أنهى رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جيانّي إنفانتينو ونجوم اللعبة العالميون السابقون زيارة تاريخية إلى لبنان، أطلقوا خلالها مشروع الفيفا لتطوير كرة القدم المدرسية. هي من المرات النادرة التي يحضر فيها هذا العدد من المشاهير لغرض غير تجاري، خصوصاً أنها تُعنى بأطفال المدارس. زيارة استمرت ثلاثة أيام كشفت عن الوجه الآخر لهؤلاء المشاهير، وعرّفت الجمهور اللبناني إلى الجانب الإنساني والشخصي بعيداً عن الملاعب. «الأخبار» تابعت تفاصيل هذه الزيارة، ورافقت النجوم في معظم محطاتهم الرياضية والزيارات الرسمية في لبنان.انطلق مشروع الفيفا لرعاية كرة القدم المدرسية في العالم من لبنان. الفكرة التي ولدت قبل سنة ونصف سنة في عمان عبر مشروع لبناني، قدمها الوفد الاتحادي خلال مؤتمر للفيفا حضره أمين عام الاتحاد اللبناني جهاد الشحف والمدير الفني في الاتحاد باسم محمد. جرت بلورة هذه الفكرة من قبل الفيفا لتطال البلدان الـ210 المنضوية تحت لواء الاتحاد الدولي، لتخدم 700 مليون طفل حول العالم. إطلاق المشروع من لبنان سلّط الأضواء على «بلاد الأرز» أولاً بسبب أهمية المشروع، وثانياً بسبب مجموعة النجوم العالميين الذين حضروا إلى لبنان للمساهمة في هذا المشروع المُهم. من البرتغالي جوزييه مورينيو إلى البرازيلي كاكا والفرنسيين مارسيل دوسايي ويوري دجوركاييف ومواطنتهما لورا جورج، والأسترالي تيم كاهيل، والكاميروني صامويل إيتو، وعلى رأسهم رئيس الفيفا جيانّي انفانتينو، هؤلاء حضروا إلى لبنان واضعين إياه في واجهة كرة القدم العالمية لفترة ثلاثة أيام.
(عدنان الحاج علي)

لا شيء يحصل في حدثٍ ينظمه الفيفا دون تخطيط مسبق. فريق العمل الدولي الذي حضر إلى لبنان لإقامة النشاط تألّف من 33 شخصاً. النجوم الذين حضروا كانوا تحت إدارة مدير مكتب المشاهير في الفيفا ميغيل ماسيدو. هو من يحدد ما سيقوم به كل نجم.
كما على أرض الملعب حيث إن لكل نجم أسلوبه ومميزاته التي تختلف عن الآخر، فهؤلاء النجوم يختلفون عن بعضهم البعض خارج البساط الأخضر. من مورينيو الجدي والحذر، إلى كاكا اللطيف، ودوسايي المرح، ودجوركاييف المتواضع الذي لا يحب الأضواء، ومواطنته لورا جورج لاعبة منتخب فرنسا السابقة وأمينة عام الاتحاد الفرنسي حالياً والتي تتمتع بمهارات كروية أفضل من نجوم حاليين إلى جانب شخصية محبّبة. هناك أيضاً صامويل إيتو الهادئ والذي لا تشعر بوجوده، كما تيم كاهيل.
هم نجوم يعيشون تحت الأضواء، لكن في الحياة الطبيعية هم أشخاص عاديون لهم صفاتهم وعاداتهم وطريقة تصرفهم.
مورينيو خارج الملعب لا يختلف كثيراً عن المدرب الذي يظهر على شاشات التلفزة


