عُرف الدوري الألماني الممتاز في السنوات الأخيرة بكونه سباقاً ثنائياً بين بايرن ميونيخ وبروسيا دورتموند من أجل الفوز باللقب. تغيّرت المعادلة اليوم بعد أن دخل لايبزغ على الخط كمنافس جديّ على البطولة، دون إغفال رابع الترتيب العام بروسيا مونشنغلادباخ الذي يبتعد عن المتصدر البافاري بأربع نقاط فقط. في ظل المنافسة «المحتدمة» بين فرق المقدمة، يبدو أن الصراع سيمتدّ حتى أمتار الدوري الأخيرة، وهو محصور إلى درجة كبيرة بين ثلاثة فرق: بايرن ميونيخ (43 نقطة)، لايبزغ (42) ودورتموند (39).اعتمدت الفرق الألمانية منذ فتح سوق الانتقالات الصيفي على أساليب مختلفة لتعزيز صفوفها، وقد ظهر ذلك جلياً في دورتموند وبايرن ميونيخ. اشتهر هذا الأخير في الأعوام الماضية بانتهاجه سياسة شراء نجوم الدوري الألماني لإضعاف الخصوم واستمراره في الصدارة. أنديةٌ محلية مُنافِسة مثل دورتموند وشالكه شكلت السوق الأبرز للمارد الأحمر، بعد أن سمحت بانتقال أبرز لاعبيها إلى بافاريا. رغم النجاح المحلّي الكبير، غيّرت إدارة البايرن هذه السياسة مطلع الصيف الماضي، بعد أن عكست فشلاً كبيراً على الصعيد الأوروبي. فمع استقدام أبرز نجوم الدوري ووضعهم ضمن فريقٍ واحد، تعوّد البايرن على نسق «ضعيف» في البوندسليغا ما انعكس عليه سلباً في دوري أبطال أوروبا. حينها، اتّجه النادي إلى سياسةٍ جديدة تقضي بشراء النجوم من خارج الدوري الألماني، لجلب إمكانيات تتوافق مع متطلبات دوري الأبطال، فكسر الرقم القياسي لصفقات البوندسليغا بعد أن استقدم مدافع أتلتيكو مدريد الفرنسي لوكاس هيرنانديز مقابل 80 مليون يورو. إضافةً إلى ذلك، كان البايرن قاب قوسين أو أدنى من التوقيع مع جناح مانشستر سيتي ليروا ساني مقابل 100 مليون يورو لولا إصابته، وقد نجح بالتوقيع مع لاعبين آخرين أضافوا الجودة إلى المنظومة مثل بينجامين بافار، فيليبي كوتينيو وإيفان بيريزيتش. عرف الفريق بعض التقلبات خلال الموسم فتمت إقالة المدرب السابق نيكو كوفاتش ليخلفه هانس ديتر فليك، مدرب الفريق الحالي. تحسنت النتائج مع هذا الأخير، حيث يحتل بايرن ميونخ صدارة الدوري بـ43 نقطة حتى الجولة 21، غير أن سياسة النادي الجديدة في استقدام اللاعبين فتحت أفقاً لتحسن باقي الأندية الألمانية على الصعيد الفني، خاصةً بروسيا دورتموند الذي بدأ ينتهج الأسلوب البافاري القديم في سياسة التعاقدات.
دورتموند اعتمد سياسة بايرن السابقة والأخير يتسوق من أوروبا



دورتموند المحلي!
بعد أن لمست إدارة بروسيا دورتموند نجاح المدرب السويسري لوسيان فافر في الموسم الماضي، اتّخذت قراراً بعدم السماح لأيّ لاعب بالخروج من دورتموند إلى بايرن ميونيخ، وجعلت الرجل السويسري صاحب الكلمة الأولى والأخيرة في سوق الانتقالات. في منتصف الموسم الماضي، استقدم نادي تشلسي الإنكليزي اللاعب الأميركي كريستيان بوليزيتش من دورتموند مقابل 64 مليون يورو، على أن ينتقل إلى لندن بعد نهاية الموسم. فور استحقاق الموعد، استثمر دورتموند أموال بوليزيتش ليضم البلجيكي ثورغان هازار مقابل 25.5 مليون يورو، كما ضمّ الموهبة الشابة جوليان براندت، صانع ألعاب باير ليفكروزن السابق مقابل 22.5 مليون يورو، إضافةً إلى الظهير الأيسر لنادي هوفنهايم، نيكولاس شولز، بنحو 23 مليون يورو. هكذا، خطف المارد الأصفر أبرز مواهب الدوري الصاعدة لمقارعة البايرن على اللقب من جديد، غير أن مساره لم يكن سهلاً إثر تقلبات كثيرة عرفها الفريق على صعيد الأداء والنتائج. مشاكل عديدة واجهها فافر هذا الموسم انحصر أغلبها في صعوبة ترجمة الفرص إلى أهداف، غير أن ذلك تغيّر بعد استقدام المهاجم النرويجي هالاند في الانتقالات الشتوية ما أعاد الفريق إلى المنافسة من جديد. تبقى الهفوات الدفاعية نقطة ضعف الفريق الوحيدة، والتي قد تكلفه اللقب في نهاية المطاف. وبالحديث عن فافر لا بدّ من الإشارة إلى ما قالته صحيفة بيلد الألمانية أمس الاثنين عن أن المدرب السويسري لن يستمرّ مع الفريق بعد الصيف المقبل.

لايبزغ مستقر
على الجهة المقابلة، لا تزال إدارة لايبزغ تثبت نجاحها موسماً بعد آخر، إثر فرضها الفريق بين كبار الأندية على الصعيد المحلي في فترة وجيزة. 12 انتصاراً 6 تعادلات (آخرها أمام المتصدّر بايرن ميونخ) و3 هزائم، وضعت أبناء المدرب جوليان ناغلسمان في وصافة الترتيب العام بفارق نقطة عن الصدارة. الفريق جاهز مع المدرب الشاب، وهو أقرب من أيّ وقتٍ مضى لتحقيق أول لقب له في الدوري الألماني. ما ميّز إدارة لايبزغ عن باقي الفرق هو الحفاظ على نجوم الفريق ثمّ تدعيمه بأسماء بعيدة عن الضوء الإعلامي. باستثناء متوسّط الميدان نابي كيتا الذي انتقل إلى ليفربول في الموسم الماضي، حافظت الإدارة على أغلب نجوم الفريق الذين واكبوا نجاح المشروع منذ تأسيسه عام 2009 وتدرّجه من دوري الدرجة الألمانية الخامسة وصولاً إلى الدوري الممتاز عام 2016، مثل صانع الألعاب السويدي إيميل فورسبيرغ والألماني تيمو فيرنر.
استقرار فنيّ وإداريّ يجعل من الأندية الثلاثة أبرز المرشحين للتتويج باللقب، بانتظار معرفة مدى «طول نفس» مونشنغلادباخ الذي يقدّم موسماً كبيراً بدوره برفقة المدرب ماركو روز.