موسم استثنائي يقدمه نادي ليفربول الإنكليزي على الصعد كافة. النادي الذي تراجع منذ مطلع الألفية بات اليوم مع المدرب الألماني يورغن كلوب أقرب إلى الكمال. أداء ثابت وانتصارات بالجملة حسمت نظرياً لقب الدوري منذ مرحلة الذهاب، نظراً إلى ابتعاد الـ«ريدز» عن أقرب منافسيه بـ13 نقطة كاملة مع امتلاكه مباراتين مؤجلتين (قبل مباراة الأمس مع وولفرهامبتون). نسخة «أيقونية» قد تكسر أرقاماً تاريخية في الدوري، كما أنها أصبحت تقارن ببعض الفرق الاستثنائية التي مرت على فتراتٍ متقطعة، مثل ليفربول ـ شانكلي، آرسنال ـ فينغر صاحب لقب اللاهزيمة ومانشستر يونايتد ـ فيرغسون. كلوب يسير بثبات، ومعه ليفربول إلى اللقب الغائب منذ 30 عاماً.

أبرز مباريات اليوم

بوروسيا دورتموند x كولن 21:30
نيس x رين 21:45
أوساسونا x ليفانتي 22:00
بريشيا x ميلان 21:45


وعد المدرب الألماني يورغن كلوب جماهير ليفربول بحصد الألقاب بعد مرور ثلاث سنوات من ولايته في الآنفيلد. لم يتسرّع المدرب الألماني حينها في إبرام الصفقات كما يفعل أغلب المدربين الجدد، بل تمهّل أثناء نقله النادي من مرحلةٍ إلى أخرى حتى وصل لبناء الفريق الأقوى في أوروبا حالياً. اقتصر عمل كلوب في بادئ الأمر على تعزيز الروح التنافسية للاعبين الموجودين ودعم المنظومة بأسماءٍ بعيدة عن الضوء الإعلامي، فجاء كلّ من المصري محمد صلاح، السنغالي ساديو مانيه، الاسكتلندي أندي روبرتسون وغيرهم من اللاعبين الذين ساهموا في تحقيق نقلة نوعية للفريق. منظومة وصلت بأقل التكاليف الممكنة إلى العديد من النهائيات المحلية والأوروبية. ففي الموسم الأول، قاد كلوب ليفربول إلى نهائي «يوروبا ليغ» وكأس الرابطة الإنكليزية، لكنه أنهى الدوري في المركز الثامن، ثم تمكّن في موسمه الثاني من الظفر بالمركز الرابع المؤهّل إلى دوري أبطال أوروبا. في موسمه الثالث، فجّر كلوب مفاجأة من العيار الثقيل بوصوله إلى نهائي دوري الأبطال غير أنه خسره أمام ريال مدريد الإسباني. غيّرت تلك المباراة من عقلية المدرب، فبعد ظهور العديد من نقاط الضعف بين عناصر الفريق مقارنةً بالفرق المتوّجة بالألقاب، رضخ كلوب لمعادلات كرة القدم الجديدة، وأخذ يستقدم لاعبين بمبالغ كبيرة. هنا، تفوّق كلوب مرة أخرى إثر رهانه على أسماء ليست من النخبة الأولى في الوسط الكروي الإعلامي. مبالغ خياليّة صرفها النادي جاء على إثرها كلّ من الحارس أليسون بيكر والمدافع الهولندي فيرجل فان دايك، تبعهما قدوم كل من نابي كيتا وفابينيو. تعزيزات مهمة عادت على الفريق ببطولة دوري أبطال أوروبا بعدما توّج على حساب توتنهام قبل أن يتبعه بكأس السوبر الأوروبي. لم يكتفِ ليفربول بذلك، بل كان قاب قوسين أو أدنى من التتويج بلقب الدوري الإنكليزي، الذي شهد العام الماضي أحد أكثر المنافسات ندّيةً في التاريخ الحديث للـ«بريميرليغ». امتد السباق على اللقب حتى أمتاره الأخيرة بين ليفربول ومانشستر سيتي، ليحسمه هذا الأخير في الجولة 38 بفارق نقطة واحدة. ساد في الوسط الكروي حينها اعتقادٌ ببذخ ليفربول مرة أخرى للحفاظ على نسقه العالي، غير أن ذلك لم يحدث، إذ اكتفى كلوب باستقدام الحارس الإسباني أدريان بصفقة مجانية من نادي ويستهام، كما عوّل على عودة متوسط الميدان تشامبرلين من الإصابة. رهانٌ آخر نجح به كلوب، إذ يتصدّر الدوري هذا الموسم برصيد 64 نقطة (قبل مباراته مع وولفرهامبتون)، من21 انتصاراً مقابل تعادل واحد في 22 مباراة، مبتعداً عن الوصيف مانشستر سيتي الذي صرف قرابة 170 مليون يورو بـ13 نقطة (لعب مباراة أكثر من ليفربول). استمر النجاح في الآنفيلد هذا الموسم إثر حفاظ الفريق على العناصر كافة، وإيمان اللاعبين والجماهير بالمدرب الذي يعود له الفضل الأكبر بما يمرّ به ليفربول هذا الموسم.

