكليزي لكرة القدم.
وقال كلارك: «مع الاستمرار بتطبيق التباعد الاجتماعي في المستقبل، فإنّنا نواجه تغييرات كبيرة في النظام الاقتصادي الكروي بأكمله. على سبيل المثال، من الصعب توقّع حشود من المشجعين الذين هم شريان حياة اللعبة، تعود إلى المباريات في أيّ وقت قريب».
وما زال الدوري الإنكليزي الممتاز يأمل إنهاء الموسم خلف أبواب موصدة، مع مشروع الاستئناف الذي يهدف إلى تقليل الخسائر المتوقعة بـ762 مليون استرليني (946 مليون دولار) إذا لم تُستكمل البطولة.
ووفقاً لأحدث تقرير صادر عن الاتحاد الأوروبي للعبة عن وضع الأندية، فإنّ 13 في المئة فقط من إيرادات الدوري الممتاز تأتي من تذاكر المباريات، وبالتالي، فإنّ الأندية الكبرى في إنكلترا تتميّز عن نظيراتها في البطولات الأخرى بقدرتها على تخطّي معضلة غياب إيرادات التذاكر في ظلّ اللعب خلف أبواب موصدة، وباستطاعتها الخروج من العاصفة الاقتصادية عبر تحصيل الإيرادات الضخمة لحقوق النقل التلفزيوني.
ويقول ديفيد ويبر، المحاضر في دراسات كرة القدم في جامعة سولنت، بشأن اللعب بغياب الجمهور: «قد لا يعجبنا الأمر، وقد لا يكون الحلّ الأمثل، لكنّه الحلّ الوحيد الذي يجب أن نمضي به».
13 في المئة فقط من إيرادات الدوري الممتاز تأتي من تذاكر المباريات


ومع ذلك، فإنّ المليارات التي تدرّها عائدات النقل التلفزيون في الدوري الإنكليزي الممتاز، ليست مرتبطة بجودة اللاعبين وحسب، بل بالأجواء الحماسية التي يضفيها الجمهور الشغوف على المباريات.
ورأى ريتشارد سكودامور الذي شغل منصبَي المدير التنفيذي والرئيس التنفيذي للدوري الممتاز بين 1999 و2018 - وكان من المؤثّرين في تحول «البريمير ليغ» إلى عملاق تجاري - في تصريح لصحيفة تلغراف البريطانية أن «النموذج الاقتصادي بأكمله يعمل فقط عندما تكون الأسس بأكملها متوفرة إلى حدّ كبير. ليس هناك أي ممثل يحبّ أن يؤدي أمام قاعة فارغة».
وغابت كرة القدم عن الملاعب الإنكليزية منذ التاسع من آذار/ مارس ولن تعود قبل حزيران/ يونيو على أقلّ تقدير، وسط ترقّب قاتل لجمهور ليفربول الذي كان في طريقه لحسم اللقب الأول له منذ 1990 قبل قرار التعليق.
وبعد هذا التوقّف الطويل، يأمل القيّمون على الدوري التوصل إلى صيغة لاستئناف الموسم مع الحفاظ على جزء من العائدات التي كانت متوقّعة من تذاكر المباريات، وذلك من خلال طرح فكرة شراء تذاكر موسمية افتراضية لمشاهدة كلّ مباراة مباشرة في خطوة تخفّف من الخسائر.
لكنّ الخبير والباحث الكروي في جامعة برايتون مارك دويدج يتّفق مع سكودامور على أنّ جوهر ما يجعل الدوري الممتاز مميزاً قد يضيع بغياب الحضور الفعلي للمشجعين في المدرجات.
وأوضح كبار الباحثين في كلّية الرياضة والإدارة الخدماتية «على المدى القصير، قد يكون هناك أناس يريدون مشاهدة المباريات على شاشة التلفزيون. لكني أعتقد أن هذه الرغبة الطارئة (نتيجة التعطش لعودة كرة القدم حتى وإن كان عبر شاشات التلفزة)، ستزول بسرعة كبيرة عندما ندرك بأن جزءاً كبيراً مما يدفع اللعبة ليس هم الأشخاص الموجودون في الملعب وحسب (أي اللاعبون)، بل الأشخاص الموجودون في المدرجات».
ورأى دويدج أن اللاعبين والمشجعين يتغذون من الجماعية، من الطاقة العاطفية في الملاعب الإنكليزية، مضيفاً «هذا الجو الجماعي جزء لا يتجزأ من اللعبة. إذا لم يحصلوا على هذه التغذية، فهل ستكون الجودة الكروية موجودة؟ وفي نهاية المطاف، هل ستكون التجربة التلفزيونية موجودة؟».
وتتحدث التقارير عن أن أندية الدوري الممتاز تضع بالفعل خطط طوارئ للعب موسم 2020-2021 بأكمله من دون جمهور، لكن يبقى أن نرى ما إذا كان سيكون هناك طلب على مباريات تفتقد إلى عناصر نجاحها كمُنتَج تلفزيوني بغياب الجمهور.
وأقرّ لاعب وسط توتنهام والمنتخب الإنكليزي هاري وينكس في تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي بأنه «وضع غريب بغياب المشجعين. هذا (الجمهور) ما يجعل كرة القدم على ما هي عليه، هذا ما يخلق الأجواء. لا يعجبني هذا الأمر (غياب الجمهور)، وأعلم أن الكثير من اللاعبين يخالجهم نفس الشعور. إنه ليس بالشيء الذي يريده أيّ شخص».