كان واضحاً في كلامه، فهو أكثر من يعرف ماذا يحدث له، والوحيد الذي يشعر بالتعب. ليونيل ميسي، خرج عن صمته أخيراً. «تمر السنوات، ويصبح الأمر أصعب وأصعب، عليك أن تعتني بنفسك، تستعد يومياً بشكل جيد. اللعبة هي نفسها الآن، لكن الجسد لا يسامح ولم يعد كما كان سابقاً. التقدّم في السن، ظاهرة عليك العناية بها، وعندما تكون ذهنياً بشكل جيد، يصبح الأمر أسهل عليك، ولكن مع السفر وضغط المباريات، والجهد، وكبر السن، تصبح الأمور أصعب من أي وقت مضى». بهذه الكلمات، تحدّث نجم كرة القدم والفائز مؤخراً بجائزة «ذا بست» لأفضل لاعب في العالم المقدمة من الاتحاد الدولي لكرة القدم «فيفا»، عن مسيرته في المستقبل القريب.في عمر الـ32 سنة، حقق ميسي جائزة أفضل لاعب في العالم، وهو ليس بالأمر السهل. ميسي، كغيره من اللاعبين، يبدأ بالتراجع مع التقدم في العمر، فكيف إذا كان الفريق يعتمد عليه بشكل أساسي. ليونيل، حمل على ظهره عبئاً كبيراً، وله أيضاً الكثير من الذكريات الجميلة وتلك البشعة في الملاعب.
إدارة النادي الكاتالوني برشلونة، تعلم مدى تعلّق الجماهير بنجمهم الأوحد، وكيف أن هذا اللاعب لا يمكن تعويضه بأي ثمن. يأتي أنطوان غريزمان، يرحل نيمار جونيور، يأتي كوتينيو ومن ثم يرحل، لا يوجد أي لاعب في العالم يمكن أن يحتل مكان ميسي في قلوب المشجعين والأنصار. المسألة تتخطى حب الجماهير لقائد فريقهم، بل إن إدارة النادي على دراية بأن المرحلة التي سيقدم عليها «البارسا» ما بعد ميسي، ستكون كارثية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى. غاب النجم الأرجنتيني عن المباريات الخمس الأولى في الدوري الإسباني، إضافة إلى غيابه عن افتتاحية دوري الأبطال أمام بروسيا دورتموند. ست مباريات لم يدخلها «الأفضل» أساسياً، حتّى جاءت مباراة فياريال أول من أمس، ليكون اللقاء الأول بالنسبة لميسي يدخله أساسياً في الموسم الجديد. جمهور الكامب نو في حالة اشتياق كبير للنجم الذي غاب فترة تعتبر طويلة بالنسبة له. كيف يستطيع تحمّل غياب «المتعة» لست مباريات متتالية.
قال مورينيو سابقاً إن العالم سيبكي حين يعتزل ليونيل ميسي


لمست قدما ميسي عشب الملعب، فارتفعت صيحات الجماهير، في مشهد «هستيري» يمكن تصنيفه كأحد أروع المشاهد الجماهيرية في تاريخ كرة القدم. عاد ميسي، هذا هو الأهم، سيلعب الأرجنتيني المباراة أساسياً، سيركض ويمرر ويسدد، نريد لهذه المتعة أن لا تنتهي. مع كل كرة يراوغ فيها، يمرر، يصنع فرصاً، يسدد، تتفاعل الجماهير، حتى أن ردّود الفعل الإيجابية ظهرت مع إضاعته للكرات في وسط الملعب، بكل بساطة، يحق لميسي ما لا يحق لغيره من اللاعبين. صيحات عالية، وبصوت واحد «ميسي! ميسي! ميسي!» ملأت أرجاء ملعب الكامب نو. من يتابع «البرغوث» جيداً، يعلم أن مباراته أمام فياريال الأخيرة لم تكن الأفضل بالنسبة له على الصعيد الفردي، على الأقل في الشوط الأول. ميسي لم يعد كما كان سابقاً، وهذه حقيقة من الصعب تقبلها، لكنها تبقى حقيقة. كدمات وتدخلات خشنة من هنا وهناك، أدّت إلى تجدد إصابة ميسي، ليخرج مع بداية الشوط الثاني، ويتم استبداله بالعائد من الإصابة هو الآخر الفرنسي عثمان ديمبيلي. «يا فرحة ما تمت»، الفترة التي انتظرتها الجماهير ستطول مرّة أخرى، وربما للأسف، سيتكرر هذا المشهد كثيراً هذا الموسم.
ليونيل ميسي، النجم الأرجنتيني الذي أضاء عالم كرة القدم من جديد، بعد أن كان مضاء بكل من البرازيليين كاكا ورونالدينيو وقبلهما الظاهرة رونالدو، أصبح قريباً من المغادرة. أفضل لاعب في العالم ست مرّات، والفائز بجائزة الحذاء الذهبي كهداف الدوريات الأوروبية الخمس الكبرى في 6 مناسبات، بدأ يشعر بالتعب، وعندما يحلّ التعب بلاعب كرة القدم، يعني أمراً واحداً فقط، بداية العد العكسي. على الجميع أن يستمتع بما تبقى من سنوات لميسي في الملاعب، أو ربما شهور. من يعلم؟ منذ ثلاثة أعوام مضت، عبّر المدرب البرتغالي جوزيه مورينيو عن اللحظة التي سيشعر بها المتابعون، المدربون، الصحافيون، المشجعون بقرب ساعة الصفر أكثر من أي وقت مضى قائلاً: «بعد خمس سنوات، سيكون ميسي قد دخل في الرابعة والثلاثين من عمره، حينها، سنكون نحن جميعاً، نبكي على هذا المشهد الذي من الصعب تقبّله».