في مباراته الأخيرة أمام نادي بيرنلي، حقق تشيلسي الإنكليزي فوزاً عريضاً بأربعة أهداف خارج الديار، ليحافظ على المركز الرابع في الدوري بـ20 نقطة، مناصفةً مع ليستر سيتي الثالث. فوزٌ هو السابع توالياً في مختلف البطولات لرجال المدرب الإنكليزي فرانك لامبارد، يبرهن على مدى نجاح الإدارة في مواجهة العقوبات التي فُرضت على النادي مطلع الصيف الماضي .في الوسط الرياضي، يُعرَف نادي تشيلسي كأحد أكثر الأندية تغييراً للمدربين، إذ يتراوح معدل بقاء المدرب في النادي اللندني بين سنة وثلاث سنوات كحد أقصى. منذ مجيء الميلياردير الروسي رومان أبراموفيتش إلى لندن، تحول تشيلسي من نادٍ «متوسط» إلى أحد أفضل الأندية في إنكلترا. الاستثمارات الكبيرة للمالك الروسي أبرزت النادي أوروبياً أيضاً، خاصةً بعد تتويجه ببطولة دوري الأبطال عام 2012، وبطولة الدوري الأوروبي لنسختي 2012/2013 و2018/2019.
في كثير من المحطات، أثبتت الإدارة نجاحها في تجاوز العقبات التي واجهتها. رغم التغيير المستمر في المدربين، واعتماد سياسة التقشّف في استقدام الصفقات، خاصةً بعد التتويج بدوري الأبطال، استمر النادي بحصد الألقاب بفعل السياسات الاستثنائية التي اتّبعتها الإدارة. واجه النادي هذا الموسم أحد أصعب التحديات له، وذلك بعد أن مُني بعقوبة تحرمه من التوقيع مع أي لاعب لمدة سوقي انتقالات على خلفية مخالفته لقواعد «الفيفا» بالتوقيع مع اللاعبين الشباب. رغم ذلك، تجاوزت الإدارة هذه العقبة إثر تشكيلها من هؤلاء اللاعبين الشباب سوقاً جديداً للفريق.
تُعد الأكاديميات مصدراً أساسياً لترفيع اللاعبين إلى الفرق الأولى وبالتالي تقليص النفقات، أو على الأقل الاستفادة من العائد المالي جرّاء بيع هؤلاء الشباب إلى أندية أخرى. لطالما اشتهر تشيلسي بلاعبي أكاديميته، غير أن الوقت المحدود الذي مُنح لأي مدرب جديد حال دون الاعتماد على هذه الأسماء الشابة، فكان التوجه دائماً لاستقدام لاعبين جاهزين من سوق الانتقالات يتناسبون مع أفكار المدربين المتواترين وتطلعاتهم.
حقق نادي تشيلسي 7 انتصارات متتالية في مختلف المسابقات


لسنوات عديدة، كان لاعبو أكاديمية تشيلسي ضحية لأسلوب الإدارة، التي استغلت مواهبهم بدورها لبيعهم بأسعارٍ ضخمة مقارنةً بتكاليف استقدامهم، فشكّلت بذلك مصدر دخل جديد للنادي. مع تكرار هذا السيناريو في أكثر من موسم، اعترضت العديد من الجهات على سياسة «البلوز» المتبعة، داعمةً اتهاماتها باستغلال مستقبل اللاعبين الشباب لتدعيم خزينة النادي، فاتخذت الفيفا العديد من الإجراءات لحماية اللاعبين الشباب.
بعد العقوبة التي وقعت على تشيلسي مطلع الصيف الماضي، ووضع سقف للاعبين المعارين من قبل الفيفا، قررت الإدارة الاستعانة بأساطير النادي ومنحهم مناصب إدارية لتخطّي المرحلة الصعبة، كونهم يدركون وضع الفريق أكثر من غيرهم. في بادئ الأمر، وقّعت إدارة النادي مع حارس الفريق الأسطوري بيتر تشيك ليصبح مديراً رياضياً للفريق. لم تكتفِ الإدارة بتشيك، بل ألحقته بأسطورة أخرى، وهو الهدّاف التاريخي للفريق فرانك لامبارد، الذي استعان فور تعيينه بأبرز المساعدين الذين وُجدوا في فترته كلاعب كرة قدم، وهم جودي موريس، كريس جونز، جو إيدوارد وإيدي نيوتون. ارتأت الإدارة في وضع فرانك لامبارد مدرباً للفريق حلاً أمثلَ لمواجهة الأزمة والخروج من الموسم بأقل الخسائر الممكنة، وكان لها ما أرادت.
رغم البداية «المهزوزة» للفريق، التي ترافقت مع إصابة العديد من اللاعبين المؤثرين على رأسهم الفرنسي أنغولو كانتي، وصل فرانك إلى تشكيلةٍ مثالية طغى عليها العنصر الشبابي الصاعد من الأكاديمية.
هي المرة الأولى التي تشهد فيها تشكيلة تشيلسي لاعبين شباباً يشاركون باستمرار في الفريق الأول، منذ ترفيع قائد الفريق الأسبق جون تيري. لاعبون مثل تامي أبراهام (ثالث هدّافي الدوري الإنكليزي بـ8 أهداف حتى الآن)، فيكايو توموري، مايسن ماونت... ثبّتوا أقدامهم في تشكيلة الفريق، وأثبتوا على صغر سنهم مدى استحقاقهم لهذه الفرصة. على الجانب الآخر، ساهم الوضع الراهن بإعطاء الثقة للشباب في ضمان مستقبلٍ واعد لهم بين أسوار النادي، كما الحال للجناح الإنكليزي الشاب كالوم هودسون أودوي الذي كان قاب قوسين أو أدنى من الانتقال إلى بايرن ميونخ مطلع الصيف الماضي. مواهب كبيرة وشخصيات قوية، أبقت تشيلسي حتى اللحظة في سباق المقاعد الأربعة الأولى في الدوري، كما وضعته أولاً في مجموعته الأوروبية رغم خسارته المباراة الأولى على أرضه أمام فالنسيا.
هي البداية لا أكثر. البطولات الكبيرة قد لا تكون بمتناول البلوز هذا الموسم نظراً لجهوزية باقي الأندية، غير أن روح الفريق الكبيرة والأداء المتوازن بين كل الخطوط يُبقيان أي شيء قابلاً للتحقيق. موسمٌ كبير للامبارد حتى اللحظة في أكبر محطاته التدريبية إلى الآن، يندرج في إطار التجربة لا أكثر تحضيراً لاستحقاقات المواسم المقبلة. تشيلسي على الطريق الصحيح.