مدريد | لم يحتج مدرب منتخب لبنان الجديد لكرة القدم، الروماني ليفيو تشيوبوتاريو، إلى الكثير من الوقت حتى يضع بصمته على التشكيلة والأداء. مباراتان فقط ضمن بطولة غرب آسيا، أمام العراق وسوريا توالياً، كانتا كافيتين لإظهار التغيير على مختلف الأصعدة.المنطق يقول إن الوقت لا يزال مبكراً للحكم، أو وضع تقييم نهائي لفلسفة تشيوبوتاريو مع منتخب لبنان، ولكن الامر الواضح تماماً هو الاختلاف الفني بين الحقبة الجديدة، وحقبة المدرب السابق للمنتخب المونتينيغري ميودراغ رادولوفيتش، التي تنقسم الآراء في الشارع الكروي اللبناني حول نجاحها من عدمه.
تأثير وصول بشيوبوتاريو انعكس فوراً على المنتخب، فبدا أكثر جرأة على الخصم، كما عمل المدرب على بناء شخصية جديدة وشجاعة للفريق داخل المستطيل الأخضر. ترجمت تلك الجرأة عن طريق الهجمات، والفرص التي بادر لاعبو المنتخب الى محاولة صنعها منذ الدقيقة الأولى، خاصة خلال اللقاء الثاني أمام المنتخب السوري ليل الجمعة ــ السبت. تعليمات المدرب الروماني كانت واضحة، بعدم انتظار الخصم، وتسليمه زمام المبادرة منذ البداية، والاكتفاء برد فعل «خجول» كما كان يحصل سابقاً. المنتخب اليوم يبادر ويلعب كرة قدم بأسلوب جيد، ومن دون خوف أو حذر مبالغ به.
وبالحديث عن كرة القدم، لم يقتصر التغيير الذي أحدثه تشيوبوتاريو ومساعدوه على الجانب النفسي فقط، بل طال الجانب الفني. استبدال الرسم التكتيكي واللعب بأربعة مدافعين بدلاً من خمسة كان المفتاح الأول، وأسهم بالفعل في إضافة حركية وديناميكية غابتا عن منتخب لبنان خلال بطولة آسيا الأخيرة. وفي مباراة سوريا الأخيرة، لعب الظهيران دوراً مهماً للغاية، خاصة ظهير نادي العهد الأيمن حسين زين، الذي قدم أداءً مميزاً على الصعيدين الهجومي والدفاعي في مشاركته الأولى مع المنتخب، بينما عانى حسن شعيتو «شبريكو» دفاعياً بعض الشيء، خاصةً في الشوط الثاني.
تبديلات المدرب الروماني خلال المباراة الأخيرة آتت ثمارها


تبديلات المدرب الروماني آتت ثمارها؛ فعلى الرغم من عدم تسلم محمد حيدر كثيراً للكرة، قام بعمل جيد خلال المباراة، وصنع الفارق بفضل تحركاته في عرض الملعب، وهو الأمر الذي أسهم في خلق المساحات لزملائه في الهجوم، وترجم هذا الامر بهدف حسن شعيتو «موني» الذي أعطى لبنان النقاط الثلاث.
وما يمكن ملاحظته أيضاً، هو أن حسن معتوق وربيع عطايا، لا يزالان مصدر الخطورة الأول، بفعل مهارتيهما الفردية، وقدرتيهما على الابتكار. حسنات معتوق وعطايا الكثيرة، ربما تؤثر عليها نقطة واحدة، وهي الاحتفاظ المبالغ فيه بالكرة في بعض المحطات، خاصة أمام سوريا، وهو ما أدى الى إبطاء وتيرة اللعب، أو خسارة الكرة، وإجبار زملائهما على الارتداد الدفاعي السريع. هذا الأمر في حال تكراره دائماً، يمكن أن يسبّب الإرهاق للاعبين، خاصة أن جدول المباريات مضغوط جداً، واللاعبين لا يحصلون على القدر الكافي من الراحة بين المباراة والأخرى.
ومن النقاط التي يجب التوقف عندها أيضاً في المباراتين هي عدم استغلال الفرص التي سنحت للاعبين، وخاصة في بداية الشوط الأول في مباراة سوريا الأخيرة، وهذا الأمر إن دل على شيء، فهو على حاجة المنتخب الى رأس حربة صريح قادر على التسجيل من أنصاف الفرص. وتبقى الأخطاء الفردية وقلة التركيز نقطتان ينبغي العمل عليهما من قبل الجهاز الفني، فهذان العاملان يمكن أن يقلبا مجريات أي مباراة، كما أن الأخطاء يمكن أن تهدر عمل المجموعة، والجهد الكبير الذي يقدم.
ما صنعه تشيوبوتاريو ومساعده جمال طه، ومعهما كل الجهاز الفني، يعطي انطباعاً إيجابياً لدى المراقبين. ورغم هذا، يبقى أن من المبكر إصدار الأحكام النهائية، لأن الطريق لا يزال في بدايته. البناء على الإيجابيات وإعطاء بعض اللاعبين الحرية، وعدم تكبيلهم بواجبات دفاعية مبالغ فيها أحياناً هي الأهم، من أجل أن يذهب المنتخب بعيداً في التصفيات الآسيوية ــ المونديالية المزوّدة التي تنطلق بعد أسابيع قليلة.