منظومة متكاملة
على صعيد الفاعلية، تعد منظومة ليفربول الأكمل في أوروبا. يدخل كلوب أغلب مبارياته بتشكيلة (4 ـ 3 ـ 3)، التي تتغير خلال كل مباراة تبعاً لمجرياتها المختلفة. دفاعياً، يمتلك الفريق ثنائية ذهبية مكونة من الهولندي فيرجيل فان دايك (أفضل لاعب في أوروبا) إضافةً إلى المدافع الواعد جو غوميز، خلفهما أحد أفضل حراس العالم أليسون بيكير. إضافةً إلى ذلك، يمتلك دفاع ليفربول أفضل ظهيرين في العالم من حيث التوازن بين الدفاع والهجوم، إذ يتصدر روبرتسون وأرنولد قائمة أكثر الأظهرة في العالم مساهمة في تحصيل النقاط. بفعل المرونة التكتيكية، يشغل الظهيران مراكز الأجنحة في كثير من الأحيان، وتتجاوز نسبة مساهمتهما في صناعة الفرص، ما يصنعه ثلاثي خط الوسط مجتمعاً. في الوسط، تتغير المعادلة وفقاً لأسلوب المنافس، فيتناوب كل من ميلنير، هيندرسون، نابي كيتا، تشامبرلين، فينالدوم وفابينيو على المراكز الثلاثة المتاحة. يتميز اللاعبون الستة بخصائص مختلفة، في حين تبقى أفضلية المشاركة لفابينيو بفعل مرونته الفنية والتكتيكية. على صعيد الهجوم، يبرز كل من ساديو ماني ومحمد صلاح، إضافةً إلى البرازيلي فيرمينو، أهم لاعب في المنظومة. هجوم لامركزي يعمد إلى إرباك دفاعات الفرق المنافسة، إثر امتلاك الثلاثي خليطاً من السرعة والمهارة والفاعلية الهجومية.

القراءة التكتيكية العالية والتحفيز المستمر هما ما ميّز كلوب عن باقي المدربين


من ينظر إلى ليفربول اليوم، ينسى ما مرّ به الفريق في العقد الأخير. ليفربول قوي جداً، يصعب هزيمته أو حصد نقطة منه حتى، ظهر ذلك جلياً في مباراة الفريق في الجولة قبل الماضية أمام مانشستر يونايتد، التي انتهت بفوز الريدز (2-0) في أحد أفضل مباريات الفريق هذا الموسم. استحقاقات عديدة واجهها الفريق، زادت من صعوبتها الإصابات المتتالية، إضافةً إلى بعض المشاكل الشخصية بين بعض اللاعبين (صلاح وماني). رغم ذلك، استمر الفريق بالتحليق، وحده، يراقب من بعيد بقية الفرق وهي تتعثر. القراءة التكتيكية العالية والتحفيز المستمر هما ما ميّز كلوب عن باقي المدربين الذين تواتروا على الفريق في الفترة الأخيرة، من دون إغفال كسبه لعاطفة الجماهير واللاعبين على حدٍّ سواء. الجميع للواحد والواحد للجميع في ليفربول. لاعبون كأوريجي، فينالدوم، كيتا، لالانا... قبلوا الجلوس على مقاعد البدلاء إيماناً بالمدرب، الذي أعاد الفريق إلى الحياة مجدداً.
في ظلّ عدم خسارته أي مباراة في الدوري حتى اللحظة، بات الحديث ممكناً عن تحقيق ليفربول للدوري بلا أيّ هزيمة، ليتشارك هذا الإنجاز مع آرسنال الذي حقّقه عام 2004. المستوى الثابت سيجعل الفريق مرشّحاً لتحقيق الكثير من الأرقام أيضاً مثل حصوله على أعلى معدّل نقاط في تاريخ الدوري، أعلى سلسلة من الانتصارات على الأرض وأعلى معدل فوز في موسم واحد وغيرها الكثير، غير أنّ كلّ هذه الأرقام تبقى بمثابة «كماليات» لرجال كلوب الذين يضعون اللقب نصب أعينهم.