عادت العنصرية في ملاعب كرة القدم لتلقي بظلالها بعد الحادثة التي شهدتها مباراة الدوري الإنكليزي بين توتنهام وجاره اللندني تشيلسي (صفر-2)، حيث تعرّض مدافع الأخير الألماني أنطونيو روديغر لإهانات عنصرية من الجمهور، ما دفع رابطة اللاعبين المحترفين إلى المطالبة بتحقيق حكومي.ورأى مدرب تشيلسي فرانك لامبارد أن «هناك حاجة للتعامل مع المشكلة بحزم»، فيما وعد توتنهام بـ«تحقيق شامل» بعدما وجد الحكم أنتوني تايلور نفسه مجبراً على إيقاف المباراة في شوطها الثاني عندما اشتكى روديغر من سماع «صيحات قردة» صادرة من مدرّجات جمهور توتنهام. وبدأت الحادثة بعدما تسبّب روديغر نفسه بطرد نجم توتنهام الكوري الجنوبي سون هيونغ-مين بسبب «سلوك عنيف»، إثر ركله المدافع الألماني على صدره بعد أن عرقله الأخير دون أن يحتسب خطأ للكوري الجنوبي، ما أثار حفيظته.
وتعرّض روديغر بعد ذلك للإهانة العنصرية من مدرّجات توتنهام ما دفع بالقيّمين على الملعب إلى إطلاق ثلاثة نداءات على مكبرات الصوت قالوا فيها إن «تصرفاً عنصريّاً من قبل المشجعين يؤثر على المباراة». وكشف مدافع وقائد تشيلسي الإسباني سيزار أسبيليكويتا أنه لم يتردّد في تبليغ الحكم عما حصل بحق زميله الألماني، موضحاً «طوني روديغر جاء إليّ وقال بأنه سمع أغاني عنصرية موجّهة ضده، فأبلغت عنها للحكم». وتابع «علينا جميعاً أن نعمل على إيقاف هذا الأمر... هذه مشكلة ليست في كرة القدم وحسب بل في الحياة».
ومن جهته، قال روديغر في حسابه على تويتر: «أمر مخز أن تكون العنصرية موجودة حتى الآن في 2019. متى سيتوقف هذا الهراء؟»، مضيفاً «آمل حقاً أن يتم العثور على الجناة ومعاقبتهم قريباً. وفي ملعب كرة قدم حديث مثل توتنهام هوتسبر ستاديوم مع عشرات الكاميرات التلفزيونية والأمنية، يجب أن يكون من الممكن العثور عليهم ومعاقبتهم على ذلك». وأردف «إذا لم يكن الأمر ممكناً، فيجب أن يكون هناك شهود في الملعب رأوا الحادث وسمعوه».
وعلّقت رابطة اللاعبين المحترفين على ما حصل الأحد في بيان قالت فيه: «نشعر بالاشمئزاز والخوف لأن، مرة أخرى، مباراة في الدوري الإنكليزي كانت ملوّثة بسبب سوء المعاملة من المدرجات تجاه اللاعبين. أصبح جليّاً أن لاعبي كرة القدم هم الطرف المتلقّي للعنصرية الصارخة التي تنتشر حالياً في المملكة المتحدة، لكنهم ليسوا وحدهم». وتابعت «الإساءة العنصرية في كرة القدم ليست مجرّد قضية لاعبين من الأقليات السوداء والإثنية، بل إنها قضية كلّ من يحبّ اللعبة. تدعو رابطة اللاعبين المحترفين إلى تحقيق حكومي في العنصرية وفي ازدياد جرائم الكراهية داخل كرة القدم».
وقبل أسبوعين أيضاً، قامت الشرطة الإنكليزية بتوقيف شخص لقيامه بتصرفات عنصرية خلال دربي مدينة مانشستر بين سيتي وضيفه يونايتد.
وقد اجتاحت الملاعب الأوروبية في الآونة الأخيرة موجة من الحوادث العنصرية بما فيها تعرّض لاعبي منتخب إنكلترا لهتافات من بعض الجماهير البلغارية خلال مباراة البلدين في تصفيات كأس أوروبا 2020، وأخرى للبلجيكي روميلو لوكاكو مهاجم انتر ميلانو وماريو بالوتيلي مهاجم بريشيا في إيطاليا.
ووجه رئيس الاتّحاد الأوروبي لكرة القدم السلوفيني ألكسندر تشيفيرين في أوائل الشهر الحالي انتقادات لاذعة إلى رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، متّهماً إياه بتأجيج العنصرية، ومؤكّداً أنّ اتّحاده يعمل جاهداً لمعالجة هذه المشكلة التي تعاني منها اللعبة. وأدان جونسون بقوة ما تعرّض له لاعبو بلاده في العاصمة صوفيا في تشرين الأول/أكتوبر الفائت، واصفاً الهتافات العنصرية بالـ«خسيسة» ودعا الاتّحاد الأوروبي لاتخاذ الخطوات والتدابير اللازمة.
إلّا أنّ رئيس الوزراء أثار جدلاً في الماضي بتعليقات مختلفة، بما في ذلك حين أشار إلى أنّ النساء المسلمات اللواتي يرتدين النقاب يشبهن «صناديق البريد». وقال تشيفيرين في حديث إلى صحيفة «ميرور» البريطانية: «حين يصف سياسي السيدات اللواتي يرتدين النقاب بصناديق البريد ومن ثم يصرّح علناً أنه يدين الاتّحاد الأوروبي، فهل ترد على ذلك؟ هل تعتقد أنه صادق؟ بالله عليك».
وتابع «الوضع في أوروبا يزداد توتراً. عندما ترى سياسيين أصحاب مناصب عالية كرؤساء وزراء ورؤساء جمهوريات عنصريين، ويميّزون بين الجنسَين، تدرك أن هناك خطأ في مكان ما». ويبدو أن الاتّحاد الأوروبي في طريقه لاتّخاذ إجراءات جديدة ووضع قوانين للحدّ من هذا الأمر.