تعيش كرة القدم الإيطالية في هذه الأيام، إحدى أهم وأبرز مراحل التطور والنهوض. الكرة الإيطالية يبدو أنها في طريقها لنفض غبار الخيبات، فالدوري المحلي في «جنة كرة القدم» مرّ خلال السنوات الماضية بمرحلة صعبة جداً، أدت إلى تراجع صورة الـ«كالشيو»، وتعرضت أنديته لـ«نكسات» على صعيد المنافسة في دوري أبطال أوروبا (كان آخر تتويج لنادي إنتر ميلانو عام 2010)، وغيرها من البطولات الأوروبية.هذا الموسم يبدو مختلفاً، فالدوري الأجمل والأقوى تاريخياً عائد، ليستعيد الجمهور بذلك صورة «كالشيو» التسعينيات وبداية الألفية الجديدة. خلال تلك الفترة عاش الـ«كالشيو» فترات من «العز»، والتي ساهمت باستقطاب العديد من اللاعبين ونجوم الدوريات الأوروبية. أسماء كرونالدو البرازيلي «الظاهرة»، لويس فيغو البرتغالي، أندريا تشيفشنكو الأوكراني، بافل نيدفيد التشيكي، جوهرة ميلان البرازيلية ريكاردو كاكا وغيرهم الكثير، انضمّوا إلى قوافل من اللاعبين المميزين الذين كانوا ينشطون في هذا الدوري. منذ 2007، وتحديداً السنة التي توّج فيها نادي ميلان بدوري الأبطال على حساب ليفربول الإنكليزي، بدأ العد العكسي، وباتت الجماهير الإيطالية تحلم بعودة دوريها إلى الواجهة من جديد. الفرق الأقوى في البطولة تاريخياً، هبط مستواها بطريقة دراماتيكية، فيما كانت أزمة الـ«كالشيوبولي» عام 2006، واحدة من أبرز الأزمات التي أثرت على صورة الدوري ومكانته.
بات الدوري الإيطالي وجهة مفضلة للكثير من اللاعبين المميّزين


فترة السبات استمرت حوالى 10 سنوات وأكثر بقليل، ولكن قبل موسمين بدأت الحياة تعود تدريجياً إلى إيطاليا ودوريها. صفقات كثير أبرمتها الأندية خلال فترات الانتقالات الصيفية والشتوية، وربما كان أبرزها انتقال أفضل لاعب في العالم في خمس مناسبات كريستيانو رونالدو في الموسم الماضي إلى نادي «السيدة العجوز». 100 مليون يورو، رقم لم تعتد الجماهير الإيطالية على سماعه، وهذا ما يؤكّد أن التغيير حصل فعلاً في بلاد البيتزا، ولو أن يوفنتوس يبقى حالة خاصّة مختلفة عن باقي فرق الـ«كالشيو». مع قدوم «الدون»، فُتح الباب للعديد من اللاعبين الذين كان قد سيطر التردد عليهم قبل التفكير في الانتقال إلى إيطاليا. رونالدو، أصبح واجهة لهذا الدوري، نظراً للشعبية الكبيرة التي يتمتّع بها البرتغالي المميّز. هذا الأمر عاد بالكثير من الإيجابية على الدوري الإيطالي. يضاف إلى ذلك، عامل «الصبر»، الذي فقدته جماهير اعتادت على فرقها في المقدمة الأوروبية والمحلية دائماً. فريقا ميلان وإنتر ميلانو هما ناديا المدينة الوحيدة في العالم التي فاز قطباها بدوري أبطال أوروبا، طال غيابهما كثيراً، ممّا أدّى إلى مطالبة الجماهير بحدوث «ثورة» إدارية وفنية، تعيد هذين الكبيرين للمنافسة المحلية من جديد. وفي الحديث عن التعاقدات، دخل نادي ميلان فترة الانتقالات بأفضل الطرق الممكنة، وتعاقد مع أسماء مهمة لتشكيلة المدرب الجديد ماركو جيانباولو. أسماء كأفضل لاعب في بطولة كأس الأمم الأفريقية اسماعيل بن ناصر، الذي لفت أنظار الجميع في المسابقة القارية، والذي ارتبط اسمه بآرسنال الإنكليزي، إلّا أن ميلان أصر على ضم النجم الجزائري. ميلان ضم أيضاً لاعبين كانوا ينشطون مع أندية منافسة في الدوري المحلي، فدفع 8 ملايين يورو من أجل ضم نجم نادي إمبولي البوسني رادي كرونتشن، وكذلك ثيو هيرنانديز من ريال مدريد. أمّا بالنسبة إلى الغريم التقليدي إنتر ميلانو، فبقدوم المدرب القدير انطونيو كونتي، وقع النادي الثاني في ميلانو مع العديد من اللاعبين الإيطاليين كنيكولو باريلا وستيفانو سنسي، اللذين كانت لديهما عروض من خارج إيطاليا، وهذا ما يدل على الثقة التي يكنّها هؤلاء اللاعبون لدوريهم المحلي الذي يعيش فترة جيدة مقارنة بالسنوات الماضية.
أمّا بالنسبة لأندية أخرى كنابولي، فقد أصبحت فترات الانتقالات الصيفية والشتوية، باباً لقدوم اللاعبين المميزين، مقارنة بالسنوات الماضية. حديث رئيس نادي الجنوب الإيطالي أوريليو دي لورينتيس قبل أيام عن العمل للتعاقد مع جيمس رودريغيز، يبعث الروح في جماهير هذا النادي. في حال عدم حدوث هذه الصفقة، يبقى التفكير في التعاقد مع لاعب بقيمة قائد المنتخب الكولومبي أمراً غير اعتيادي بالنسبة لنابولي. أضف إلى ذلك الاحتفاظ بنجم الفريق المدافع السنغالي كاليدو كوليبالي، الذي وصلت قيمته السوقية إلى 100 مليون يورو، رغم ذلك، استقر أحد أفضل مدافعي العالم في الكالشيو، في ظل عروض «فلكيّة» من أندية إنكليزية عدّة. ولتدعيم دفاعاته، تعاقد نادي الجنوب مع كوستاس مانولاس من روما، ليكون إلى جانب «الصخرة» كوليبالي.
ومن الأمور البارزة هذا الموسم أيضاً، تعاقد يوفنتوس مع النجم الهولندي ماتياس دي ليخت، الذي اختار يوفنتوس على حساب كبار أندية القارة، كبرشلونة وبايرن ميونيخ ومانشستر يونايتد. وتعاقد أيضاً مع آرون رامسي وأدريان رابيو في صفقتين مجانيتين.
كل ذلك إذا دل على شيء، فسيكون على أن إيطاليا عائدة إلى الواجهة من جديد، على صعيد الانتقالات والأسماء الكبيرة التي ستلعب في فضاءات الـ«كالشيو»، كما على صعيد المنافسة المحلية بين نابولي وإنتر ميلانو ونابولي، ومن ورائهم يأتي ميلان القادر على صنع المفاجأة.
وبالنسبة إلى الإيطاليين يبقى من الأمور المهمة، الفوز بدوري أبطال أوروبا، وهذه المهمة يحملها نادي يوفنتوس على أكتافه هذا الموسم، نظراً إلى الأسماء المميّزة التي يضمها.