لا شك أن البرتغالي جوزيه مورينيو والبرازيلي كاكا كانا الأكثر استقطاباً للاهتمام والأنظار من الجمهور اللبناني الذي «قاتل» للحصول على صورة أو توقيع. مورينيو خارج الملعب لا يختلف كثيراً عن المدرب البرتغالي الذي يقدمه الإعلام بشخصيته الخاصة. هو ليس سيئ الطباع، لكنه في الوقت عينه لا يحب المزاح. جدّي وحذر في تعاطيه مع الآخرين ويحرص على إبقاء مسافة بينه وبين جميع الأشخاص. يرافقه مدير أعماله كظلّه ويحدد كل حركة يقوم بها. تكتشف أنه يتجنّب التقاط الصور مع سيدات خارج الملعب، وخصوصاً في بهو الفندق حيث كان مقر إقامته. يعمل مدير أعماله على تفادي أي موقف تلتقط فيه سيدة صورة معه. أمرٌ لافت أيضاً في المدرب البرتغالي أنه لا يرتدي السروال القصير (الشورت). فخلال المباراة التي لعبها النجوم العالميون مع لاعبين لبنانيين وأعضاء من الاتحاد ومن الفريق العامل في تنظيم الحدث، رفض أن يرتدي السروال القصير وانتظر ربع ساعة إلى حين جرى تأمين بنطال رياضي له، حيث إن قرار إقامة المباراة جرى سريعاً ومن دون تحضير بطلب من الفريق العامل في الفيفا.
كاكا مختلف عن مورينيو. ودودٌ لا يتذمر من طلبات الجمهور، ويتصرف بتواضع مع محبيه. حضر إلى لبنان قبل يومين مع زوجته وشقيقه وزوجة شقيقه. لا أحد يعرف عن سبب طلبه زيارة مقام السيدة خولة في بعلبك.
أما دجوركاييف فمن المعروف طلبه زيارة منطقة برج حمود وإصراره على تناول الطعام في أحد المطاعم الأرمنية الشهيرة. فدجوركاييف من أصول أرمنية وطلب قبل مجيئه تنظيم زيارة لبرج حمود ولقاء مسؤولين من جمعيتي هومنمن وهومنتمن بحضور عضو اللجنة التنفيذية في الاتحاد اللبناني واهرام برصوميان. دجوركاييف ليس من المشاهير الخمسة الرسميين. فهو يعمل مع الفيفا حالياً وهو مدير «مؤسسة الفيفا Fifa Foundation» التي ستنتقل إليها إدارة مشروع تطوير الكرة المدرسية. شخصيته محبّبة لكنه يتردد في الحديث إلى الإعلام كونه يعمل مع الفيفا.
مواطنته جورج أيضاً تتمتع بشخصية لطيفة. وبعكس ما يشاع عن الفرنسيين فإن النجوم الذين حضروا كانوا ودودين جداً. قد يكون مردّ ذلك إلى جذورهم غير الفرنسية. فدوسايي مرحٌ حتى حين يتعرض للضغط من الجمهور لالتقاط الصور، فهو يعبر عن انزعاجه بالغناء.

انطلق المشروع من لبنان الى كل العالم(عدنان الحاج علي)

لا يختلف اثنان على أن الفضل الرئيس لإقامة هذا الحدث في لبنان وحضور كل هؤلاء النجوم يعود إلى إنفانتينو. صحيح أن رئيس الاتحاد الدولي لديه علاقة خاصة مع لبنان حيث إنه متأهل من اللبنانية لينا الأشقر، لكن تعاطيه مع لبنان ينطلق من حب شخصي لهذا البلد ورموز الكرة فيه. علاقته جيدة جداً مع رئيس الاتحاد هاشم حيدر، وتربطه صداقة قوية بأمين عام الاتحاد جحاد الشحف. يعتبر «أبو فراس» صديقاً شخصياً ويتصرف مع لبنان على هذا الأساس. يكفي أنه أصرّ على أن يرتدي «زر :Pin» الاتحاد اللبناني لكرة القدم وليس «زر» الفيفا خلال العشاء الرسمي كتعبير عن مدى علاقته بهذا البلد.
انتهت الزيارة، لكن مفاعيلها مستمرة، وذكرياتها عالقة في أذهان اللبنانيين ومئات الأشخاص والأطفال الذين حضروا إلى ملعب الشوف ومجمع الرئيس نبيه بري المهني لمشاهدة هؤلاء النجوم والتقاط الصور معهم وحتى تقديم الهدايا لهم.